رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ميراث المرأة في الإسلام.. كل ما تريد معرفته من الأزهر

فيتو

أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن نصوص الشريعة الإسلامية، بعضها ثابت راسخ لا مجال للاجتهاد فيه، كالنصوص التي تقرر جوانب العقيدة والعبادة والأخلاق؛ ومنها نصوص تتسم بالمرونة في التعامل مع الواقع ومتغيراته في آن واحد، مشيرًا إلى أن النصوص المتعلقة بعلم الميراث في الإسلام تنتمي إلى فئة القسم الراسخ الذي لا يقبل الاجتهاد أو التغيير.


وأشار المركز، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، إلى أن الشرع الشريف قد ضبط هذا الباب، وأزال منه أسباب النزاع والشقاق إلا أنه لم يسلم من المعارضات، بل والاتهامات بالتحيّز والظلم وانتقاص الحقوق، لافتا إلى أنه يجب التفرقة بين العدالة والمساواة؛ لتصحيح مغالطة تدعي ألا فرق بينهما، أو بصيغة أخرى تدعي أن تحقيق العدالة متوقف على تحقيق المساواة، وأن الصواب أن العدل لا يقتضي التسوية، فقد تعدل بين شخصين دون أن تسوي بينهما؛ لأن العدل هو وضع الشيء في مَوضِعه، مع مراعاة الحال، وأنه إذا أردنا بيان فلسفة الميراث في الإسلام -لا سيما ميراث المرأة- لا ينبغي أن نغفل الواقع الذي نزل فيه، وواقع الأمم الأخرى في القضية نفسها.

وأضاف المركز أنه لم يكن للمرأة حق في الميراث أو امتلاك المال لدى كثير من أصحاب الحضارات القديمة، ولا يختلف الأمر كثيرًا عند بعض الديانات السماوية التي قررت قاعدةً تقول: "لا إرث للإناث إلا عند فَقْد الذّكور".

وأما فيما يخص الواقع الذي نزل فيه الإسلام -وهو المجتمع الجاهلي- فلم يكن الميراث فيه إلا للرجل القادر على القتال والضرب بالسيف فقط، ولا إرث للصغار أو النساء، ووفقا للمركز، لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد كانت المرأة نفسها جزءًا من الميراث، ولوارثها الحق في الزواج منها، أو عَضْلِها عنده إلى أن تدفع له مبلغًا من المال.

المركز أوضح أن الإسلام سبق الشرائع والقوانين الوضعية إلى إنصاف المرأة، وكفالة حقوقها، وحقق لها ذلك من خلال الآتي:

- إبطال جميع الممارسات الظالمة ضد المرأة لا سيما ما يخص الميراث، والتي ذكر طرف منها، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ..) بجانب أنه جعل لها ولاية على المال، وذمة مالية مستقلة، قال تعالى: (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)، بالإضافة إلى أنه أقر لها حق مباشرة العقود بنفسها كعقود البيع والشراء والرهن والشركة، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ»، كما جعل لها نصيبًا في تركة المُتوفَّى، قال تعالى: (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا)، مؤكدًا أن الإسلام قد سوى بين الرجل والمرأة في حقّ كسب المال، والعمل، والأجرة، والذمة المالية.

وأشار إلى أن الثروة المكتسبة بغير جهد (الميراث) فلها فلسفة أخرى مستقلة، يمكننا التعَرف عليها من خلال النقاط الآتية:

- القول بأن فقه المواريث في الإسلام يعطي الذكر ضعف الأنثى هو قول عار عن الحقيقة، مناف للواقع؛ فالمستقرأ لأحوال ميراث المرأة في الإسلام يجد أنها قد ترث -في بعض الحالات- أكثر من الرجل، أو تساوي الرجل، أو ترث ولا يرث الرجل وذلك فيما يزيد على ثلاثين حالة.

ولفت المركز إلى أن المرأة ترث نصف ما يرثه الرجل في أربع حالات فقط.

- إن تفاوت أنصبة الوارثين في نظام الميراث الإسلامي لا علاقة له بذكورة أو أنوثة؛ ولكنَّه متعلق بأمور ثلاثة:

- درجة القرابة من المتوفى، فكلما كان الشخص أقرب للمتوفى كلما زاد نصيبه من الميراث.

-موقع الجيل الوارث، فكلما كان الجيل الوارث صغيرًا مستقبلًا للحياة كلما زاد نصيبه أيضًا؛ لهذا كان نصيب ابن المتوفى أكبر من نصيب أبِ المتوفَّى ولو كان الابن رضيعًا؛ لأن حاجته إلى المال أكثر.

- التكليف والعبء المالي؛ فإذا تساوت درجة القرابة، وموقع الجيل الوارث؛ كان التفاوت في الأنصبة المستَحَقَّة على قدر تفاوت الأعباء المالية المُلقاة على الوارثين.

وضرب المثل بقولة « فلو مات رجل وترك ابنا وبنتا متساويين في درجة القرابة وموقع الجيل الوارث؛ ورث الابن ضعف البنت.. لماذا؟! لأنهما غير متساويين في التكاليف والأعباء المالية؛ فالنفقة واجبة على الرجل، أما المرأة فمالها ثروة مدخرة، ولا تلزمها النفقة على أحد، ولا نفقتها على نفسها في الغالب، والقاعدة الفقهية تقرر: أن الغنم بالغرمِ، أي على قدر المغانم تكون الأعباء والتكاليف من الشرع».

وجاء في بيان المركز: «أنه مثير للدهشة أن نرى كثيرًا من النساء -في زماننا- لا يستطعن الوصول إلى ميراثهن أو جزء منه في حين تعلو صحيات مساواة المرأة بالرجل في الميراث؛ مما يدل على أن المشكلة التي جاء الإسلام لمعالجتها -ومعالجة غيرها- لا زالت موجودة بعد أربعة عشر قرنًا من الزمان، وبديلًا عن الالتفات إلى حلها أشارت أصابع الاتهام إلى الإسلام وتشريعاته».

وأكد المركز أنه يجب التأكيد أن حرمان المرأة من إرثها، أو منعه عنها، أو إجبارها على التنازل عنه مقابل مبلغٍ من المال أو منفعةٍ عن غير طيب نفس؛ محرم في الشريعة الإسلامية، فعن أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ» ولا شك أن حرمان المرأة من إرثها لمن قطيعةِ الرحمِ والظلمِ الذي توعد رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فاعله بتعجيل العقوبة له في الدنيا قبل الآخرة.

واستطرد المركز: «إن الإسلام لما ألزم الرجل بالنفقة على أهل بيته قسم الأدوار، ووزع المهمات، وأسس العشرة على الرحمة والمعروف، وجعل قوامته مسئولية، وعلاقته بامرأته تكاملية، وجعل له حقوقًا وعليه واجبات في بيته وبيت أبيه ولكن مسؤوليته أكبر، وجعل للمرأة حقوقًا وعليها واجبات في بيت زوجها وبيت أبيها ولكن حقوقها أكثر».

وختم المركز بيانه بأن الإسلام متكامل، لا يغني جزء منه عن الآخر، وليس من الإنصاف أن نحكم على نتائجة دون أن نطبقه كله، وقضية الميراث فيه متصلة بكثير من القضايا، ولم يكن هذا المقال -الذي بين أيديكم- إلا محاولة لإلقاء الضوء على بعض هذه الصِّلات؛ حتى نرجع خطوتين إلى الخلف، ونرى الصورةَ كاملة.
Advertisements
الجريدة الرسمية