رئيس التحرير
عصام كامل

نقيب العلميين: نخطط لتحقيق «العضوية المليونية».. والدولة حرمت النقابة من مستحقاتها

فيتو


  • طن الحديد لن يتجاوز حاجز الـ 5 آلاف جنيه.. تقدمنا بطلب لإنشاء أول شركة مصرية للاستكشاف 
  • مشروع الري الأنبوبي لن يجعل سد النهضة خطرا على مصر.. ووزارة الري تحاربه لمصالحها
  • لا يوجد في مصر قانون لتنظيم المهن العلمية
  • لم يتم إدراج العلميين في قانون اللجان المشرفة على التأمين الصحي لـ«أسباب سياسية» 
  • مصر بها خامات حديد تكفيها 300 عام لو استغلتها
  • عودة تحصيل الدمغات الإنتاجية سوف يساعد في ارتفاع معاشات الأعضاء لـ 500 جنيه
  • يجب ترقيم جميع الأراضي وتمليكها للمصريين
  • «الإخوان الإرهابية» فقدت قواعدها في النقابة المهنية.. والتنظيم السري أكبر أخطاء «الجماعة»
  • الإسلام السياسي لم ينته بانتهاء الإخوان.. وسيد قطب كان كاتبا أدبيا ولا يجب أن تؤخذ منه أحكام فقهية 
حاوره: حمدى بكرى - حاتم أحمد

عدسة: سيد حسن 

«المستشار الأمين للدولة».. من هنا يمكن تلخيص الدور الذي تلعبه النقابة فيما يتعلق بعلاقتها بأجهزة الدولة المختلفة، إلى جانب العمل على تصحيح الأخطاء التي وقعت فيها الدولة خلال الفترات الماضية، أهمها طرح المشكلات التي تعوق مسيرة البحث العلمي في مصر، وتحول دون تقدمها، بالرغم من توافر الكوادر البشرية التي تتميز بمستوى عال من الكفاءة والخبرة، بجانب الشركة التي عرضتها لتكون أول شركة وطنية تقوم على البحث والاستكشاف.

الدكتور السيد عبد الستار المليجي، الرجل الأول داخل نقابة العلميين، حيث يشغل منصب «النقيب» التقته «فيتو» للحديث معه حول تفاصيل ملفات عدة، منها ما هو مهني ونقابي، وما هو سياسي، فـ«العلميين» كانت من ضمن النقابة التي سقطت – في وقت ما- في مستنقع «الأخونة»، غير أنها سرعان ما انتفضت وتخلص من «إخوان الإرهاب» ونفضت عنها «تراب التطرف والمؤامرة».

نقيب العلميين، إلى جانب شهادته التاريخية عن جماعة الإخوان الإرهابية، سواء فيما يتعلق بدورها السياسي، أو أيامها داخل النقابة، تحدث أيضا عن الدور التي تقوم به الدولة في استغلال الثروات الطبيعية الضخمة المتواجدة في باطن الأرض، كما ألقى الضوء على محاربة وزارة الري لمشروع الري الأنبوبي ودوره في حماية مياه النيل.. وكان الحوار التالي:

البداية من ملف البحث العلمي.. ما هي أبرز المشكلات التي تواجهه في مصر؟
المشكلة هنا تبدأ في إدارة المورد البشري نفسه، فالباحث هو الوسيلة المثلى لإحداث التقدم بشكل أسرع، وعند النظر إلى الخريطة المصرية، ستجد 20% من أراضيها عبارة عن أراضي زراعية خضراء ومعمورة، مقابل 80% أراضي صحراوية، والثروة المصرية موجودة في الصحراء بالدرجة الأولى، ممثلة في الثروة التعدينية والمعدنية الموجودة في باطن الأرض بجميع أنواعها، والعلماء والباحثين هم المخول لهم البحث عن هذه الثروات الكبيرة، وبالتالي هناك خلل في توزيع الأعمال على المورد البشري في استغلال هذه الثروة، إضافة إلى أنه لا يوجد أي شركات وطنية تعمل في مجال الاستكشافات، والمحتكر الوحيد في ذلك هو الشركات الخاصة والاستثمارية، حيث وصل عدد الشركات الأجنبية التي تعمل في مجال الاستكشاف بمصر نحو 60 شركة.

