رئيس التحرير
عصام كامل

«الإدارية العليا» تعيد للدولة 805 أفدنة اغتصبها طارق نور

رجل الاعمال طارق
رجل الاعمال طارق نور

في حكمين  مهمين  لكشف ملف فساد الأراضي أصدرتهما المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة، موضوع أعادت في الحكم الأول  للدولة 405 أفدنة مغتصبة من شركة ديزرت ليكس ويمثلها طارق نور، وفى الحكم الثاني أعادت 400 فدان أخرى تنازل فيها طارق نور عن 271 فدانا لرجال أعمال آخرين، هم علوي محمد تيمور وشريف محمد علي ونيهال إسماعيل نبيل، ومن بينهم نجله كريم طارق نور، وصفته المحكمة بأنه تنازلا ممن لا يملك وفيما لا يملك من أراضي الدولة على مرأى من الجهة التي ناط بها القانون الحفاظ على أراضي الدولة، حتى يتلافى حظر تملك الـ100 فدان وتنازله بلا مقابل اَية على التحايل على القانون في أنكى صوره وأكحل حالاته، وهم مغتصبون لها غير مالكين أصلًا.


وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور حسني درويش نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، وعبد النبي زاهر وعبد العزيز السيد  وكريم شهاوي نواب رئيس مجلس الدولة، الحكم الأول بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر من القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى والقضاء مجددًا بقبول الدعوى شكلا، ورفض الدعوى  المقامة من طارق محمود عبدالفتاح نور الممثل القانوني لشركة ديزرت ليكس لتملك 405 أفدنة بطريق مصر إسكندرية الصحراوي بسعر مائتي جنيه للفدان، لأن ثمن الفدان الواحد خمسين ألف جنيه وفقا للجنة العليا لتثمين الأراضي عام 2007 ، وألزمته المصروفات عن درجتي التقاضي.

كما قضت المحكمة في الحكم الثاني بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر من القضاء الإداري، بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري والقضاء مجددًا بقبول الدعوى شكلا، ورفض الدعوى  المقامة من علوى محمد تيمور وشريف محمد على ونيهال إسماعيل نبيل لتملك 400 فدان بطريق مصر إسكندرية الصحراوي، بسعر  مائتي جنيه للفدان لأن ثمن الفدان الواحد خمسين ألف جنيه وفقا للجنة العليا لتثمين الأراضى عام 2007، تنازل منها طارق محمود عبد الفتاح نور الممثل القانوني لشركة ديزرت ليكس عن 271 فدانا وهو غير مالك أصلا لها، وألزمتهم المصروفات عن درجتي التقاضى.

قالت المحكمة: إن الثابت بالأوراق كما ما هو بيِن من كتاب رئيس اللجنة العليا لتثمين الأراضي الموجه إلى الشركة الطاعنة، على نحو ما ورد بحافظة مستنداتها المقدمة منها أمام هيئة مفوضى الدولة بالمحكمة الإدارية العليا  بجلسة 25 أكتوبر 2017، أن اللجنة العليا لتثمين أراضى الدولة قدرت للفدان الواحد بمبلغ 50.000 خمسون ألف جنيه، وفقًا  للتصريح الذي طلبته الشركة الطاعنة من محكمة أول درجة بناء على المعاينة التي تمت في 28 مارس 2007 للأراضي الواقعة عند الكيلو 74 طريق مصر إسكندرية الصحرواي الداخل فيه زمام الأرض محل التداعي، وكان عليها الامتثال وسداد مديونية الدولة إن أرادت لنفسها سبيلا، لكنها اَثرت أن تضع يدها على مساحة ال 405 أفدنة، بعد قدمت الشركة بتاريخ 18 أبريل 2012 شيكًا بمبلغ  أربعمائة وخمسة ألف جنيه فقط، وتمت تسويته بتاريخ 25 يونيو 2012، لأرض يتخطى ثمنها عشرين مليون جنيه عام 2007 بحسبان أن اللجنة العليا لتثمين الأراضي قدرت سعر الفدان بخمسين ألف جنيه.


