رئيس التحرير
عصام كامل

رحيل «العقيد البطل».. وفاة ساطع النعماني بعد سجل مشرف من البطولات.. أنقذ أهالي بين السرايات من بطش «الإرهاب».. استقبل تراب الوطن بالسجود.. واستقبال الأهالي له أسعد لحظات حياته (فيد

فيتو

«عشت بين الحياة والموت لمدة 14 شهرا في سويسرا على أمل العودة إلى تراب الوطن مرة أخرى، بعد غيبوبة تامة لمدة 3 أشهر متواصلة، ظن الجميع أنني لن أفيق منها ولن أعود إلى الحياة مرة أخرى، ولكن إرادة الله ودعوات المصريين كانت معينة لي للعودة للحياة مرة أخرى، على الرغم من توقف أجهزة الجسم المختلفة والكبد والكلى».


بهذه الكلمات روي العقيد ساطع النعماني، نائب مأمور قسم بولاق الدكرور سابقا، اللحظات العصيبة التي عاشها خارج الوطن منذ أن أطلق عليه الإرهابيون والقناصة الرصاص من أعلي أسوار جامعة القاهرة، أثناء إنقاذه العشرات من أهالي بين السرايات، بعدما اعتدوا عليهم وقتلوا 15 منهم وأصابوا 60 آخرين ودمروا 70 محلا مملوكة للمواطنين.

اليوم يكتب التاريخ آخر صفحة عن إنجازاته في الدفاع عن القانون، ومعاناته مع الإعاقة، بعد وفاته في لندن، حيث كان يستعد للعودة إلى القاهرة بعد ساعات قليلة من نجاح جراحة في الوجه.

حادث بين السرايات
وبدأت الحكاية حين قرر العقيد الراحل النزول للشارع للدفاع عن المواطنين ضد الجماعات الإرهابية، وبالتحديد في يوم 2 يوليو 2013، عندما كان الرئيس المعزول محمد مرسي يلقي خطابه بالتليفزيون، ويردد كلمة الشرعية مرات ومرات، وهنا خرج عناصر من الإخوان بمنطقة بين السرايات، وظلوا يطلقون الرصاص على الأهالي، واشتبكوا معهم مما أسفر عن مقتل أهالي لا ذنب لهم إلا الوجود بالمنطقة مصادفة، وقامت قناصة بإطلاق الرصاص بصورة عشوائية.

حاول «النعماني» الضرب بيد من حديد، حتى لا تتفاقم المجازر ويتساقط القتلى بأعداد كبيرة، بعدما تدافع الإرهابيون إلى منطقة بولاق الدكرور وبين السرايات، يطلقون الرصاص عشوائيا.

وقال العقيد الراحل عن تلك اللحظات «أثناء قيامي بمحاولة إبعاد مواطني بولاق، فوجئت بقناص أعلي الجامعة يطلق الرصاص فسقطت، ولم أشعر بشيء بعدها، وبالتحديد كنت في عداد الأموات ولم أعد للحياة إلا بعد 92 يوما، بعد أن قرر اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الأسبق، تسفيري في طائرة طبية للعلاج في سويسرا».



الإصابة والعلاج
العقيد ساطع ظل في غيبوبة تامة وتوقف في وظائف الكلى، وأجري 12 جراحة بالبطن والوجه بعد أن تحطمت أسنانه وفقد بصره، وانكسر عظام وجهه».

ورغم ذلك تحلى بالصبر والمصابرة، وعلق بكلمات انقبضت لها القلوب، حيث قال «أشعر بالفخر لأني كما وقفت بجوار الشعب المصري فالله سخر لي مصر دولة وشعبا لتقف بجواري إلى أن تم شفائي من إصاباتي».. وهنا انتابته حالة من البكاء قائلا: «أنا كنت فقدت بصري لكني لم أفقد بصيرتي، والآن أرى بعيون المصريين وعيون زوجتي وطفلي الوحيد ياسين الذي أتمنى أن يعيش في هذه الحياة وينعم، بعد أن حاول الإرهابيون تعكير فرحة المصريين بثورتهم».

السجود والاستقبال الحافل
وفي سبتمبر 2014 عاد العقيد ساطع النعمان إلى مصر، ووجد في استقباله عدد كبير من رجال الأمن ومجموعة من المتطوعين بحركة «تحيا مصر»، وذلك بعد دعوات لتنظيم استقبال شعبي للعقيد، حضر فيها أهالي بولاق الدكرور.

وكان أول شيء فعله هو السجود لله وتقبيل تراب الوطن، الذي قرر أن يحيا فداء له، قائلا: «نتمنى الشهادة من أجل رفعة الوطن وحياة طيبة لأبنائنا، غادر الضابط المصاب ساطع النعماني مطار القاهرة وسط احتفاء عدد من المواطنين به، ورددوا «أغنية والله وعملوها الرجالة».

أحلى أيام
رغم أن الإصابة ليست سهلة، ولكن العقيد أوضح أن الأيام التي يعيشها بعد إصابته التي تعرض لها في أحداث «بين السرايات» أفضل من التي كان يعيشها قبل ذلك، مشيرًا إلى أنه عندما يسير في أي مكان يرى حب الناس في أعينهم.

وتابع «النعماني» خلال لقائه مع الإعلامية نجوى إبراهيم في برنامج «بيت العيلة»، المذاع على قناة «النهار»: «يوم ما يحصل حاجة لأي حد اعرف أن ده كرم من ربنا، محدش ييأس ربنا سبحانه وتعالى قسم الرزق هتأخده هتأخده، ويوم ما يأخد منك حاجة كبيرة هتأخد حاجة أكبر».
الجريدة الرسمية