رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«هيموفيليا».. الحياة «مع إيقاف التنفيذ»..الدولة تدعم المرضى بـ«العلاج المجاني».. و«أطفال مصر» تستقبل 12 ألف حالة سنويًا.. طاقم طبي وإداري داخل مركز العلاج.. ومط

فيتو

«هيموفيليا».. مصطلح يعني الدم، وهو أحد أمراض الدم الوراثية الناتجة عن نقص أحد عوامل التجلط في الدم، بحيث لا يتخثر دم الشخص المصاب بمرض الهيموفيليا بشكل طبيعي؛ مما يجعله ينزف لمدة أطول.


«طفولة تحت رحمة الهيموفيليا».. الجملة الأكثر وجعًا التي ستواجهك فور مرورك على أحد المراكز الطبية المعنية بتقديم الخدمة للأطفال، الذين شاءت الأقدار أن يصابوا بالمرض، وتشير التقديرات إلى أنه هناك 12 ألف مريض به، وسط احتمالات بارتفاع العدد إلى 15 ألف مريض.

الدولة من جانبها توفر العلاج لهؤلاء الأطفال تحت مظلة التأمين الصحي مجانا، ومؤخرا تم افتتاح أول مركز متخصص في علاج مرضى الهيموفيليا يتبع التأمين الصحي، يستقبل يوميا من 30 إلى 40 مريضا، وخلال العام الواحد يستقبل من 11 إلى 12 ألف مريض.

جولة
«فيتو» أجرت جولة داخل «المركز»، تحدثت إلى القائمين على المنظومة الصحية داخله، كما استمعت إلى أحاديث عدد من الأهالي المترددين على المركز، الذين تحدثوا – بدورهم- عن تفاصيل رحلة العلاج من المرض.

«شقيقها كان مصابا بالمرض.. وأطفالها كان لهم نصيب منه».. هكذا يمكن تلخيص رواية السيدة الأربعينية هدى الشحات، المصابة هي الأخرى بالمرض، وهي رواية تستحق التوقف كثيرًا أمامها، فعائلتها تكاد تكون جميعها مصابة بالمرض، فلديها شقيقتان مصابتان بالمرض، وكل واحدة منهما أطفالها أصيبوا بالمرض، إضافة إلى فقدان العائلة أربعة من الأبناء الذكور توفوا بسبب النزيف الشديد في أعمار مختلفة "16، 17، 10، 2" سنوات؛ نتيجة سقوط على السلم أو حوادث طارئة.

بصوت لم يخل من حزن، بدأت «هدى» حديثها قائلة: عند ظهور النزيف لدى أحد الأطفال أسارع باصطحابه إلى المركز، للحصول على حقن الكرايو والبلازما، وهي مشتقات الدم لمنع لنزيف وزيادة عامل التجلط، ومن الممكن أن أتردد يوميًا على المستشفى، وفي أحيان أخرى أسبوعيًا، حسب الإصابة، أضافت: الطفل إلى أن يبلغ 18 سنة يخضع للتأمين الصحي، ولا نتحمل أية تكلفة إضافية، وبعد أن يتجاوز الـ18 تصدر له قرارات علاج على نفقة الدولة، وعند انتهاء القرار نضطر في بعض الأحيان إلى تحمل تكلفة شراء الأدوية اللازمة.

التحديات
تجدر الإشارة هنا إلى أن مرضى الـ«هيموفيليا» يواجهون في حياتهم العادية – إلى جانب المرض- تحديات عدة، أبرزها عدم الاستمرار في وظيفة لكل الشباب، وحسب «هدى» فإن ابنها يتعرض للفصل من كل وظيفة يلتحق بها بسبب مرضه.

تركنا «هدى»، وتحدثنا من شيماء رضا، القادمة من إحدى قرى محافظة الجيزة، للحصول على العلاج من المركز لطفليها اللذين ورثا المرض من شقيقها، مشيرة إلى أنها تعاني من بُعد مسافة سكنها عن المستشفى الذي تأتي إليه في أوقات متأخرة في كثير من الأوقات؛ بسبب نزيف أبنائها سواء في الأنف أو الأسنان، أو أي عضو آخر من أعضاء الجسم.

أما خالد مصطفى والد «يوسف»، الذي اكتشف إصابة ابنه بالمرض أثناء إجراء عملية الختان له، على الرغم من عدم إصابة أي فرد آخر في العائلة، ومن وقتها يترددون على مستشفى أطفال مصر لتلقي العلاج، فبنبرة حزينة أكد أن ابنه حُرم من أبسط حقوقه، وهي اللعب مع أقرانه خوفًا من تعرضه لأي إصابة أو كدمة، مشيرًا إلى أن «يوسف» لا يذهب إلى المدرسة إلا في أوقات الامتحانات، وغالبية سنوات عمره قضاها بين أروقة المستشفيات.

«نهى» إحدى المترددات على المركز، تمنت توفير علاج يقضي على المرض ولا يتم توريثه، خاصة بعد وصمة العار التي يعانون منها، وضربت مثالا، قائلة «حماتي يوميا كانت تقول لزوجي أن يتزوج لإنجاب أطفال سليمة وبالفعل تزوج، وقد رضيت بقضاء الله ونصيبي، كما أنني لا أريد تكرار المعاناة ذاتها مع ابنتي».