وأرى أن التقصير في المقام الأول من العلماء الذين لا يقدمون أنفسهم للمجتمعات، ونحن كنقابة للعلميين تقدمنا بطلب منذ عام لرئاسة الوزراء لإنشاء شركة وطنية للبحث والاستكشاف، تحت مسمى «العلميون للاستكشاف والتعدين والتصنيع» وحصلنا على موافقة مبدئية، ونحن الآن نعد الدراسات والتي سوف تنتهي خلال الشهرين المقبلين.

برأيك.. هل تمتلك خبرات في مصر لإنشاء وإدارة هذه الشركة؟
نعم.. لدينا جميع الخبرات المؤهلة لإنشاء وإدارة هذه الشركة، في كل الاختصاصات التي سوف تعمل بها، وخلال 60 يومًا سنقدم الطلب الثاني بعد الانتهاء من استكمال الدراسات، وأؤكد أنه من خلال الدراسات، وجدنا أن جميع الإمكانيات لإنشاء شركة للاستكشاف موجودة في مصر.

هل هناك تعاون فعلي بين نقابة العلميين والدولة في العمليات الاستكشافية؟
نعم، نقابة العلميين تقوم بدور كبير مع الدولة في تسليط الضوء على المناطق الغنية بالمعادن والتعدينية في مصر، للتوجه إليها واستغلالها، وهناك نموذج صارخ في حياتنا العملية، وهو شركات الحديد والصلب، فمصر بها خامات حديد تكفيها لمدة 300 عام، في العديد من المناطق أبرزها في الواحات، والعوينات، وأسوان، ومع ذلك طن الحديد يصل سعره لـ 13 ألف جنيه، والسبب في ذلك استيراد خامات الحديد والصلب من الخارج، وعدم استغلال الخامات المحلية، وأؤكد أن الشركة الوحيدة التي تستخدم الخامات المحلية هي شركة حلوان للحديد والصلب، فإن سعر طن الحديد لن يتجاوز حاجز الـ 5 آلاف جنيه، والأهم من ذلك إستراتيجيا سوف تكون الدولة هي من تملك الخامة الخاصة بها.

أما فيما يتعلق بـ«تعاون النقابة مع الدولة».. فنحن نحدد لها العديد من التوصيات للاستغلال الأمثل للثروات الطبيعية المتواجدة في الصحراء، وبالنسبة للفوسفات الخام نبيع الطن منها بنحو 25 دولار، بينما في حالة إجراء عملية تصنيع أولية له سيصل سعره لـ 100 دولار وهو في الحالة الخام، وفي حال استغلاله باستخراج الصناعات الأخرى منه مثل فوسيديك أسيد، وأملاح الفوسفات، سيرفع سعر الطن منه ليصل إلى 500 دولار.

الرمال السوداء في مصر تعتبر كنزا لا يقدر بثمن.. هل ترى أنه يتم استغلالها بالشكل الأمثل؟
هنا في مصر يوجد نوعان من الرمال، السوداء والبيضاء، بالنسبة للسوداء، فهي تأخذ اللون الداكن لاختلاطها بالعديد من المعادن الأخرى، معظمهم يسمى بالعناصر غالية الثمن، مثل الزركونيوم، واليورانيوم، والعناصر المشعة، وقيمة هذه الرمال القيمة التاريخية التي نتجت منها لوصولها لمثل هذا النقاء بها، المتواجدة على سواحل مصر المطلة على البحر المتوسط، وتم إنشاء شركة لهذه الرمال السوداء، تقوم على فصل هذه العناصر عن بعضها، مما يجعل أسعارها مرتفعة الثمن، أما بالنسبة للرمال البيضاء، تستخدم في صناعات السيليكون والزجاج، وتتواجد في منطقتي شمال سيناء والزعفرانة، وحدثت خلال الفترات الماضية عمليات نهب وبيعت بأرخص الأسعار لدول أجنبية أبرزها إسرائيل، مما وصلت عمليات النهب لنحو 70% من الكميات الموجودة في سيناء.


