رئيس التحرير
عصام كامل

المطربة اللبنانية كارلا رميا: أشعر بمسئولية مضاعفة في دار الأوبرا.. ومع الجمهور المصري «ممنوع الغلط»

المطربة اللبنانية
المطربة اللبنانية كارلا رميا

  • أندريه الحاج "سند فني" ويمزج بين الإحساس والتكنيك
  • الموسيقى أول ما التقطته أذناي بعد ولادتي

لا صوت واحد يداعب حنجرتها، وإنما تتشارك عدة آلات موسيقية في غزل صوتها، كما لو أنك تستمع إلى أوركسترا كاملة تخرج من فمها.. كيف لا! وهي الطفلة الصغيرة التي التقطت الموسيقى في اليوم الأول لولادتها، إلى أن نضجت على حب ما التقطته من نغم وحفظه في قلبها.

للمرة الثانية تصطحب الفنانة اللبنانية كارلا رميا، جمهور مهرجان الموسيقى العربية إلى عالمها، برفقة حنجرتها التي تحمل من النغم الشرقي ما تخشع له الأذن، ويطرب له القلب، حيث كان لـ "فيتو" لقاء معها ليدور الحوار على النحو التالي:

*هي المرة الثانية التي تشاركين فيها بمهرجان الموسيقى العربية.. فما الحالة المختلفة التي تشعرين بها تجاه الغناء على مسرح الأوبرا المصرية؟
بالفعل شاركت المرة الأولى عام 2000 كمؤدية منفردة، أثناء دراستي في جامعة روح القدس الكاثوليك، ولكن مشاركتي هذا العام مختلفة لأنها تأتي بعد نضج فني ودراسة أكاديمية وعلمية أثقلت موهبتي، وهذا أمر مختلف ومميز بالنسبة لي، ولكنه يشعرني بمسئولية ضخمة أمام جمهور دار الأوبرا العريق.

*دائما هناك رهبة لدى المطربين من الجمهور المصري.. فما هي الأسباب في رأيك؟
الجمهور المصري له الرهبة الأكبر في الوطن العربي، لأنه ذواق ويستمع بشغف وثقافة لأنه استمع على مدار حياته لعمالقة الطرب العربي الأصيل الذين مروا جميعهم من مصر، لذا فالرهبة والمسئولية تكون مضاعفة في مصر، ومع الجمهور المصري "ممنوع الغلط".

*مصر ولبنان دائما شريكان فنيان مميزان في العالم العربي، فهل تجدين وجها للتشابه بين الجمهور المصري واللبناني في ذائقته الفنية؟
بالفعل.. الشعبان والبلدان المصري واللبناني أبدوا على مدار تاريخهم تمازجا كبيرا على المستوى الفني والثقافي، فمعظم عمالقة الفن في الوطن العربي خرجوا من رحم مصر ولبنان، وانتقل وتبادل كل فنان من الآخر، حيث تعامل فنانو لبنان ومصر على أساس واحد يتمثل في أن كلا البلدين وطنهم، لذلك نشعر نحن كلبنانيين في مصر أننا في وطننا، ويشعر المصريون في لبنان بالشعور نفسه، وهو الأمر الذي ينتقل بالضرورة إلى الشعب الذي تتشابه ثقافته وذائقته الفنية، من خلال مزج الفنون بين البلدين.

*شاهدناك تتألقين في الترنيم.. فما المميز في الغناء الديني والترانيم على وجه الخصوص عن باقي الألوان الغنائية؟
الترنيم جزء أساسي من حياتي الفنية، ولكنه ليس الجزء الوحيد فيها، واعتبر أن الغناء الديني هو بمثابة فعل شكر على عطايا الله، وهذا لا يعني أن الغناء العادي لا يقل سموًا عن الغناء الديني، فهو يتضمن نفس الشغف والإحساس، ولكن المضمون من حيث المعنى يكون مختلفا، وبالتأكيد هناك معايير محددة يجب تواجدها في الفنان لكي يستطيع الغناء الديني "الترانيم".

*هل تجدين أن قاعدة الترنيم الجماهيرية في الوطن العربي ضئيلة للغاية؟
بالطبع فالترنيم له أجواءه الخاصة، التي يجب أن تتناسب مع طبيعة السمو الروحي، والحالة التي يعيشها المرنم، ولكني لا أعتمد على القاعدة الجماهيرية للترنيم، وإنما استخدمه كفعل شكر وصلاة.

