رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

فرص تكامل القطاع العام والخاص في المدن الذكية


في عام ٢٠١٦ أصبحت قائمة أكبر عشر شركات عالمية تسعة منهم تعمل في نطاق التكنولوجيا، رغم أنه في ٢٠٠٦ كانت شركات الطاقة تتصدر المشهد بما يغير خريطة الاستثمار العالمي في ظل إحداثيات العولمة، لذا فإن مفهوم المدن الذكية أصبح واقعا مع تطور تقنيات الذكاء الصناعي وإنترنت الجيل الخامس internet of things الذي يحقق ترابط كل الأجهزة بالإنترنت كمحركات للثورة الصناعية الرابعة...


وبالتالي تصبح المدن الذكية من عناصر الاقتصاد الرقمي وعوامل جذب الاستثمار الأجنبي، لذا فإن الهدف من المدن الذكية ليس الرفاهية فقط إنما حلول حتمية فعلية لمشكلات تتفاقم وتكنولوجيا قادرة على الحلول، لذا وجب تحويل هذه المدن إلى مدن ذكية لحل مشكلات متراكمة وتزداد تعقيدا.

مع ارتفاع الدخل وزيادة سكان العالم إلى جانب تناقص ميزانيات المحليات.. ورغم أن إحصائيات البنك الدولي تؤكد أن ٥٤ ٪؜ من سكان العالم يعيشون في المدن فإنها بحلول عام ٢٠٥٠ نسبة قاطني المدن بالبلدان النامية سيتخطى ٧٠٪؜ : ٨٠٪؜، فيؤدي لزيادة الكثافة السكانية والتلوث والجريمة بدرجات يصعب السيطرة عليها، ويقوض جهود التنمية المستدامة.. بما يصنع فرصة حتمية لتكامل القطاع العام والخاص في تطوير البنية التحتية خاصة في ظل حلول تكنولوجية قادرة على تحسين جودة الحياة وتحقيق التوازن المطلوب.

"ميونيش كيترابال" مدير "المدن الذكية وإنترنت الأشياء في سيسكو سيستيمز" شركة تكنولوجيا وإحدى شركات وادي السليكون يؤكد أن هناك 3000 إلى 5000 مدينة تستعد لتحقق المعايير.

وقد أصبح القطاع الخاص ورواد الأعمال شركاء إستراتيجيين في تقنيات المدن الذكية ففي إسبانيا قامت شركة تليفونيكا بتركيب ١٢٠٠٠ جهاز استشعار في بنك سانتاندر، أيضا زودت شركة فودافون السلطات الأمنية لكاميرات يتم ارتداؤها على الجسم، ففي الولايات المتحدة نجحت أوبر وليفت في تخفيض نسب ملكيات السيارات بما يحقق تقليل التكدس والانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، وبالتالي تتحقق التنمية المستدامة من خلال هذه الاستثمارات، وفي تركيا قد تحقق التكامل بين القطاعين العام والخاص لشبكة المترو، ونجحت التجربة في الهند لتطوير شبكات الإنارة.

لكن ما زال هناك تحديات أهمها نقص الموارد المالية المتاحة للقطاع العام نحو شراكة القطاع الخاص بسبب نقص الميزانيات كظاهرة عالمية، بما دفع شركة "سيسكو" لإنشاء برنامج بتكلفة مليار دولار من رأسمالها ومشاركة صناديق أخرى لمساعدة المدن في شراء أنظمتها.. أيضا نجحت شركة "انترسيكشن" بتعظيم قيمة الإعلانات لتوسيع شبكات الإنترنت المجاني WiFi..

أيضا لا نغفل قدرة التكنولوجيا في رفع قيمة الأراضي المستهدفة للاستثمار العقاري، فإذا كانت في مناطق نائية فإن توفير المواصلات الذكية والخدمات للمدن الذكية تحقق فرصة نحو استثمارات أكبر، ولعل شركة we work نجحت في توفير مساحات مكتبية وقاعات اجتماعات حسب الاحتياج بما يحقق الوفر والاستدامة.. هذا النوع من الاستثمارات جذب شركة "فورد" لتوفير ميني باصات بناء على تطبيقات ذكية في برلين..

ونحو إدراك تحديات القطاع الخاص في الشراكة مع القطاع العام في نطاق المدن الذكية أسست "سيمنس" مركز الكفاية الخاصة بالمدن ووظفت مجموعة من المهندسين المعماريين والمخططين الحضريين وخبراء ماليين لاستيعاب تحديات التمويل والبيئة التشريعية وقابلية المجتمع نحو التطوير ثم التفاعل.. وهناك تطور نوعي لمدى استيعاب الجماهير لهذه التقنيات فهناك دراسة حول العالم قامت به وحدة الاستطلاع في مجلة “الإكونومست” بالتعاون مع شركة “فيليبس” أسفرت عن أن ثلث المواطنين يتفاعلون الآن مع نظام المدينة الذكية ويرسلون المعلومات وتقبل نصف المواطنين الفكرة للمشاركة المستقبلية في حين أبدى %37 من استعدادهم لتزويد الإدارة بمعلومات عن حياتهم الخاصة.

أعتقد أن التفكير في إنشاء عاصمة إدارية ومدن جديدة كالعلمين والمنصورة الجديدة لم يكن رفاهية إنما كان قرارا حتميا للاندماج في إحداثيات الثورة الصناعية الرابعة، ولم يكن إلا إدراكًا لتحديات عالمية وكبنية تحتية لاستيعاب الاستثمارات الأجنبية لتحقيق تنمية مستدامة ورفع جودة الحياة للمواطن بما يخلق استقرارا اقتصاديا مستداما.
Advertisements
الجريدة الرسمية