رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

جسدا وروحا ولغة.. كيف تاهت الصوفية في رحلة البحث عن الذات؟

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

تعيش الصوفية أزمة كبيرة، فالخطاب الصوفي دأب خلال العقود الماضية، على انتهاج طريق الطقوس، الحافل بالغرابة والشعوذة، ولم يلتفت في المقابل إلى تعاليم الصوفية وحضارتها، التي توثق علومها كتب التصوف، الكفيلة بإعادة المنهج الصوفي إلى طريقه الصحيح، لو أن هناك من يرد ذلك.


وتكشف كتب الصوفية والدراسات الحديثة حولها، كيف تاه الخطاب الصوفي الحالي عن فلسفة العناية بالنفس، ولم يعد يطبق حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «من عرف نفسه فقد عرف ربه»، الذي كان يتخذ كدليل وإثبات ديني، على ضرورة خوض تجربة روحية، ترسخ لعبادة الله، يستشعر فيها الصوفي باكتمال ذاته بعيدا عن الحجب والمنغصات؛ فمع الصوفية يدرك الإنسان ذاته المفقودة في الدنيا، ويتعرف من خلالها على ما الذي أفقد روحه صفاءها وطهرها وانسجامها.

اتجه الصوفيون القدامى، إلى البحث بين النصوص، والتفتيش في أسرار اللغة، لمعرفة مدى قدرتهم على استيعاب الحكمة من وجودهم في الحياة، تمهيدا لإدراك الهدف الأسمى وهو القرب من الله عبر رفع راية التوحيد في أسمى درجاته.

وعرفت المدارس الصوفية القديمة، أن التوحيد الحق والأمثل، لن يكون إلا عن طريق الخطاب الصوفي بمختلف تجلياته، والذي يحكي عن كيفية الوصول إلى هذه الرحلة الربانية، ويقدم الأدلة عليها، من حيث امتلاكه لآليات التواصل، وفق ما يعتمل بداخله من إيمان شديد بالخالق، رسخه الخطاب الصوفي القديم، الذي قدم تصورا للكائن البشري، واستمده من تجربته الصوفية الروحية، ومعاركها المريرة التي نشأت فيها.

وقال الباحث في الشأن الصوفي صابر سويسي، إن الصوفية سعوا دائما إلى معرفة الذات، وحرصوا على الاطلاع على كل ما يقدم إضافة أو توضيحا في هذا الباب، لدرجة أنهم سعوا إلى التيارات المخالفة لهم لمعرفة جديدهم في العلوم.

وأشار إلى أن الخطاب الصوفي القديم كان جامعا للنصوص، حاملا لتأويلات متعددة، صبت في النهاية عند مقصد واحد لهم، وهو معرفة الذات، موضحا أن الخطاب بهذا التسامح، اكتسب أبعادا إنسانية رحبة، أضافت إلى حقيقة الذات التي عمل الصوفي على كشفها والتعبير عنها، والتي تتحرر عنده من كل انتماء وقيد، ولا تعترف إلا بالتوحيد قولا واعتقادا وعملا.

وأكد الباحث أن الخطاب الصوفي جسدا وروحا ولغة، له أبعاد إنسانية، تتجاوز المجال الإسلامي، وتنتصر للفرد أينما كان، بغض النظر عن دينه وانتمائه ومعتقده، موضحا أن مقالات المتصوفة وأخبارهم، كانت تجمع بين كل أساليب الكتابة والتعبير المختلفة، من شعر ونثر، وحكمة، ووصية، وأمثال، توفر لعقود طويلة على قدر من الطرافة والقيم، وجميعها لم يعد لها أي أثر حاليا.

وتابع: "الخطاب الصوفي كان ينشر الخير والسلام في الأرض، بانفتاحه على مختلف الثقافات والحضارات، عبر خطابا إصلاحي نادر، أنهت الصوفية الطقوسية على قوته، ولم يعد له وجود".
Advertisements
الجريدة الرسمية