رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أحمد السعيد يكتب: «يا حبيبي تعال الحقني شوف اللي جرالي»

أحمد السعيد
أحمد السعيد

يدور المسئول المهم جدا في مكتبه الفاخر، بضجر شديد بين القنوات الفضائية المتعددة بريموت كنترول شاشته المائة بوصة؛ ليتوقف فجأة عند مشهد لسيدة عجوز بائسة تحمل وجها ذا ملامح ألحت على ذاكرته كثيرا، وظن بقوة أنه يعرف صاحبته، يفتح الصوت ويرفعه؛ ليفاجأ بالمذيع الشاب يقول ما يأتي "فنانة من طراز فريد، أكاديمية متميزة، وملكة متوجة في عالم المسرح، كما أنها أيضا خيّالة متمرسة.


فعندما تمتطى صهوة جوادها العربي الأصيل على خشبته؛ فإنها تطلق العنان لأدائها التمثيلى؛ لتخطف قلوب جمهورها العريض بحضورها الطاغي، وتقفز بخفة ورشاقة ومهارة جميع الحواجز لتبهرنا بأسلوبها الفريد في الإلقاء المسرحي؛ مما جعلها تستحق عن جدارة لقب "سيدة المسرح الشعبي"؛ إنها الفنانة العظيمة حبيبة محبوب التي وصل رصيدها المسرحي إلى 170 مسرحية عالمية ومحلية، وبجانب عملها كممثلة شغلت العديد من المناصب المهمة، "مدير عام المسرح الجديد" خلال الفترة من 1972 م إلى 1975م، ثم انتقلت كمدير عام للمسرح الشعبي خلال الفترة من 1975 م إلى 1988 م، بالإضافة إلى منصب مدير مجلس إدارة نقابي، وعضو لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للمسارح الثابتة والمتحركة.

كما حصدت العديد من التكريمات والجوائز خلال مشوارها الفني، ومن أهمها وسام الجمهورية الذي سلمه لها الزعيم جميل جمال مالوش مثال، وشهادة تقدير من الريس متقال أبو امتثال، ووسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس السرياني "حظو آه ياني"، كما حصلت على وسام بدرجة "فارس" من الريس البدري أبو بدار كبير هوارة، ووسام من جمعية البقدونس لجهودها في حماية البيئة، وما زالت تحصد العديد من التكريمات، والتي كان من أحدثها لقب "سفيرة المية والهوا" من قبل مجلس عالم البحار والمحيطات والأنهار.. إنها سيدة المسرح الشعبي التي نلتقيها في برنامجكم المحبوب "يا حبيبي تعالى الحقني شوف اللي جرالي" على قناتكم المحبوبة "كوكب تاني" الفضائية في حوار تفصيلي مطول...

تم تكريمك مؤخرا من منظمة "كوكو واوا" البيلاروسية للمسارح العالمية ومنحك لقب "الدجاجة الذهبية" فما تعليقك؟!

تجيب السيدة والدموع تترقرق في عينيها: والله يا ابني أنا ما أعرفش حاجة عن معظم التكريمات الأخيرة اللي أنت بتقول عليها دي، بعد ما خرجت من المستشفى اللي خلصت ع اللي ورايَ واللي قدامي، وحتى من غير ما استكمل علاجي؛ بعد ما طلب العلاج على نفقة الدولة ما اترفض ما أعرفش ليه؟!؛ لقيت لك ربنا يكفيك الشر البيت اللي كنت قاعدة فيه وقع واخد كل تكريماتي القديمة اللي كنت مزينة بيها حيطانه وعفشي وتحفي كلها اتكسرت، ولولا أم عبير جارتي اللي على السطوح في المغربلين في الأوضة اللي لقيتها بالعافية بعد كل اللي حصل لي ده، ومكسور على فيها 3 شهور.. الله لا يسيئها هي اللي اتصلت بيكم لما شافت بالصدفة برنامج "أبو الفنون" اللي بتعرضوه في قناتكم وعرفت أنكم بتدوروا على.

وقالت لي إنها هاتكلمكم يمكن تقدروا تساعدوني بعد الكل ما اتخلى عني؛ لما كبرت وعجزت وعمري راح في خدمة البلد دي وأهلها ورفع راسها فوق بفني وإبداعي، ده حتى النقابة بتاعتي الموظفين اللي فيها، والروتين طلعوا عيني لحد ما عملوا لي معاش خمسين جنيه بطلوع الروح، وهي الخمسين جنيه تكفي إيه بس في الزمن ده يا حبيبي؟!

لا يستطيع المذيع استكمال الحلقة لما وقف عليه بنفسه من مآس يشيب لها الولدان؛ متأثرا بما آل إليه حال هذه النجمة الكبيرة؛ حيث انهمرت الدموع السخينة مدرارة على خديه؛ وأشار بيده للمخرج أن ينهي البرنامج مسرعا؛ ليقوم الأخير بإنزال التتر تصاحبه الأغنية الشهيرة "بالورقة والقلم، خدتيني ميت قلم، أنا شفت فيك مرمطة، وعرفت مين اللي اتظلم".

يغلق المسئول المهم جدا شاشته وهو في قمة الغضب رافعا سماعة هاتفه متحدثا بغيظ، وفي اليوم التالي يجد المواطنون المتأثرون بحلقة البرنامج؛ مانشتات الجرائد معلنة بالبونط العريض "إحالة النجمة الكبيرة حبيبة محبوب لمحاكمة عاجلة لإذاعتها أخبارا كاذبة وتعمدها إثارة البلبلة وتكدير السلم العام"؟!!.
Advertisements
الجريدة الرسمية