بصفتك نقيبًا للعلميين هل هناك رؤى للنقابة أو طلبات بإنشاء وزارة خاصة بكم؟
نعم هناك فكرة ورؤية من النقابة لإنشاء وزارة للعلميين أو وزارة للبحث العلمي، بل طالبنا بذلك من رئاسة الجمهورية؛ لأن التعامل مع الخريطة المصرية يلزمه وزارة خاصة جدا، تحت مسمى «وزارة التخطيط العلمي»، فمساحة مصر نحو مليون كيلو متر مربع، وأول أمر يجب أن تقوم به هذه الوزارة هي ترقيم هذه الكيلو مترات المربعة من رقم 1 إلى مليون، وكل مربع منهم ترسم له خطة استخدام اقتصادية على حسب طبيعته وموقعه الجغرافي وتكوين التربة التي بها، وتسمى «خريطة استخدام الأراضي المصرية»، ولا بد من تمليك المصريين لهذه المربعات بعقد مشروط، لأن أكبر المشكلات التي تواجه الدول الآن وجود فراغات جغرافية غير مملوكة لأحد ولا يتم استغلالها على الإطلاق، وتكليف العلميين بضبط الجودة في هذه الأراضي.

• هناك العديد من المشكلات التي توالت على بحيرة قارون وعدم إيجاد حلول ملموسة لها.. فما تعليقك على هذا الأمر؟
العلميون لهم الدور الأول في تنمية مصر وتطويرها، وأنهم يستطيعون حل جميع المشكلات التنموية التي تتعرض لها البلاد في جميع المجالات، وأنا بصفتي نقيبا للعلميين أبادر بالتوجه للجهات المسئولة في كل محافظة وأعرض عليها خدماتي، فهناك من يستجيب ونتعاون معه ونساعده، ومنهم من لا يستجيب، وكان الدكتور جمال سامي، محافظ الفيوم السابق، من أكثر المحافظين الذين رحبوا بنا وطلبوا خدماتنا؛ لأنه كان مدركا للبحث العلمي والتكنولوجيا، وعرض علينا حل أكبر مشكلة تواجه المحافظة وهي تلوث بحيرة قارون، وتم تشكيل لجنة من النقابة العامة للعلميين، وفرعها بالفيوم، وكلية العلوم بالمحافظة، وتم دراسة هذه المشكلة على مدار 4 أشهر، ووضع خطة للتجديد والتنقية والإحياء، من خلال إغلاق جميع مصادر التلوث، وأخذ مياه الصرف لمكان آخر، وتعميقها أكثر مما هو موجود ليقل حجم سطح المياه، مما يجعل نسبة الملوحة تقل بالتوازي؛ لأن هذه البحيرة أهم مورد اقتصادي للمحافظة، وتعتبر في الوقت الحالي ماتت إكلينيكيا،، بسبب أعمال الصرف الزراعي والصناعي والبشري التي تصب فيها.

كانت هناك العديد من المطالبات خلال الفترات الماضية بتوصيل شبكات من المياه العذبة بالنيل للبحيرة... لماذا لم يتم ذلك؟
هذا الحل سليم جدا، والسبب في عدم اكتماله يرجع إلى النقص الكبير في مياه النيل، فمنذ إنشاء السد العالي انخفض مستوى المياه في النيل، وبحيرة قارون وبحر يوسف كانا يعيشان على الفيضان المرتفع، وكانت تملأ البحيرة في وقتها، بسبب ارتفاع منسوب المياه في النيل، أما الآن فلا يوجد ذلك.

إذن.. هل يمكن القول أن الأزمة تطورت بعد بدء إثيوبيا في إنشاء سد النهضة؟
بالنسبة لأزمة سد النهضة الإثيوبي وتأثيره على المياه في مصر، فأنا أقول بأنه لن تحدث أية أزمات في مصر، بل الأزمة الكبيرة هنا هي سوء إدارة المياه المتوفرة من قبل وزارة الري، وهذا السد لن يشكل أي أزمة في حال اكتماله، فالسبب الكبير في نقص المياه هو تبخيرها على طول قنوات الري، ما يؤدي لتبخر نحو 30 % منها، والحل العلمي لتوفير المياه ووقف المشكلات الثلاثة –البخر والهدر والتلوث- التي تواجه المياه والاستفادة منها، هو اللجوء «للري الأنبوبي»، من خلال توزيع جميع مياه النيل في أنابيب مغلقة، بدءا من بحيرة ناصر حتى الوصول للمياه التي نشربها في كل مكان بمصر، وهو ما يسمى بالنهر الأنبوبي، وجميع النقاط في الأراضي المصرية ستروى بدون استخدام ماكينات لارتفاع بحيرة ناصر عن الأرض بنحو 170 مترا، وبالنسبة لتكلفة هذه الأنابيب لن تكون كثيرة جدا، فالكيلو متر من هذه المواسير سوف يكلف نحو مليون جنيه فقط، ومع وجود هذا الحل العلمي الكبير لتوفير المياه وعدم إهدارها، بل وعند الانتهاء منه سيدر على الدولة بالكثير من الأموال، إلا أن وزارة الري تحارب هذه التجربة، لأنها ستجعلها ليس لها سيادة على المياه.

