رئيس التحرير
عصام كامل

«القسط القناوي».. بروستو الصعيديات لإعداد وجبات عالمية (صور)

فيتو

"في مندرة بيتنا القديم.. نساء يرتدين الجلباب الصعيدي الأسود ويحملنا على رؤسهن أواني فخار مملؤة بالمياه وكل منهن تستعد لإشعال نيران الكانون.. الجدة تنصح خلوا بالكم من العيال.. كلهن في نفس واحد يشعلن النيران ويبدأن وضع القسط الفخار عليه لطهو اللحوم الحمراء.. النهاردة فرحة والمة تؤكل يابت منك ليها.. كتروا عشان الناس تاكل.. والغلابة تشبع".. تلك الكلمات كانت نساء قرى الصعيد الجواني ترددها عن طهو اللحوم في المناسبات والأفراح.. "القسط الفخاري" هذا الإناء المخصص لطهو اللحوم وبأحجام مختلفة بحسب بيوت العائلات الكبرى.


"لحمة القسط تركز في الرأس" بتلك الجملة سردت روحية محمود، سبعينية العمر، أنها كانت ولا تزال تعشق طهو اللحوم في القسط على الكانون، وجميع البيوت في القرى كانت تحرص على وجوده لدى العمد ومشايخ البلاد والأعيان وحتى الفقراء، لما له من أهمية كبيرة في المنزل القنائي وحتى يومنا هذا يحرص الكثير على وجوده وطهو اللحوم وبخاصة في المناسبات والأعياد، لافتة إلى أنه مهما كان هناك موجود بديلا من حلل حديثه لطهو اللحوم فلن يكون مثل هذا لحم القسط القناوي ومعروف أنه يحتفظ بسخونة الطهو وهذا الأمر في الزمن القديم كان مطلوبا بخاصة في الشتاء.

والتقطت أطراف الحديث جميلة يحيى، ستينية العمر، قائلة: إن القسط كان من أساسيات جهاز العروس والمرأة التي لا تملك قسط متعرفش تطبخ وملهاش نفس فيه"، مشيرة إلى أن ابنتها تزوجت في القاهرة، وعند سفرها إليها طلبت منها أن تعد لها أدوات من الفخار وعلى رأسها القسط.

صعيديات مودرن
وبالرغم من مرور السنوات، واستحداث أدوات للطهو إلا أن نساء الصعيد الموردن كما يطلق عليهم لا يزالن يحرصن على وجود القسط الفخاري.

قالت مروة مجدي، موظفة، إنها لا تزال حريصة على شراء القسط وطهو اللحم والفول المدمس فيه وغيره من البقوليات والأطعمة، ولكن اللحم الضأن له طعم آخر في القسط واشتقنا كثيرًا إلى عمل كانون وطهو اللحم عليه ولكن الأمر صعب وبخاصة في الشقق السكنية الحديثة.

وأشارت نورهان طه، مدرسة، إلى أن القسط من أفخر أنواع الحلل الصعيدية المصنوعة من الفخار والتي يمتاز بها المطبخ القنائي، مؤكدة على أن النساء مهما كن عندهن تغيرات حديثة، إلا أنهن يحرصن على الاحتفاظ ببعض أنواع التراث والأدوات الخاصة بهن ولفتت إلى أن الضأن المطهو على القسط من روائع المطبخ القنائي ويحتفظ بدرجة الحرارة وبخاصة في فصل الشتاء.
الجريدة الرسمية