رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«العدالة حلم المصريين المؤجل».. حقوقيون: ميزان العدالة «مايل».. «شكر»: الفقراء الأقل استفادة من «كل شيء».. «أبو سعدة»: السياسات الاقتصادية لم تراعِ ال

الدكتور حافظ أبو
الدكتور حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان

لم يكن الانشغال بوضع مفهوم مفصل ودقيق للعدالة وليد الحداثة والتطور، بل كان شغل الفلاسفة الشاغل منذ نشأة المجتمعات، وكان تفسيره أمرا ملحًا، حتى وإن كان بدائيًا يستطيعون من خلاله تنظيم معاملاتهم اليومية للحد الذي يحقق المساواة بين الأشياء المتشابهة، كما وصفها أرسطو، الفيلسوف اليوناني، الذي امتد مفهوم العدالة عنده من توزيع الثروة أو غيرها من السلع، وصولًا إلى عدالة الأخلاق.


مع تطور المجتمعات، فرضت العدالة نفسها وأصبحت في المقام الأول، تتطلع سائر الشعوب إلى تحقيقها، فبالنظر إلى الحروب والثورات، نجد أن العدالة ضلع رئيسي في اندلاعها، نجح البعض في تحقيقها، ولا يزال البعض الآخر يسعى للوصول إليها للحد الذي يضمن استقرارها واستمرار وجودها.

ملف العدالة في مصر، ملف شائك تعتبره الحكومات أحد أهم القضايا الضاغطة، يقاس من خلاله مدى رضاء المواطن على أداء الحكومة، إذا ما اتجهت نحو تحقيقها من خلال إجراءات تتماس مع الشارع وتطلعاته.

عبد الغفار شكر، المفكر اليساري الكبير، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، يرى من جانبه أن العدالة كمفهوم عام تتحقق من خلال مواد الدستور، مضيفا: "في مصر دستور به العديد من المواد تضمن تحقيق العدالة سواء إن كانت عدالة قانونية أم اجتماعية أم كل ما يمسك حقوق المواطنين في المجتمع، لكن العدالة بمفهومها الحقيقي، لم تتحقق في مصر نظرًا لتعطل عدد من نصوص الدستور التي لم تترجم إلى قوانين حتى الآن، وهو الأمر الذي يقع على عاتق ومسئولية السلطة التنفيذية وكذلك البرلمانية من خلال مراقبة الحكومة في مدى التزامها بنصوص الدستور واحترامه ومدى تحقيقها لمبدأ العدالة".

وأشار «شكر» إلى أن العدالة القانونية، وهي المتعلقة بمساواة الجميع أمام القضاء، وتعديل التشريعات الذي من شأنها تحقيق العدالة الناجزة، مؤكدًا أن هناك بعض التعديلات التشريعية التي نالت من مبدأ استقلال القضاء، لا سيما أن الدستور مكن السلطة التنفيذية من اتخاذ عدد من الإجراءات والقرارات الخاصة بالسلطة التنفيذية دون الرجوع للمجلس الأعلى للقضاء وسلبت جزءا من اختصاصاته، مشددًا على أنه كان لا بد من تطوير التشريعات في الاتجاه الذي يضمن ويؤكد استقلال السلطة القضائية، من خلال إلغاء اختصاصات وزير العدل بالنسبة للقضاء، بدلا من العودة له كما هو الحال الآن.

وأكد نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، ضرورة أن تعكس الميزانية العامة للدولة الإرادة الحقيقية لتطبيق العدالة، من خلال التوسع في الاعتمادات الخاصة بالخدمات على رأسها الصحة والتعليم والرفع من جودته بحيث تصبح قادرة بتوفي باحتياجات المواطنين خاصة المجتمعات الفقيرة، مشيرا إلى أن الأجور تلتهم الجزء الأكبر من الميزانية والخدمات يبقى لها نصيب صغير، مشددًا على ضرورة أن تعدل الميزانية الخاصة بالتعليم والصحة لما هو أكبر، وكذلك يكون نصيب الفقراء من الإنفاق العام أكثر بكثير مما هو عليه الآن.