بعيدًا عن الاستكشافات.. النقابات المهنية ظلت لسنوات طويلة في قبضة جماعة الإخوان الإرهابية.. هل لا تزال الجماعة تمتلك قواعد لها في وقتنا الحالي داخل النقابة؟
لم يعد للإخوان أي تواجد أو قاعدة داخل النقابات المهنية أو الشعب المصري ككل، مما جعلهم أصبحوا تاريخا ويستحيل أن تعود الجماعة للعمل في مصر كما كانت قديما؛ والتجربة التاريخية أثبتت بوضوح أن كل التنظيمات التي تتواجد على خلاف القانون تنتهي بكارثة.

كيف تابعت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي للصحف الكويتية التي أكد فيها أنه لا مصالحة مع الإخوان؟
رؤية الرئيس السيسي ثاقبة؛ لمرارة التجربة التي عاشتها مصر، فلو كانوا مثل الأفراد العاديين لتقبلهم الرئيس والشعب، لكن طالما أنهم نظموا تنظيما ويهاجمون كل من هم مختلف معهم في فكرهم ونشاطاتهم فلن يقبلهم أحد، والسبب الذي جعلهم منبوذين سواء في المجتمع المصري أو المجتمعات العالمية بسبب تفكيرهم بأنهم فوق المجتمع.

بالحديث عن أن الجماعة أصبحت «تاريخ» هل يمكن القول أن فقه الإسلام السياسي انتهى؟
من ناحية فقه الإخوان ودوره في السياسة، فهذا كان قديمًا، وهناك أحكام في الإسلام تنظم العمل السياسي، وهذا ما يقوله الأزهر الشريف وعلماء الإسلام، ولن ينتهي الإسلام السياسي بسقوط الإخوان إطلاقا، بل أكثر القوانين الموجودة في مصر أساسها الشريعة الإسلامية، وجميع أعمال التشريع في البرلمانات المتعاقبة منذ دستور 1923 حتى وقتنا الحالي كانت تتوخى أن تكون في إطار الشريعة الإسلامية.

سيد قطب كان كاتبا وكتبه لعبت دورًا رئيسيًا في تشكيل هوية الإخوان.. فما رأيك فيه؟
سيد قطب لم يكن كاتبا دينيا على الإطلاق، ولا يجب حسابه على أنه كذلك، بل هو كاتب أدبي، والكاتب الأدبي لا تؤخذ منه أي أحكام فقهية، وهذا هو ما وقع فيه الشباب المصري، بتصورهم أنه كان كاتبا دينيًا، وأؤكد أن المثقفين الأدبيين ليس من حقهم الإفتاء في الأمور الدينية، لأنها ليست من تخصصاتهم.

ما زلنا في «مربع الإخوان».. هل التنظيم السري للإخوان كان له دور في عرقلة هذا الفهم للدولة المدنية؟
التنظيم السري كان أكبر خطأ في حياة الإخوان، وجوده يعتبر دليلا على ارتكابه أفعالا مخالفة للقانون، ولو كانت أعماله متفقة مع القانون لما كانوا يجعلونها بشكل سري، ومع ذلك فإن بعض علمائهم كان لهم أثر إيجابي في واقع الثقافة العامة بمصر، لا سيما في الوقت الذي تواجد فيه الاستعمار الإنجليزي؛ لأنه كان هناك هجمة ثقافية تريد أن تغلب الثقافة الغربية على الهوية العربية والإسلامية للمجتمعات الشرقية، فكان لا بد من وجود ثقافة جديدة تقنع الشباب والمثقفين أن لديهم بديل عربي وإسلامي بدلا من المستورد.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
الجريدة الرسمية