«نهى» أكدت أنه رغم توفير العلاج بالمجان، إلا أن تزايد معدلات التردد على المستشفيات تحتاج إلى مصروفات كثيرة وسط ظروف مالية صعبة تعيشها.

من جانبها قالت الدكتورة نجلاء شاهين، رئيس قسم أمراض الدم بمستشفيات التأمين الصحي: مرض الهيموفيليا يرجع إلى نقص أحد عوامل التجلط الذي يؤدي إلى نزيف، وأكثر أنواعه انتشارا هو نوع هيموفيليا أ نتيجة نقص عامل 8 للتجلط وهيموفيليا ب؛ نتيجة نقص عامل 9 للتجلط.

7000 مريض
«د. نجلاء» أكدت وجود 7 آلاف مريض هيموفيليا تم تسجيلهم في الجمعية المصرية لمرضي النزف في جميع أنحاء مصر، لافتة إلى أن التأمين الصحي يعالج الأطفال من عمر يوم إلى 18 سنة على نفقة التأمين كاملا، وتمثل نسبتهم من مرضي الهميوفيليا من 60 إلى 70% لذا تم إنشاء مركز متكامل خدمي طبي توعوي، وتابعت: مريض النزيف الشديد يتم حجزه من يومين إلى 3 أيام 3 مرات في الشهر بخلاف المرضي الذين يجرون عمليات جراحية، حيث يتم توفير جميع أنواع التدخلات الجراحية لهؤلاء المرضي، منها خلع الضرس وتجهيز المريض، لأنه يمكن أن ينزف حتى الموت، ومتوسط التكلفة للعلاج لطفل عمره من 2 حتى 4 سنوات نحو 60 ألف جنيه، ومن عمر 4 حتى 6 سنوات تبلغ 95 ألف جنيه كعلاج فقط دون العمليات الجراحية، فيما تبلغ من 192 ألفا إلى 200 ألف جنيه لمن هم فوق 6 سنوات، وتزيد لملايين الجنيهات في حالات التدخلات الجراحي في البطن والمخ وجراحات العظام وتكوينها من جديد وتركيب شرائح ومسامير، وأحيانا بعض الأطفال يتعرضون لتمزق في الطحال ومستشفي أطفال مصر يحتل مركزا متقدما على مستوى الجمهورية في إجراء هذه النوعية من العمليات.

وقالت: فكرة إنشاء مركز للهيموفيليا جاءت لمنع المضاعفات، لا سيما وأنه كلما يحدث نزيف في المفاصل ومن نقطة دم تبدأ سلسلة من تفاعلات التهابية وإصابات مفاصل بالعظام لا تنتهي، وبعض المرضي لهم بروتوكول علاج أسبوعي وقائي لممارسة الحياة بصورة طبيعية والخروج للمدرسة خاصة أن نسبة كبيرة منهم أطفال.

وتابعت: أي مريض لو لم يتم اللحاق به يمكن أن يموت في الحال، ويجب التدخل السريع لإنقاذ كل طفل، وغالبية المرضي المصابين بالمرض يترددون على المستشفي نتيجة السحب الخطأ لعينات الدم في كبري المعامل في الخارج، ينزفون ويأتون لكي نسعفهم، بينما التمريض داخل وحدة الهيموفيليا وأمراض الدم مدرب على كيفية السحب السليم للعينة، ويخدم المرضي فريق متكامل لا يضم الأطباء والتمريض فقط بل العمال والإداريين، وأكدت أن الرياضة الوحيدة المسموحة لهم هي السباحة، وغير ذلك يجب أن يكون الطفل حاصلا على عامل تجلط لمنع التعرض للنزيف.

قسم الدم
من جهته، قال الدكتور رامي عادل مدير مستشفى أطفال مصر: مرضى الهيموفيليا كانوا يتلقون خدمة العلاج داخل قسم أمراض الدم الذي تم إنشاؤه منذ عام 1996 لعلاج جميع أمراض الدم، وخلال العامين الأخيرين زاد عدد مرضى الهيموفيليا، خاصة مع كثرة الأعراض الجانبية والمضاعفات التي تظهر عليهم ويحتاجون إلى أطباء في مختلف التخصصات، فيعاني المريض في الذهاب إلى العيادات التخصصية، فتم إنشاء مركز متخصص في الدور السادس بالمستشفى، به عيادات متخصصة لمرضى الدم، يضم استشاريين في تخصصات العظام والمخ والأعصاب والجراحة بجانب أمراض الدم، لا سيما وأن العلاج لا يقتصر فقط على عوامل التجلط بل هناك جراحات دقيقة لبعض هؤلاء المرضى.

مدير «أطفال مصر» أكد أيضا أن المستشفى لا يعاني نهائيًا من نقص في عوامل التجلط ومشتقات الدم اللازمة للمرضي، موضحًا أنه « يتم توفيرها من قبل التموين الطبي، ولا توجد أية مشكلة في الميزانية، كما أنه يمكن الشراء بالأمر المباشر».

"نقلا عن العدد الورقي..."
Advertisements
الجريدة الرسمية