رئيس التحرير
عصام كامل

د. عواطف عبد الرحمن: كل ما قاله هيكل عن علاقته بعبد الناصر قبل الثورة.. غير صحيح

فيتو


  • سقطة عبد الناصر هي غياب الديموقراطية
  • السادات أراد لأكتوبر أن تكون حرب تحريك لا حرب تحرير
  • مبارك اعتبر أنه طالما الأمن بقيادة الألفى ثم العادلى تحت يده فليتحدث ويعارض من يريد
  • الانتكاسة الحقيقية وطنيا لثورة يوليو بدأت بالنتائج التي آلَ إليها انتصار حرب أكتوبر 73 ومفاوضات الكيلو 101
  • زيارة السادات للقدس كانت بمثابة التخلى عن كل التراث الوطنى والعداء للصهيونية الذي أرساه عبد الناصر
  • يوم اغتيال السادات اليساريات بسجن القناطر صلين صلاة شكر.. والإسلاميات خلعن ملابسهن وهات يا رقص
  • النبوى إسماعيل أعطى أمرا بالإفراج عن المتسولين وإيداعنا عنبرهم بالقناطر
  • علي حمدى الجمال ضحية السادات
  • السادات لعب بفكرة الأحزاب ولم يهمه الشعب بقدر ما أهمه رضا الغرب
  • ** جدتى "صفصافة" الكفيفة علمتنى الحياة!
  • ** شاركت في صدور أول عدد من جريدة صوت الجامعة 1958
  • ** يوسف صديق كان أكثر أعضاء مجلس قيادة الثورة استنارة
  • ** خالد محيى الدين كان الأقرب إلى قلب عبد الناصر.. وثروت عكاشة قدم الكثير للثقافة المصرية
  • ** عبد الناصر وطنى جسور انتمى للفقراء والبسطاء
  • ** عام 61 كان أنسب وقت لإعلان حزب الثورة وعودة الحياة الحزبية
  • ** مجلة الطليعة كانت تمثل اليسار.. والأهرام الاقتصادي والسياسة الدولية تعبر عن اليمين
  • ** الدولة فجرت الأحزاب من داخلها عن طريق الأمن
  • ** تجربة الأحزاب فاشلة لأنها بدون قاعدة وبدأت من أعلى الهرم
  • ** فساد وسرقات ونهب وتبعية.. ملامح عصر مبارك
  • ** الجمعيات الأهلية ليس لها أي دور إيجابى ولا بد أن تتحرر من الحكومة ويكون المراقب مجلس النواب
  • ** أحب عبد الحليم حافظ.. ولكن لا أنسى محاربته لكمال حسنى
  • ** تبهرنى أم كلثوم بصبرها وكفاحها وفرض نفسها على الجميع
  • ** كنت أحب الكرة عندما كانت جزءا من الرياضة.. ولكنها أصبحت جزءا من البزنس