وذلك حسبما أفاد كتاب الإدارة المركزية والتصرف بالهيئة، المؤرخ 25 يوليو 2013 المقدم رفق حافظة مستندات الشركة الطاعنة ذاتها، مخالفا بذلك الحد الأقصى لتملك الأراضى الصحراوية والمستصلحة بمائة فدان الذي حدده القانون رقم 148 لسنة 2006، ودون أن تنصاع إلى تقدير اللجنة العليا على نحو ما سلف، غير عابئة بحرمة أراضى الدولة، ومن ثم يكون طلب الشركة الطاعنة تمليكها كامل مساحة 405 أفدنة وبسعر مائتي جنيه للفدان، على نقيض ما قدرته اللجنة العليا لتثمين الأراضي، وعلى خلاف الحظر الوارد بالقانون رقم 148 لسنة 2006، بتحديد مائة فدان كحد أقصى، لتملك الأراضي الصحراوية المستصلحة مخالفًا لحكم القانون.

وتابعت المحكمة أن رئيس الإدارة المركزية للملكية والتصرف، قد أحال بتاريخ 12 ديسمبر 2010 طلب الشركة الطاعنة، لتقنين وضع يدها على مساحة 405 أفدنة للمستشار القانوني للهيئة آنذاك، والذي أبدى  رأيه القانوني في ذات يوم  12 ديسمبر 2010، أورد به أنه بصدور قانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998، أصبح لا يجوز التصرف في أراضي الدولة سوى بالمزاد العلني.

وأنه بصدور القانون رقم 148 لسنة 2006 يجوز التصرف بطريق الاتفاق المباشر، لمن قام باستصلاح وزراعة مساحات وضع اليد قبل صدور القانون المذكور بحد أقصى مائة فدان، وأنه من ثم يتعين الالتزام بأحكام القانون المذكور، لكنه أورد مباشرة عقب كلمة الالتزام بأحكام القانون المذكور عبارة "الذي لا يسرى على الطلب المقدم من الشركة" ، مما يشوبه بالتناقض الشديد، الأمر جعل الجهة الهيئة في حيرة من أمرها، بشأن ما أورده من ضرورة الالتزام بأحكام القانون، وفى الوقت ذاته عدم سريانه على مُقدم الطلب، فكيف يستقيم الالتزام مع الإعفاء منه! وأضحت الهيئة عاجزة عن اتخاذ قرار صريح في اجتماع مجلس إدارتها لبحث هذا الموضوع، مما اقتضى من رئيس الإدارة المركزية للملكية والتصرف إلى كتابة تأشيرة بتاريخ 15 ديسمبر 2010 قوامها "تصدق طبقًا للقواعد".

وأشارت المحكمة أن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، في الأصل العام تستقيم حارسة على المصلحة العامة بحكم كونها أمينة على الأراضي، التي تقع تحت سيطرتها بنصوص القانون، ويجب أن شغوفة على إعمال وجه السياسة الاقتصادية والتنموية للدولة، فالمصلحة العامة التي ترمي إليها الهيئة حال أبرام عقود تملك الأرض للأفراد، يكون مُوقدها أهداف اجتماعية تعززها خطط سياسية تنموية، رسمت الدولة ملامحها وحددت سماتها وأناطت للهيئة تشكيل تفاصيلها، ومن ثم فإن  القبول الصادر من الهيئة يتعين ولا مراء أن يتلازم مع هذه الاعتبارات ويقترن بخطط الدولة في هذا النطاق، فلا يحيد عنها ولا يرتضي عنها بديلًا.

وهذا الأمر في مجمله يستقيم وجهًا من أوجه المصلحة العامة، جدير باحترامه وبالتالي فإن القبول الذي يصدر من الهيئة، قد يتغير وتتبدل أحواله بتبدل أحوال وظروف مناحي التيارات الاقتصادية والتنموية التي تهب على البلاد، إذ قد يصدر قبول لطائفة من الأفراد بتملكهم مساحات من أراضي الهيئة في ظل سياسات وموجبات تبرره، ثم ينقلب الأمر على خلاف ذلك لطائفة أخرى في حقبة زمنية مختلفة، ويصير أمر التملك لا يتلاءم مع سياسات تنموية مستحدثة حلت محل سابقتها، بمراعاة القواعد والضوابط الحاكمة في شأن التملك، في نطاقها الموضوعي والزمني.

