رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

كريم العراقي.. بطل من أمل.. بطولة الجمهورية في تنس الطاولة أبرز إنجازاته.. وكأس العالم محطته القادمة.. تحدى حالته الصحية.. والدته «سر نجاحه».. ويحلم أن يصبح «دكتور عظام»

فيتو

«والدته سر نجاحه.. وعزيمته طريق تفوقه».. من هنا يمكن الحديث عن حكاية الطفل كريم العراقي، صاحب الـ13 ربيعًا.. فإن تولد بجسد عظامه واهنة.. قامة قصيرة لا تمنحك المساحة الكفاية للتطلع إلى أحلامك، لن يكون غريبًا أن تستسلم للأمر الواقع وتقرر التعايش مع مرضك، إلى أن يأتي الفرج، إلا أن «كريم» ومن قبله «ولاء» والدته، في العقد الثالث من عمرها، لم يستسلما للواقع وعملا على تغييره بكل ما يمتلكان من قدرة على الحلم والأمل.


«تنس الطاولة».. اللعبة التي تفوق فيها «كريم»، فرغم خضوعه لفترة تدريب قصيرة على اللعبة، إلا أنه أتقنها جيدًا، ليتمكن من حصد عدة بطولات جمهورية بلعبة تنس الطاولة، ليستعد لخوض بطولة العالم في يونيو المقبل.

البداية
منذ 13 عاما.. وداخل غرفة ولادة متواضعة الحال بمحافظة الإسماعيلية، أنجبت «ولاء» طفلها والذي كان بمثابة الفرحة المنتظرة لتحطيم الأحزان، لكن أحيانًا ليس «كل ما يتمناه الفرد يدركه»، حيث فوجئت الأم بضعف حجم نجلها الصغير، ونمو غير طبيعي لشكل الجسم، وبناء عليه قررت اللجوء لطبيب لتشخيص حالته الصحية.

تروي الأم تفاصيل تلك الأيام قائلة: «لجأت إلى طبيب فورًا عشان أعرف سبب شكل جسم ابني الغريب، واكتشفت إن عنده التهابات وتشوهات في مفاصل جسمه كلها، بالإضافة لعظم زجاجي ما يعني أنه سيلازم فراشه ويكون غير قادر على الحركة إلا بيد واحدة».

لمدة 11 عاما، لم تتوقف التدخلات الجراحية والعمليات في جسد «كريم »، بسبب ضعف جسمه الذي أدى لكسر مناطق كثيرة من عظامه أكثر من مرة، مما تطلب تدخلا جراحيا بكل مرة، أما عن العلاج الطبيعي فاستمر لسنوات طويلة، ولكن نهاية المشوار العلاجي كان قد أوشك على الانتهاء، ويأست الأم من استمرار العلاج لنجلها بعد بلوغه سن ١٢ عاما، وتوقفت عن الذهاب للأطباء ومراكز العلاج الطبيعي واكتفت بجلوسه على الكرسي المتحرك وبدأت في تنميته من جهة أخرى، وهي الجهة الرياضية، نظرًا لكونها مدرسة تربية رياضية بإحدى المدارس في الإسماعيلية.

اليوم العالمي لأصحاب القدرات الخاصة
خلال اليوم العالمي لذوي القدرات الخاصة، أقام النادي المختص بحالات القدرات الخاصة بالإسماعيلية، حفلًا للأطفال، وتواجد «كريم» بالحفل، وصدفة، طلب مدربه الأول «شريف»، من والدته أن يتمرن طفلها على لعبة «تنس الطاولة»، وتغلبًا على حجمه الصغير الذي لا يمكنه الوصول لطاولة التنس بسبب قصر قامته، مدربه قرر وضع وسادات أسفله، حتى يتمكن من اللعب، وبالفعل تمكن من الوصول للطاولة وبدأ التدرب عليها بعمر الـ8 سنوات، وتمرن لمدة 3 سنوات حتى وصل لبطولة الجمهورية 2011، وحصد الميدالية الذهبية، وحاز لقب أفضل ناشئ في مصر.

كان مقررًا أن يخوض البطل الصغير بطولة كأس مصر، لكنه لم يتمكن لخلافات بالنادي، واضطر البطل الصغير حينها لترك النادي، والالتحاق بناد آخر، وهنا استقبله نادي السكة الحديد بالإسماعيلية، وفتحوا الأبواب لاستقبال ذوي القدرات الخاصة ليتمكنوا من ضم «كريم» لهم، ليحصل ابن الـ13 عاما على المركز الأول ببطولة مؤسسة الحسن بنادي الجزيرة، ولقب أحسن لاعب بالبطولة، ومنذ عدة أشهر، انضم «كريم» لمنتخب مصر، ليستعد لخوض بطولة كأس العالم لتنس الطاولة، خلال يونيو المقبل.

التعليم
مشكلة ثانية واجهتها الأم.. تمثلت في دخول نجلها المدرسة الابتدائية، لكنها صممت على موقفها، حتى تمكنت من إلحاقه بمدرسة للأسوياء، وليست لذوي القدرات الخاصة، «كنت كل ما أروح به مدرسة تقولي بلاش يدخل وخليه في البيت أفضل حافظي عليه، ومحدش هياخد باله منه، لأن ابني محتاج رعاية وأنا مُدرسة بالأزهر مقدرش أفضل جنبه دايمًا».

طلبت الأم من المدرسين الاهتمام بنجلها، خاصة في وقت الراحة بين الحصص ودمجه وسط الأطفال ليتأقلم معهم، «اشتريت له كرة يد صغيرة وطلبت من المدرسين إنهم يلاعبوه، وفهمت الأطفال إزاي يلعبوا معاه من غير مشكلة».

«دخلت المدرسة بتاعت كريم مرة، لقيت الأطفال بتلعب وهو قاعد على جنب بيتفرج عليهم»، بهذه الكلمات، وصفت «ولاء» أكثر المشاهد التي تألمت بسببها، فلم تتمكن من مشاهدة طفلها وحيدًا، وبدأت مرة أخرى، تُلح على الإدارة المدرسية والأطفال، ليدمجوا نجلها باللعب حتى تأقلم هو، وتأقلم زملاؤه، وأصبح لا يعاني من أي فرق بينه وبين زملائه.

اللعب مع الأصدقاء
«أكتر حاجة كانت بتضايقني أما المُدرسة ماكنتش بتنزلني ألعب مع زمايلي في الفسحة، وتقولي خليك أنت في الفصل يا كريم»، مواقف الفارقة بحياة الطفل البطل، لكنه تمكن من التغلب عليها، بل وقهرها.

إلى جانب حلم البطولات.. يحلم «كريم» أن يُصبح طبيبًا للعظام حتى لا يعيش مزيد من الأطفال معاناته مرة أخرى، «مش حابب حد يحصل له زيي وعايز أعالج كل الأطفال اللي عظامهم تعبانة».

الظروف المالية.. عقبة أخرى واجهت «البطل الصغير»، فأحيانًا لا يستطيع النادي أن يُدخله البطولات، أو توفير إقامة على نفقة الإدارة، مما يُعيق ذهاب الطفل لبطولات كثيرة، تقول الأم «معندناش تمويل نودي كريم كل البطولات، لأن الإقامة والمعدات محتاجة تمويلا كبيرا فوق طاقتي وطاقة النادي، وأتمنى أن تدعم وزارة الرياضة ذوي القدرات الخاصة، لأنهم يحققون ميداليات كتير ويستحقون الدعم».

"نقلا عن العدد الورقي..."
Advertisements
الجريدة الرسمية