أجرى الحوار: محمد نوار
تصوير: جهاد محمد

خُلِقت لتكون متمردة وثائرة ومناضلة ويسارية وداعية للحرية ومدافعة عنها حتى لو كان الثمن هو السجن، تم القبض عليها في زمن عبد الناصر لأن الأمن وجد اسمها في أجندة سامى خشبة الذي كان قد تم القبض عليه، بعدها طلب هيكل استبعادها من الأهرام حتى لا تتسبب في حرج له مع عبد الناصر، وكانت في المجر عندما علمت بأنها من ضمن الشخصيات التي أصدر السادات قرارا باعتقالها في سبتمبر 81.
 كانت في المجر وقررت العودة إلى مصر قائلة: "سجن بلدى أحسن من الحياة في أوروبا". ولأن الفضيلة عندها لا تتجزأ فقد رفضت شقة هدية من الوزير حسب الله الكفراوى بعد الإفراج عنها في زمن مبارك تعويضا لها عن اعتقالها وعزلها من الجامعة.
 عندما تزوجت أدركت أن الزواج مجرد زنزانة، وسعت بعد فترة قصيرة إلى البحث عن حريتها المنشودة، أصدرت 43 كتابا في مجالات الإعلام والمرأة والصحافة والسلطة.
 ترى أن سقطة عبد الناصر هي غياب الديموقراطية وأن فترة حكمه كانت بمثابة التوهج الثورى والاجتماعى وإقرار العدالة الاجتماعية وأنه حقق خمسة من أهداف ثورة يوليو الستة، أما السادات فترى أنه أراد لأكتوبر أن تكون حرب تحريك لا حرب تحرير، وأن الانتكاسة الحقيقية وطنيا لثورة يوليو بدأت بالنتائج التي آلَ إليها انتصار حرب أكتوبر 73، ومفاوضات الكيلو 101، وكانت زيارته للقدس بمثابة التخلى عن كل التراث الوطنى والعداء للصهيونية الذي أرساه عبدالناصر في الأجيال المتعاقبة.
وترى أن مبارك اعتبر أنه طالما الأمن بقيادة الالفى ثم العادلى تحت يده والاقتصاد تحت يده الأخرى فليتحدث وليعارض من يريد، وتؤكد أن من يدافع عن كامب ديفيد أحد اثنين؛ إما صاحب مصلحة مشبوهة فيما حدث، أو ليس لديه الوعي الكافي، نحن في كارثة بسببها نحتاج سنوات وسنوات حتى نجتازها، والاتفاقية كان المفروض تراجع بعد 25 سنة من التوقيع ولكن لم يحدث وهذه من كوارث عهد مبارك.

المناضلة الدكتورة عواطف عبد الرحمن لا تتحدث للإعلام ولا تظهر فيه عزوفا وإحجاما، لكننا نجحنا في إقناعها بالحديث لـ "فيتو" في حوار للتاريخ عن مصر الماضى والحاضر والمستقبل باعتبارها واحدة من المهمومين بهذا الوطن.

*هل بالفعل تم اعتقالك أيام عبد الناصر؟
"نعم.. تم القبض عليّ، وجدوا اسمى في أجندة سامى خشبة الذي كان قد تم القبض عليه، وقضيت خمسة أيام في السجن ولكنها الأسوأ في حياتى، لأن سامى خشبة صديق وزميل وطبيعى أن يكون اسمى عنده، بعدها طلب هيكل استبعادى حتى لا أتسبب في حرج لهيكل نفسه مع عبد الناصر".

*هل نشأتك في الصعيد أثرت على تكوينك الفكرى وخلقت بداخلك نوعًا من التمرد – إن صح التعبير -؟
أنا بنت الصعيد، ولدت في قرية الزرابى في حضن الجبل الغربى بأسيوط، قضيت فيها سبع سنوات كان لها تأثير كبير في حياتى الاجتماعية والسياسية بعد ذلك، تربيت في أحضان جدتى خالة أمى نظرا لسفرها كثيرا للقاهرة، كانت تتركنى مع جدتى الكفيفة بالشهور، لهذا كان تعلقى الشديد بها وحبى الكبير لها، ولكن كنت أعانى في طفولتى من الدادة هنا التي لم تأخذ شيئا من اسمها لقسوتها معى وعندما كنت أشكو لجدتى كانت تؤكد أنها تريد أن تتعلمى، تعلمت من جدتى الكثير والكثير وأقل رد جميل لها أننى أطلقت اسمها على كتاب سيرتى الذاتية "صفصافة"، وهو اسمها، واعتقد البعض أنى أقصد شجرة الصفصاف المعروفة التي تحمينا من الشمس، وكان الإهداء "إلى جدتى صفصافة التي لم يبتسم لها الدهر ولم يمنحها الزمن ما تستحقه".