*تتعاونين حاليًا مع المايسترو أندريه الحاج فمتى بدأت العلاقة الفنية بينكما وما كواليسها؟
في حقيقة الأمر، علاقتنا بدأت منذ فترة طويلة للغاية، حيث كنت طالبة على مقاعد الدراسة في جامعة روح القدس الكاثوليك، وكان المايسترو أندريه الحاج أستاذي بالجامعة، ومنذ اللحظات الأولى للقائنا وحديثنا شعرت أنه سند فني وداعم حقيقي وإنسان يمتلك حسا مرهفا، وتبين مع الأيام أنني كنت على صواب، فكان يثق بصوتي ويقدر إمكانياته، ومن ثم تطورت علاقتنا إلى أن تعاونت معه في أوركسترا الشرق العربية بلبنان، وقدمت معه العديد من الحفلات في لبنان والخارج.

*ما المميز في القيادة الموسيقية لأندريه الذي يجذبك للتعاون معه؟
أرى أن أسلوب أندريه الحاج في القيادة الموسيقية به كثير من الذوق والرقي والإحساس، فهو يمزج بشكل ملفت للنظر ما بين الإحساس الموسيقي والتقنيات، فيستطيع أن يخرج من نفوسنا ونفوس العازفين معه، كل ما نمتلك من أشياء فنية جميلة ليخرجها إلى المسرح بسلاسة ويسر دون أن يشعرنا.

*مؤخرًا صدحت عدة تجارب لمزج الموسيقى والأغاني الدنيوية بموسيقى وأجواء الغناء الديني.. هل تجدينها تجربة مثمرة أم أضاعت طابع الاثنين؟
هي تجارب تحترم أولا وأخيرًا، ولكن أعتقد أنه يجب المحافظة على خصائص النوعين، فالمزج ممكن إذا تم بشكل يتناسب مع طبيعة النوعين، ولا يضر أو يعلي من قيمة نوع على الآخر، لأن لكل نوع فيهم خصوصيته، ولكل منهم رسالته الخاصة، لذا فالأفضل أن يتم الفصل بين النوعين، على الرغم من هتاف النوعين لنشر قيم سامية، لكي تصل تلك الرسائل بشكل صحيح وسليم دون أي مغالطات.

*دعينا نلقي نظرة على بداياتك.. كيف دخلت عالم الفن وكيف كانت بداياتك فيه؟
أعتقد أني دخلت عالم الفن مذ فتحت عيني على الدنيا، حيث ولدت ببيت فني لوالد عاشق للموسيقى ويعمل بها، وهو ما يفسر أن الموسيقى كانت أول ما التقطته أذناي في تلك الحياة، ومن ثم كان من الطبيعي في ظل عائلة مماثلة أن تدعمك لثقل موهبتك بالشكل المناسب، من خلال الدراسة واكتساب المهارات اللازمة، ولست وحدي فقط من تغني في العائلة، وإنما نحن خمسة أخوات ونمتلك جميعنا صوتا جميلا ونعمل جميعنا في الغناء، لذا فطريقة دخولي إلى عالم الفن كانت تلقائية، نظرًا لأنني خلقت وسط عالم الموسيقى والفن بالأساس ونعيشه مثل الخبز اليومي، وعائلتي كانت الداعم الأول لي طيلة حياتي، وما زال هذا الدعم مستمرا حتى اللحظة، من خلال أخذ مشورتهم في كل كبيرة وصغيرة تخص عالم الفن.

*لك عدة تجارب فنية مع مطربين كبار، فمن هو الفنان أو الفنانة الذي تتمين التعاون معه؟
الكثير منهم، لا يمكنني تحديد اسم بعينه، فقد تعاونت مع كثير من المطربين خلال مسيرتي، سواء من خلال الغناء أو تدريس الموسيقى، وكل فنان ومطرب مر بحياتي ترك بها بصمة لا يمكنني نسيانها.. ولكن بالطبع أود العمل مع المطربين الذين يحبون ويحترمون الموسيقى العربية، ويعملون لرسالة وقضية إنسانية وراقية.
الجريدة الرسمية