رئيس التحرير
عصام كامل

أسامة شمس الدين يكتب: الحقوق الدستورية لرئيس الجمهورية.. (اقتراح القوانين)

أسامة شمس الدين
أسامة شمس الدين

تناول الكثيرون حق اقتراح القوانين، ولكن يجب أن نفرق بين سبل معالجة هذا الحق، فبينا مراحل ثلاث مرت بها آليات اقتراح القوانين، تنحصر في قصره على السلطة التشريعية، أو التنفيذية، أو الاشتراك بينهما.

ويرجع السبب في التشدد في قصر حق اقتراح القوانين على السلطة التشريعية ممثلة في البرلمان، إلى التمسك بمبدأ الفصل التام أو الجامد بين السلطات، لما قد ينطوي عليه منح هذا الحق للسلطة التنفيذية من إهدار لفكرة المبدأ وخشية تدخل السلطة التنفيذية في أعمال وسلطات السلطة التشريعية.

إلا أن الثابت عمليا وتاريخيا أن السلطة التنفيذية هي الأقرب إلى الشعب، فهي السلطة التي تلامس احتياجات المواطن اليومية، وهي السلطة القائمة ابتداء على تنفيذ القانون، ومن ثم برز دورها في إدراك احتياجاته.

ويعد اقتراح القوانين أحد أهم عناصر إحداث التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فالنظام البرلماني يقوم أساسًا على المساواة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وأول مظاهر هذا النظام المساواة في الاقتراح المشترك للقوانين، وسوف نتناول الوضع في مصر، وسوف نفرق فيه بين مرحلة ما قبل ثورة 1952 وما بعدها.

أولًا: حق اقتراح القوانين قبل ثورة 1952
على الرغم من أن دستور (1923) كان نتيجة النضال الوطني لثورة 1919، وعلى الرغم من صدوره في صورة منحة من الحاكم الخاضع آنذاك لسلطة الاحتلال، إلا أن الأوضاع الثورية التي وُضع وأُصدر فيها، والوعي السياسي وتجذر روح الديمقراطية في نفوس الشعب المصري، جعلت من هذا الدستور معبرًا عن هذا الواقع، بصرف النظر عن الأداة التي صدر بها.

وقد كان من نتائج هذا الوعي كفالة حق اقتراح القوانين للملك ومجلسي الشيوخ والنواب، فقد نصت المادة (24) من الدستور على أن "السلطة التشريعية يتولاها الملك مع مجلسي الشيوخ والنواب".

كما نصت المادة (28) على أنه "للملك ولمجلسي الشيوخ والنواب حق اقتراح القوانين عدا ما كان منها خاصًا بإنشاء الضرائب أو زيادتها فاقتراحه للملك ولمجلس النواب".
ثانيا: حق اقتراح القوانين بعد ثورة 1952:
وتنقسم هذه الفترة إلى مرحلتين الأولى ما بعد ثورة يوليو مباشرة والثانية بدءا من صدور دستور 1971 وحتى قيام ثورة يناير 2011
المرحلة الأولى: ما بعد ثورة 1952
في أعقاب ثورة 1952 صدرت أربعة إعلانات دستورية ودستوران قبل دستور 1971.
فصدر الإعلان الدستوري الأول في فبراير 1953، والذي جعل السلطتين التشريعية والتنفيذية بيد مجلس الوزراء.
ثم صدر في يونيو من نفس العام، الإعلان الدستوري الثاني بإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية وإسناد رئاسة الدولة إلى اللواء محمد نجيب.
وفي يناير من نفس العام عهد مجلس قيادة الثورة إلى لجنة من خمسين عضوا لوضع مشروع دستور، وقد جاء بعد عامين نسخة منقحة من دستور 1923، فلم تر الثورة الأخذ به، ثم عهد الرئيس جمال عبدالناصر إلى مكتبه الفني بوضع الدستور الأول للبلاد، والذي تم الاستفتاء عليه وإقراره في يوليو 1956.
وقد أعطى هذا الدستور لرئيس الجمهورية الحق في اقتراح القوانين والاعتراض عليها، فنصت المادة (132) منه على أنه "لرئيس الجمهورية حق اقتراح القوانين والاعتراض عليها وإصدارها".

وفى عام 1958 صدر الدستور الثاني للبلاد، وقد كان دستورًا مؤقتًا بمناسبة قيام الوحدة العربية مع سوريا، ثم بعد الانفصال عام 1961، صدر الإعلان الدستوري الثالث عام 1962، والذي أخذ بجماعية القيادة، وقد نشأ بمقتضاه مجلس لرئاسة الهيئة العليا لسلطة الدولة، ومجلس تنفيذي يكون الهيئة التنفيذية والإدارية للدولة، وقد استمر العمل بدستور 1958 فيما لا يتعارض مع الإعلان الدستوري.

وفي مارس 1964 صدر الإعلان الدستوري الرابع والمؤقت لحين وضع مجلس الأمة الدستور الدائم للبلاد.
المرحلة الثانية: ما بعد دستور (1971):
سار دستور 1971 على منوال الدساتير السابقة، فقرر حق رئيس الجمهورية وكل عضو من أعضاء مجلس الشعب في اقتراح القوانين، فنص في المادة (109) على أنه "لرئيس الجمهورية ولكل عضو من أعضاء مجلس الشعب حق اقتراح القوانين".

والجدير بالذكر أن المادة (101) من الدستور قد قررت حكمًا مؤداه أن يُحال كل مشروع قانون مقدم من أحد أعضاء البرلمان إلى لجنة خاصة لفحصه وإبداء الرأي في مدى جواز نظره من قبل إحدى لجان مجلس الشعب من عدمه.

أما بالنسبة للطلبات المقدمة من غير أعضاء المجلس ويقصد ـ رئيس الجمهورية ــ فإنه يحال مباشرة إلى إحدى لجان المجلس لفحصه وتقديم تقرير عنه دون التقيد بالفحص من قبل اللجنة الخاصة.

ويرجع السبب في ذلك إلى ما يتوافر لدى رئيس الجمهورية من لجان فنية قادرة على عرض مشروع القانون بصورة كاملة.
***************************************************
(* ) كاتب وباحث قانوني


Advertisements
الجريدة الرسمية