*ما قصة التحاقك للعمل بجريدة الأهرام وزواجك من الصحفى ممدوح طه؟
فترة الجامعة تحتاج مجلدات للحديث عنها، فمثلا أول عدد من مجلة صوت الجامعة عام 1958 صدر تحت إشراف د. إبراهيم أمام، وكان رئيس التحرير زميل لنا، وكنا من السنة الثانية نذهب للتدرب في الصحف، تعلقت بالثورة الجزائرية، من خلال مجلة من صفحتين كانت تصلنا من الزملاء الجزائريين، وتعلقت بـ "شواين لاي" والفكر الاشتراكي، وكانت دفعتنا يطلق عليها الدفعة الأيديولوجية ليلى الشال زوجة د. رفعت السعيد، سامى خشبة، عفت الشال، حسين شعلان، نبيل عبدالحميد.

وكنتُ متفوقة، فوجئت بأن د. خليل صابات، عميد الكلية، استدعانى أنا والزميل عزيز عزمي باعتبارنا الأوائل على القسم، وبلغنا أن "الأهرام" طلبت الأوائل وتم ترشيحنا، واعتذر عزيز لأنه تقدم للعمل في الجامعة العربية، وقال د. خليل صابات: سأمر عليك غدًا يا عواطف لأذهب معك للأهرام، وقدمنى لرئيس قسم الأخبار ممدوح طه، الذي عرفت أنه عمود الجريدة، وأنه الأقرب لعبد الناصر من هيكل ويعرفه قبل هيكل، وللعلم كل ما قاله هيكل عن أنه كان يعرف جمال عبدالناصر قبل الثورة كلام غير صحيح، وطبيعي أن يصدر هذا الادعاء من هيكل تربية "أخبار اليوم" والأمريكان.

ثم سافرت الجزائر لمدة أربعة شهور في بداية إعداد الماجستير عن "الصحافة والثورة الجزائرية"، وساعدنى في ذلك الأستاذ لطفى الخولى بعلاقاته في الجزائر، وتركت أولاد ممدوح وابنى هشام في رعاية أمى.

*لماذا فشل زواجك؟
حدث لى انهيارات عصبية بعد الزواج، تركت "الأهرام" وتفرغت للماجستير والأولاد والبيت، ولكن العبء الأسرى كان غير عادي، أنا تزوجت في بيت زوجى الصحفى ممدوح طه القديم، كل ركن فيه ليس أنا، كنت أنظر للمرايا لا أجد نفسى وأرى إنسانة أخرى، وكان د. أحمد عكاشة يتابعنى ويشفق على حالي، إلى أن قال لى ذات مرة: انتي راكبة اتوبيس خطأ، يقف في محطات ولا تنزلى منه، سيستمر الوضع هذا إلى أن تصطدمى بحائط سد، ولن تستطيعي وقتها العودة أو النزول، نزلت من عيادة د. عكاشة، وقطعت شارع الشواربي والدموع تنزل من عينى، ركبت تاكسى، لاحظ السائق بكائي، فقال: الدنيا مش مستاهلة يا بنتى! نزلت من التاكسي، وقد قررت الانفصال.. التجربة كانت خطأ مني، عبء ثلاثة أبناء ليسوا أبنائى، كانت مشكلتى في تربية هشام.

*ما سر اهتمامك بأفريقيا؟
اهتمامى بأفريقيا بدأ في طفولتى، كان عندنا في القرية عبد افريقى اسمه عبدالكريم، كان يقول إن أجداده كانوا ملوك بلد أبعد من السودان، كان يحكى قصصًا عن أجداده قبيلة "مودبو" الذين تم اختطافهم وحكايات كثيرة، وأفاجأ بعد أن ذهبت إلى المعهد الأفريقى أن جميع الحكايات التي سمعتها من عم عبدالكريم، كانت من التراث الشعبى الأفريقى وأن قبيلة "مودبو" من أكبر القبائل في مالى، ومن هنا أستطيع أن أقول: عم عبدالكريم زرع وردة أفريقيا في قلبى فأنا مسحورة بالحكايات الشعبية الأفريقية، مع العلم أننى قدمت ثمانية كتب عن أفريقيا من مجموع 43 كتابا لى، بالإضافة إلى الكتب في مجالات الإعلام والمرأة والصحافة الدولية، الصحافة وعلاقتها بالسلطة إلى آخرها من الموضوعات المتنوعة.