وذكرت المحكمة  أن اعتبارات المصلحة العامة لصيقة بمسألة تنفيذ سياسات الدولة الاقتصادية والتنموية، وهذه السياسات بطبيعتها خاضعة لمنطق التغيير والتبديل الدائم، الذي لطالما لا يثبت على حال لكونه يوائم احتياجات الدولة، ومتطلباتها التي هي أيضًا بطبيعتها متغيرة، ومن ثم فلا تثريب عليها إن هي عدلت مسار سياساتها في تملك الأراضي، التي في جعبتها كانعكاس لتغير سياسة الدولة في هذا المضمار، ولا يتحدى في هذا الشأن بسابقة موافقتها لطائفة من الأفراد بالتملك في ذات النطاق الجغرافي المرفوض لطائفة أخرى، إعمالًا لصحيح القانون دونما تعسف أو انحراف، لكون هذا الأمر يجد مردوده في تغير سياسات الدولة التنموية، والتي تعتبر قرارات الهيئة كيان لا ينفرط عنها، طالما تباينت الظروف والأحوال المصاحبة لكل حالة على حدة ، على نحو لا يجعل كل منها متطابقا ومماثلًا للآخر، وما دامت الهيئة قد التزمت جادة الصواب في رفضها للطلب المقدم إليها لتملك الأرض، وسارت على الدرب القويم المقرر لها، فاتخذت من سياسات الدولة سبيلًا ومن موجباتها التنموية منهجًا، وكان باعثها في ذلك الأخذ بأسباب المحافظة على دعائم المصلحة العامة وتعزيز أركانها، والأمر برمته ينصب في نهاية المطاف في تقدير القاضي الإداري، العاصم من القواصم، الذي عليه أن يوازن بين هذه الأمور مجتمعة في ضوء الأوراق، والمستندات التي تحت نظره وحصيلة ملابسات وظروف الموضوع الذي هو بصدده في كل حالة على حده.

واستطردت المحكمة أن  المشرع أجاز التصرف في العقارات، أو الترخيص بالانتفاع بها أو باستغلالها بطريق الاتفاق المباشر لواضعي اليد عليها، الذين قاموا بالبناء عليها أو لمن قام باستصلاحها واستزراعها من صغار المزارعين، بحد أقصى مائة فدان في الأراضي الصحراوية والمستصلحة، وعشرة أفدنة في الأراضي الزراعية القديمة، وكذلك بالنسبة إلى زوائد التنظيم، وفي غير ذلك من حالات الضرورة لتحقيق اعتبارات اجتماعية أو اقتصادية تقتضيها المصلحة العامة، وذلك كله وفقا للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير  المالية، يتضمن الشروط التي يلزم توافرها لإجراء التصرف أو الترخيص، وتحديد السلطة المختصة بإجرائه واعتماده وأسس تقدير المقابل العادل به وأسلوب سداده. 

وبالفعل صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2041 لسنة 2006 بتاريخ 4 نوفمبر 2006، تطبيقًا لأحكام القانون رقم 148 لسنة 2006 المشار إليه، متضمنا قواعد وأسس التصرف في أراضي وعقارات الدولة، حرص في مادته الأولى على التأكيد أنه مع عدم الإخلال بحق الدولة، في إزالة التعدي على أملاكها الخاصة بالطريق الإداري، يعمل في شأن تطبيق أحكام القانون 148 لسنة 2006، المشار إليه بالشروط والقواعد والإجراءات التي تضمنتها مواده، وأهمها ما تضمنته المادة السادسة منه، بأن يكون التعامل على الأراضي التي تمت زراعتها قبل العمل بأحكام القانون 148 لسنة 2006، سواء الأراضي الصحراوية المستصلحة أو الأراضي الزراعية القديمة، وفقًا للشروط الآتية:

أولًا: ألا تزيد مساحة الأراضي الصحراوية المستصلحة والمستزرعة على مائة فدان.
ثانيًا: ألا تزيد مساحة الأراضي الزراعية القديمة على عشرة أفدنة.
ثالثًا: أن يتوفر للأرض مصدر ري دائم.
الجريدة الرسمية