رئيس التحرير
عصام كامل

الفنان التشكيلي محمد صبري.. 100 عام من العطاء

فيتو

سألني أحد الأصدقاء لدى سماعه نبأ، وفاة الفنان التشكيلي الكبير محمد صبري بعد أن تجاوز عمره مائة عام: هل يعمر الفنانون التشكيليون أكثر من غيرهم؟ أجبته: إنهم مثل كل البشر.. منهم من يعيش طويلا ومنهم من يموت صغيرا، فهي أعمار مكتوبة ولا يعرف سرها إلا خالق البشر.. ففي مصر مات أعظم نحات مصري في القرن الحديث في ريعان الشباب، وكذلك مات سيد درويش أبو الموسيقى المصرية الحديثة وعمره ثلاثون عاما.. وفي أوروبا مات الموسيقار العبقري موزار في الخامسة والثلاثين وكذلك مات الفنان الهولندي في نفس العمر تقريبا بينما عاش عبقري النهضة الإيطالية مايكل أنجلو حتى تخطى التسعين.


إذن ليست الحياة تقاس بعدد سنوات العمر، وهناك مثل يقول «إن دقات ساعة الحائط تعطي زمنا مزيفا».. ومن الفنانين من تركوا إنتاجا كثيرا وعظيما طال عمرهم أو قصر.

أما الفنان التشكيلي الكبير محمد صبري الذي رحل منذ أيام «في الثلاثين من أكتوبر» بعد أن ملأ الدنيا فنا وفكرا وعاش القرن العشرين كله وسنوات من القرن الحادي والعشرين وترك أثرا جليلا لا ينمحي، فقد ولد سنة ١٩١٧ بالقاهرة وأطلق عليه رائد فن «الباستيل» فقد عشق خامة الباستيل كوسيلة مفضلة، وتميز منذ صباه بإجادته التعامل بهذه الخامة.

عاش الفنان محمد صبري حياة عريضة وثرية متنقلا بين مصر التي نما وترعرع فيها وبين إسبانيا التي اعترفت بفنه وقدرته حق التقدير وتنوعت موضوعات لوحاته بين البيئة المصرية والآثار الفرعونية والريف المصري والآثار الإسلامية في الأندلس والمناظر الطبيعية في إسبانيا والمغرب وغيرهما من الدول.

أقام محمد صبري أول معرض خاص للوحاته بالقاهرة قبل نحو تسع سنوات من ثورة يوليو ٥٢ وذلك عام ١٩٤٣ وحصل على الجائزة الأولى في التصوير بالمهرجان الأدبي الفني الذي أقامته وزارة المعارف العمومية بمصر سنة ١٩٤٨.

ونال محمد صبري عددا كبيرا جدا من الجوائز المحلية والعالمية وخاصة من مصر وإسبانيا مما يصعب حصره في هذا الخبر.. وتوجد مجموعة من مقتنياته في معظم السفارات المصرية بالخارج وكذلك المجموعات الخاصة في كل من مصر وإسبانيا وإنجلترا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وسويسرا والبرتغال والهند والمغرب والولايات المتحدة والبحرين وقطر وسلطنة عمان والكويت والسعودية.

وفي العام الماضي عندما بلغ الفنان الكبير المائة من عمره أقامت كلية الفنون التطبيقية معرضا لأعماله لم يستطع لمرضه حضوره.

رحم الله فقيد الفن وابن مصر البار الأستاذ محمد صبري وجعل الجنة مثواه.
Advertisements
الجريدة الرسمية