*يقولون إن عبد الناصر كان "عظيم الإنجازات.. عظيم الخطايا".. هل تتفقين مع هذه المقولة؟
فترة عبد الناصر كانت بمثابة التوهج الثورى والاجتماعى وإقرار العدالة الاجتماعية، وقد حقق خمسة من أهداف ثورة يوليو الستة، أما الهدف الذي لم يتحقق هو إقرار حياة ديمقراطية سليمة، وكان مستحيلا إقامتها من خلال شخصية عبدالناصر ابن المؤسسة العسكرية والإيمان بالآخر والديموقراطية.. كان وطنيا جسورا انتمى إلى الفقراء والبسطاء من خلال مجانية التعليم والإصلاح الزراعى ولكن سقطته غياب الديموقراطية.

وفي تقديرى أن العناصر المستنيرة في مجلس قيادة ثورة يوليو خالد محيي الدين ويوسف صديق وثروت عكاشة وجمال عبد الناصر، عندما عرض يوسف صديق العودة للثكنات في بداية الثورة كان عبدالناصر وافق على الاقتراح إلا أن الخلافات بين الأعضاء كانت كبيرة لدرجة كانت تهدد بالتقاتل بين الأسلحة مثل الفرسان والبوليس الحربى وغيرهما فتراجعت فكرة يوسف صديق التي تتلخص في عودة الجيش للثكنات وتكوين حزب بقيادة عبدالناصر وانتصرت الأغلبية برفض الفكرة.

وفي تقديري، كانت الفرصة سانحة تماما لعبدالناصر ورجال ثورة يوليو لإقامة حياة حزبية بعد انجازات الثورة الهائلة والتأميمات في 1961 بعد القرارات الاشتراكية، وحزب الثورة كان سيحصل على الأغلبية ويحمى الثورة وإنجازاتها.

ويوسف صديق لم تستفد منه مصر وابتعد قسرا، أما ثروت عكاشة فأدى دورا كبيرا ومميزا في الثقافة المصرية وله بصمات حتى الآن، أما خالد محيي الدين الراقى جدا جدا فقد ابتعد اختيارا، واستدعاه عبدالناصر عندما احتاجه، وأسس جريدة المساء وفي مواقع أخرى.

*هل تعرضت ثورة يوليو لانتكاسة بعد رحيل عبد الناصر؟
الانتكاسة الحقيقية وطنيا لثورة يوليو بدأت بالنتائج التي آلَ إليها انتصار حرب أكتوبر 73، ومفاوضات الكيلو 101، وثبت أن السادات أراد حرب تحريك لا حرب تحرير، ثم في 74 بإعلان انفتاح السداح مداح ومقولته "الذي لن يغتنى في عصرى لن يغتنى" وإعلان أن أمريكا تملك 99% من أوراق القضية، وانتفاضة 18 و19 يناير 1977 اعتراضا على سياسته الاقتصادية، وكان واضحا أنه يدمر كل منجزات عبد الناصر، وللأسف كانت زيارته للقدس بمثابة التخلى عن كل التراث الوطنى والعداء للصهيونية الذي أرساه عبدالناصر في الأجيال المتعاقبة ونحن منهم.

* كيف تم اعتقالك في سبتمبر 81 ؟
عندما صدرت قرارات الاعتقال لنا 1981، كنت في زيارة للصديقة رضوى عاشور في المجر، وكان ابنى هشام لأول مرة يسافر معى، وهذا من أسباب جعل الأمر صعبا عليّ، فقررت العودة إلى مصر وحاول الأصدقاء الموجودون في فرنسا منعى من العودة لمصر إلا أننى رفضت تماما وقلت: "سجن بلدى أحسن من الحياة في أوروبا.. كيف أعيش في أوروبا كلاجئة والسادات يمكن يحكم عشر سنين كمان".

