رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

فلسطينيو 48 «كبش فداء» مصطلح التطبيع بين إسرائيل والدول العربية

صورة ارشيفيه
صورة ارشيفيه

موافقتك أو رفضك لمسألة التطبيع الثقافي مع الكيان الصهيوني، ليست بالأمر المهم أمام ما سيتم عرضه الآن، فكونك ترفض الأمر أو تقبله لا يتعارض مع حقيقة تاريخية مؤداها «أن مايطلق عليهم "عرب ٤٨" أو "فلسطينيو ٤٨" أو سكان الخط الأخضر هم فلسطينيون أبًا عن جد، مهما حملوا من وثائق وجوازات سفر إسرائيلية».


من هم سكان الـ ٤٨
لابد أولا أن نعرف ماهية سكان الخط الأخضر كما يطلق عليهم، فهم السكان الأصليين للمدن التي احتلها الكيان الصهيوني وفرض سيطرته عليها عقب النكبة الفلسطينية ١٩٤٨ والنكسة ١٩٦٧، ليجبر هؤلاء السكان على حمل جوازات سفر وهويات إسرائيلية مقابل البقاء في أراضيهم ومنازلهم.. فلم يجد السكان مفر من الأمر للحفاظ على بقائهم، إلا أن تلك الهويات لم تكن يومًا تحدد انتمائهم وهوية قلوبهم التي بقت فلسطينية.

كبش الفداء
الأزمة الحقيقية التي تواجه فلسطينيو الـ ٤٨ هي تعاملاتهم مع الدول العربية التي لا يستطيعون السفر إلى أغلبيتها لما يحملونه من جوازات سفر إسرائيلية، ورغم إدراك تلك الدول لحقيقة عروبة وفلسطينية هؤلاء السكان، إلا انهم يغضون الطرف عنها، ويتعاملون فقط بناء على ما يحملونه من أوراق رسمية خوفًا من اتهامهم بالتطبيع مع الكيان الصهيوني.. الأمر الذي يجعل من فلسطينيي الـ٤٨ "كبش الفداء" لهذا الخوف.

كثير من فناني عرب ٤٨ عانوا من تلك الوثائق، خاصة مع ما يحتاجه الفنان من حرية في التنقل بين الدول لتقديم فنه، إلا أن معظمهم يجد أبواب الدول العربية موصدة في وجهه، ليجد الفنان منهم نفسه أمام اضطرار حقيقي لتبرير مايحمله من أوراق إسرائيلية واضطرار لإثبات فلسطينيته وعروبته.. وعادة لا يفلح الأمر فيعود الفنان من حيث أتى، لا يحمل سوى خيبة الأمل.

على سليمان
كان الممثل الفلسطيني على سليمان، من آخر الفنانين الذين تعرضوا لتلك الخيبة، عندما تمت دعوته للمشاركة في مهرجان الجونة السينمائي لعام ٢٠١٨، وبعد وصوله إلى أرض مصر، اضطر للعودة مرة أخرى حيث لم تسمح له سلطات المطار بالعبور، رغم التاريخ الفني لسليمان والذي يحمل العديد من الأفلام الفلسطينية التي تناصر القضية وتثبت هويته وانتماءه.

دلال أبو آمنة
الفنانة الفلسطينية دلال أبو آمنة أيضًا لم تسلم من الأمر، عندما وصلت إلى القاهرة للمشاركة في مهرجان القلعة الدولي للموسيقى والغناء التي تنظمه دار الأوبرا المصرية، حيث نشرت إحدى الصفحات الإسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي أن دلال "مطربة إسرائيلية"، وهو ما أحدث حالة بلبلة في وسائل الإعلام التي راحت تدافع عن فلسطينية وانتماء دلال ابنه مدينة الناصرة، والمعروفة أنها من أشهر المطربات الفلسطينيات اللواتي يتغنين بالتراث الفلسطيني في جميع المحافل الدولية، ويحمل تاريخها الفني العديد من المواقف التي تدافع فيها عن الحق الفلسطيني في الأرض.

استطاعت دلال دحر تلك المزاعم التي نشرتها إسرائيل،بالصعود على خشبة مسرح القلعة، حاملة على كتفها "العلم الفلسطيني" وقالت لجمهورها: "جئتكم من أرض فلسطين إلى القاهرة.. أحمل الهم والهوية الفلسطينية"، وتغنت خلال الحفل بأغاني التراث الفلسطيني وأهدت أغنية إلى أهل غزة.

ريم بنا
وخلال عدة أعوام، حاولت الفنانة الفلسطينية الراحلة ريم بنا استخراج تصاريح تسمح لها بدخول مصر لإحياء حفلات فنية قبل وفاتها، إلا أن جميع محاولاتها قوبلت بالرفض نظرًا لحملها للجواز الإسرائيلي، على الرغم من شهرة ريم على أنها فنانة وناشطة فلسطينية، وجميع أغنياتها تحمل فلسطين في كلماتها.

هل كان محمود درويش إسرائيليا !
قبل ظهور مصطلح "التطبيع" والتعامل معه بحذر، كان الأمر أكثر طبيعية، فالدول العربية كانت تستطيع الفصل بين الإسرائيلي والفلسطيني المجبر على حمل جواز سفر الكيان الصهيوني، خاصة أن معظم الفنانين والشعراء الفلسطينيين الكبار كانوا أبناء مدن الـ٤٨، ومنهم الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش والشاعر سميح القاسم، واللذان كانا يحملان جوازات إسرائيلية اضطرارًا، إلا أن مصر والوطن العربي استقبلوهم بترحاب ولم يقذفوا في وجوههم مصطلح التطبيع أو يلاحقونهم بتهمة الخيانة.

فهل يستطيع أحد القول أن محمود درويش كان إسرائيليًا!.. بالطبع لا يمكن للأمر أن يحدث، لأن مايحمله المرء من أوراق لا تفسر أو تحدد هويته وانتمائه، فالحبر لا يستطيع إلغاء التاريخ الذي يثبت فلسطينية عرب ال ٤٨.

ويتجه أغلب المثقفين والفنانين الفلسطينيين حاليًا بالمطالبة ببروتوكول أو نص قرار يستطيعون من خلاله دخول الدول العربية، وتمكن تلك الدول من الفصل بين ما هو إسرائيلي وماهو فلسطيني، في ضرورة حتمية لكسر العزلة الثقافية والفنية التي يعيشها الفلسطينيون.
Advertisements
الجريدة الرسمية