رئيس التحرير
عصام كامل

عصابة «الدية».. محام ورجل أعمال يتورطان في قضية تزوير طمعا في «حق الدم».. «إلهام» تستخرج بطاقة مزورة لزوجة القتيل.. وموظف بالسجل المدني يكتشف الواقعة بالصدفة

فيتو

الصدفة وحدها كانت وراء الكشف عن واحدة من أغرب جرائم التزوير والنصب، المرتبطة بجريمة قتل وقعت قبل سنوات لمصري في إحدى الدول العربية.. فبعد سنوات من جريمة القتل، أرادت أرملة القتيل استخراج بطاقة رقم قومى جديدة، لتكتشف أن امرأة أخرى استخرجت بطاقة باسمها واستولت على دية زوجها مقابل التنازل عن حق الدم والعفو عن القاتل المحكوم عليه بالإعدام.. أسرعت الأرملة بتقديم بلاغ إلى الأجهزة الأمنية للتحقيق في تلك الواقعة، لتظهر تفاصيل ومفاجآت غاية في الإثارة يرويها محقق "فيتو" في السطور التالية:


الواقعة
أحداث الواقعة الغريبة، بدأت قبل سنوات، عندما سافر "السعيد" وشقيقه "أحمد" للعمل في إحدى الدول العربية، وهناك عملا في جراج يمتلكه أحد الأثرياء.. في البداية سارت أحوالهما بشكل طبيعى، وشعرا أن الحياة مقبلة عليهما، ولكن بعد فترة بدأ الثرى يسيء معاملتهما ويتعمد إهانتهما بالسباب والشتائم.. وفى إحدى المرات نشبت مشادة كلامية بين "السعيد" وصاحب العمل، تطورت إلى تشابك بالأيدى، فما كان من الثرى العربى إلا أن أحضر مجموعة من معارفه والعاملين لديه، وانهالوا ضربا على الشقيقين، ثم أوثقوا "السعيد" إلى "عامود" خرسانى في الجراج، وقام صاحب العمل بصدمه عدة مرات بسيارته على مرأى ومسمع من شقيقه "أحمد" الذي كان مقيدا هو الآخر بالقرب منه، وبعد الانتهاء من هذه الجريمة البشعة فر الجانى هاربا، فيما انطلق أحمد بشقيقه إلى المستشفى في محاولة لإنقاذه إلا أنه فارق الحياة في الطريق.

التحريات
تم إبلاغ السلطات المختصة في تلك الدولة بالحادث، والتي كثفت تحرياتها وجهودها إلى أن تمكنت من إلقاء القبض على القاتل، وأحالته إلى جهات التحقيق ومنها إلى المحكمة التي أصدرت حكما بإعدامه.. لم تتقبل أسرة الجانى هذا الحكم، وبدأت تتواصل مع أسرة القتيل في محافظة الغربية، وعرضت عليهم مبالغ مالية ضخمة، على سبيل الدية مقابل العفو عن القاتل، غير أن الأسرة رفضت وأصرت على القصاص من قاتل "السعيد" وتنفيذ حكم الإعدام فيه، ولكن وفقا لقوانين تلك الدولة، فإن تنفيذ حكم الإعدام يتأخر بعض الوقت.

لم ييأس أقارب الجاني وظل شقيقه يفكر في وسيلة يمكن من خلالها إنقاذ رقبة شقيقه.. في هذه الأثناء تعرف على شخص مصرى يدعى "صدام"، وتحدث معه في قضية شقيقه، وطلب مساعدته في إقناع أسرة القتيل بقبول الدية، أو إيجاد أية وسيلة لمنع تنفيذ حكم الإعدام، وذلك مقابل مبلغ مالى كبير.

عاد «صدام» إلى مصر وبدأ جمع المعلومات عن أسرة القتيل في إحدى قرى محافظة الغربية، إلى أن تعرف على رجل أعمال ومحام على صلة قوية بالأسرة، ويعلمان تفاصيل القضية وملابساتها من البداية والنهاية.. التقاهما وأخبرهما بالعرض المقدم له من شقيق القاتل، وطلب مساعدتهما في إيجاد طريقة لإقناع الأسرة بقبول الدية، نظير مشاركتهما في المبلغ الكبير الذي سيحصل عليه.

أخبره المحامى ورجل الأعمال بأن الأسرة أغلقت هذا الموضوع ولن تقبل الدية نهائيا، وعليهم أن يفكروا في حيلة جديدة لإنقاذ القاتل من الإعدام.. بعد تفكير طويل اتفقوا على البحث عن سيدة شديدة الشبه بزوجة المجنى عليه، واستخراج بطاقة رقم قومى مزورة لها باسم زوجة القتيل، ثم توقع على إقرارات قبول الدية، واستخراج التوكيلات الرسمية اللازمة لتسوية القضية.. وبالفعل توصلوا إلى امرأة تدعى "إلهام"، واتفقوا معها على كل التفاصيل، ونجحوا في تنفيذ المخطط واستخرجوا البطاقة المزورة لها، ثم اصطنعوا توكيلا مزورا باسم والد القتيل، وتنازلوا بموجب تلك المستندات المزورة عن حق الدم مقابل الدية، وحصل هؤلاء على مبلغ الدية لأنفسهم، بالإضافة إلى مبلغ آخر نظير إنهاء القضية، وحصول المجرم على العفو من الإعدام.

زواج
بعد عامين تقريبا ووفقا لما جاء في محاضر تلك الواقعة، أقنعت أسرة "السعيد" أرملته بالزواج من شقيقه حفاظا على أولادها واستقرار الأسرة، وتم الزواج بالفعل، وأرادت أن تغير صفتها في بطاقة الرقم القومي من أرملة إلى متزوجة، وأثناء اتخاذ إجراءات استخراج البطاقة الجديدة، أخبرها الموظف بأنها استخرجت بطاقة منذ عامين ولكن ببيانات ومعلومات مختلفة.. أكدت له أنها لم تستخرج أي بطاقات منذ سنوات طويلة، ولا بد أن هناك أمرا غير طبيعى في هذا الموضوع.

أخبرت الأسرة بما حدث وعلى الفور أيقنوا أن هناك من تلاعب بهم وانتحل صفة الزوجة وقبل دية "السعيد".. اتصلوا بأحد معارفهم يعمل في الدولة المشار إليها، وطلبوا منه معرفة آخر تطورات قضية مقتل ابنهم قبل سنوات، فأخبرهم بأن القاتل خرج من محبسه بناء على تصالح وقبول الدية من أسرة القتيل.. وقعت الكلمات كالصاعقة على مسامع كل أفراد الأسرة، وتوجهوا على الفور إلى مركز الشرطة وحرروا محضر ذكروا فيه كل التفاصيل.

بدأ رجال المباحث في جمع التحريات والمعلومات حول تلك الواقعة الغريبة، وكان هدفهم الأساسى هو التوصل إلى العصابة التي زورت بطاقة الرقم القومى الخاصة بزوجة القتيل، كما تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة والتنسيق مع الجهات الأمنية بالدولة التي شهدت الجريمة، وتوصلت جهود البحث إلى تحديد هوية الجناة.. وبناء على إذن من النيابة العامة، تمكن رجال المباحث من إلقاء القبض على "إلهام" والمحامى، فيما يكثف رجال الأمن جهودهم لضبط باقى المتهمين.. تم تحرير المحضر اللازم بالواقعة وأخطرت النيابة العامة لمباشرة التحقيق.

"نقلا عن العدد الورقي..."...
الجريدة الرسمية