عندما وصلت وجدت طليقى الصحفى ممدوح طه على سلم الطائرة وبيده الجريدة التي نشرت صورتى ضمن المعتقلين، أول ما خطر على بالى أن يكون حدث مكروه لوالدتى، فسألته عنها فأخبرني أنه قادم لأخذ هشام. وعندما وصلنا لاظوغلى ورحب الضابط بنا ثم قال احنا بس عايزين ورقة فيها استنكار نقدمها للرئيس! وهنا ثارت والدتى في وجهه وقال: ورقة إيه؟ بنتى وطنية من بيت وطنى، بلغ الرئيس أنها بنت أخت محمد فهمى الذي استضافك عنده سنة ونصفًا عندما كنت هاربا في قضية أمين عثمان ومهددًا بالإعدام.. وإذا لم تبلغه أنا سأرسل له جواب بكدة! علق الضابط موجهًا كلامه لي: الحاجة أجابت بدلًا منك، الطريف أن أحد وكلاء النيابة اعترف لي بعد ذلك، أنهم لم يستطيعوا توفير ملفات اتهام لهذا العدد، وجدنا لنحو 700 والباقى تم القبض عليه بدون ملفات اتهام.

*كيف استقبلتم خبر اغتيال السادات وأنتم في السجن؟
قضيت ثلاثة أشهر في السجن، أثناء ترحيلنا لسجن القناطر، لم يكن لنا مكان، فأعطى النبوى إسماعيل أمرًا بالإفراج عن المتسولين وإيداعنا العنبر بدلًا منهم، كان معي نوال السعداوي، وأمينة رشيد، وصافيناز كاظم، وكانت هناك محاضرات وندوات وحوارات يومية منذ الصباح وحتى المساء، كانت فترة مفيدة جدًا لنا جميعًا، إلى أن تم اغتيال السادات ويومها كان صعبًا علينا، عرفنا أنه أصيب في ساقه فقط، وهذا كان يعني أنه سيعود وينتقم، ثم تأكد لنا موته، من طرائف هذا اليوم أن اليساريات قمن بصلاة شكر، والإسلاميات قمن بخلع ملابسهن وهات يا رقص.

*كيف ترين أوضاع الصحافة في مصر أيام ناصر والسادات ومبارك؟
الصحافة والسلطة قضية مهمة، في عصر عبد الناصر كانت "الأهرام" تمثل صوت الدولة وعبد الناصر، ومجلة "الطليعة" تمثل اليسار، ومجلة الأهرام الاقتصادي ومجلة السياسة الدولية يمثلان اليمين، وعندما فكر السادات في إيهام الغرب بأنه رجل ديموقراطى سمح بالمنابر يمين ويسار ووسط ثم تحولت إلى التجمع والأحرار وحزب مصر– حزب الحكومة -، ثم تحول حزب مصر إلى الحزب الوطنى.

الصحافة في عصر السادات كانت قائمة على الانتقام حتى من صحف الأحزاب التي سمح بها، وكلنا نتذكر ما كان من مصادرة أسبوعية لجريدة الأهالي، بالإضافة إلى قيادة موسى صبرى وسعده وغيرهما لمحاولات تشويه عبدالناصر والنيل من إنجازات الخمسينيات والستينيات، أغلق مجلة الكاتب وأصبحت مجلة الطليعة إلى الشباب! وتعامل مع الصحفيين بأسلوب غير راق، وعلى حمدى الجمال ضحية السادات، عندما نهره وأهانه أمام الصحفيين والوفد المرافق له لأمريكا، مما تسبب في حدوث صدمة للصحفى المهذب وسقط ميتًا بعدها بساعات.

*كيف كانت بدايتك مع عهد حسنى مبارك؟
بداية حسنى مبارك معنا جيدة، أخرجنا من الاعتقال فيما سمى بمذبحة سبتمبر 81، واجتمع بنا ووعدنا بأن هناك حرية وانطلاقة للديموقراطية، وكان قرار الاعتقال معه قرار عزل من الجامعة وتعيينى في وزارة الإسكان والتعمير، فذهبت إلى وزارة الإسكان وأنهيت قرار نقلى عندهم وعدت للجامعة، وجدت الوزير حسب الله الكفراوى مرحبا بى وقدم لى شقة هدية متواضعة، شكرته ورفضت الهدية وأبلغته أن لى بيتا في القاهرة وآخر في قليوب.

والعشر سنوات الأولى كنا نحترم في مبارك عدم زيارته للكيان الصهيونى، ولكن كتيبة إبراهيم نافع وإبراهيم سعدة وسمير رجب هؤلاء خدمت السلطة، مع بداية التسعينيات كان الفساد قد استشرى بهدوء في كل شيء بما فيها الصحافة، والحقيقة أنه ترك من يتكلم يتكلم واعتبر أنه طالما الأمن بقيادة الالفى ثم العادلى تحت يده والاقتصاد تحت يده الأخرى فليتحدث من يريد، وزى ما قال "خليهم يتسلوا".

والدولة في زمن مبارك لم تترك الأحزاب في حالها، ولكن تم اختراقها عند طريق الأمن، وتفجيرها من الداخل، في الوقت الذي ترك الإخوان يتعاظم رأسمالهم ويستشرى نفوذهم في كل النقابات والوزارات، والتجربة الحزبية المصرية فشلت فشلا ذريعا، لأنها لم تبن على أساس صحيح، الأحزاب تؤسس من القاعدة إلى القمة، وهذا حدث العكس، وبالتالي فشلت، والسادات لعب بفكرة الأحزاب، ولم يهمه الشعب بقدر ما يهمه رضا الغرب عنه، ومبارك لم يضف شيئا، ولكن زاد الفساد والسرقات والنهب والتبعية لأمريكا، كل هذا بهدوء، حتى بيع تراث عبدالناصر من المصانع وتحكم رجال مافيا وتجارة السلاح والعمولات، ظهر كل عناصر الفساد.

والذي يدافع عن كامب ديفيد أحد اثنين، صاحب مصلحة مشبوهة فيما حدث، أو ليس لديه الوعي الكافي، نحن في كارثة بسببها نحتاج سنوات وسنوات حتى نجتازها، والاتفاقية كان المفروض تراجع بعد 25 سنة من التوقيع، ولكن لم يحدث، وهذه من كوارث عهد مبارك.

وأظن أن خريطة المنطقة ستتغير والممالك ستصبح جمهوريات، ولكن يهمنا أن الكيان الصهيوني سيختفي في 2050 وسيكون لإيران دور مهم في ذلك.

*ماذا عن الجمعيات الأهلية؟
الجمعيات الأهلية لا دور إيجابى لها.. فاشلة ولن تنجح إلا من خلال إبعاد الحكومة عنها وتكون الرقابة عليها من مجلس النواب والمحليات المنتخبة انتخابا حرا، أما الآن فلا أمل فيها.

*كيف ترين الإعلام المصرى حاليا؟
"الإعلام رايح في داهية" سيطر عليه رجال الأعمال أو الاصح رجال المصالح، ولا يقدم شيئا للمجتمع، حتى برامج الطعام هدفها تخدير المجتمع، إعلام يمارس أي شىء إلا رسالته الإعلامية تجاه المجتمع.

*ماذا عن الرياضة في حياتك؟
كنت أتابع كرة القدم عندما كانت جزءًا من الرياضة، ولكنها أصبحت جزءًا من البيزنس، ولهذا لم أعد أحترمها! أندية تخطف اللاعبين وكأنهم "دمى"، ورجال الأعمال يشترون ويبيعون في الأندية.

*من هو فنانك المفضل؟
فنانى المفضل هو محمود عبد العزيز، وتبهرنى قصة كفاح أم كلثوم وصلابتها ونجاحها، وأعشق عبدالحليم حافظ ربما لأنه كان صوت ثورة يوليو ولكن لا أستطيع أن أنسى موقفه من المطرب كمال حسنى.. كان في منتهى القسوة بالرغم من أن كمال حسنى كان موهبة ممتازة واعدة.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"...
الجريدة الرسمية