أما الدكتور ولاء جاد الكريم، مدير مؤسسة شركاء من أجل الشفافية، فيرى أن العدالة الاجتماعية هي احترام حقوق المجتمع والتقيد بالمصالح العامة، بل احترام للحقوق الطبيعية والوضعية التي يعترف بها المجتمع لجميع أفراده، لحفظ بقائهم وتيسير تقدمهم وتحقيق سعادتهم، مؤكدًا أن المجتمع العادل، هو الذي يوفر لأفراده حرية متساوية، حتى يتسنى لكل فرد أن يطور فهمه الخاص للأخلاق وتصوره الشخصي للحياة الجيدة، ذلك لأن مشاريع الحياة الفردية لا يمكن أن تتشكل بمعزل عن السياقات الاجتماعية والعلاقات المتبادلة.

وأشار" جاد الكريم" إلى أن العدالة الاجتماعية، واحدة من أهم المطالب الرئيسية لثورة يناير، بل هي السبب الرئيسي لها، موضحًا أن من أبرز الأسباب التي أدت لغياب العدالة، أن الدولة غالبًا ما تغفل السياسات العامة لدور العدالة بجميع فروعها القانونية والاجتماعية والصحية والاقتصادية، فضلا عن غياب آليات مؤسسية تابعة للدولة مهمتها مراقبة تطبيق مفهوم العدالة وترجمته على أرض الواقع لا سيما ما يتعلق بالصحة والتعليم والأجور، حتى الموجود منها لم يفعل على النحو المنشود.

وأضاف: "مصر من الدول التي لم تحسم مفهوم العدالة، هل نتحدث عنها من منظور اشتراكي، أم منظور رأسمالي يتوافق مع اقتصاديات السوق الحر؟ لا أحد يعرف حتى الآن كيف تنظر الدولة لمفهوم العدالة، وبالتالي من الضروري ونحن في طريقنا لتطبيقها أن يحدث توافق وطني لإفراز معنى واضح لمفهوم العدالة، حتى يتسنى تطبيقها بما يلائم السياسات الاقتصادية للدولة".

من جانبه قال الدكتور حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، رئيس مجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن الدستور المصري نص على حتمية قانون العدالة الانتقالية، ومجلس النواب خالف الدستور بشكل صريح، فإصدار القانون يترتب عليه تحقيق مبدأ الإنصاف، وتحقيق مبدأ العدالة الناجزة في عدد من القضايا المهمة.

وأضاف: "العدالة الاقتصادية في مصر متعسرة، فالسياسات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة قاسية، ومن الممكن لتعدد الآراء والأفكار والمشاركة الواسعة من القوى السياسية والمجتمع المدني، أن تقلل كثيرًا من الآثار الجانبية لهذه السياسات، ولا سيما أن الحكومة تطبق برنامج صندوق النقد الدولي، على الرغم من أن البرنامج به جزء يتعلق بعلاج الخلل بين الفئات المهمشة والضعيفة، فضلا عن زيادة الفجوة بين الأسعار والدخول دون مراعاة للبعد الاجتماعي والدخول، وكذلك خفض قيمة العملة المحلية ثلاثة أضعاف تقريبا أمام الدولار، في الوقت الذي يدفع فيه المواطن ما بين ٢٩ إلى ٣٤٪ ضرائب على الدخل، وهذا يمثل عبئا كبيرا جدا على المواطن، وأدى إلى انحدار قطاع كبير داخل الطبقة المتوسطة إلى الطبقة الفقيرة".

وقال أيمن عقيل، مدير مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، إن العدالة بمفهومها الحقيقي لم تتحقق على كافة الأصعدة، هناك تفاوت كبير بين الطبقات، مرجعه لتراكم سنوات عديدة مضت، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن إصلاح منظومة العدالة في مصر لن يتحقق بين عشية وضحاها لأن ذلك ــ وفقا لرأيه ــ يتطلب مجموعة من القوانين وسلطة تنفيذية تطبق هذه التشريعات، إلى جانب الوعي المجتمعي بطبيعة المرحلة، وأن هذه الإصلاحات ستؤتي ثمارها على المدى البعيد.

وأكد " عقيل" أن دول العالم لم تصل إلى تطبيق مفهوم العدالة بمعناه الشامل، إلا بعد إجراءات صعبة تحملوها، فعلى مستوى العدالة الاقتصادية والاجتماعية، نادرًا ما نجد في بلد أوروبي أحدًا يتهرب من دفع الضريبة المستحقة، وبالتالي هناك وعي أن الضريبة ستترجم إلى خدمة يستفيد بها المواطن سواء من خلال خدمات صحية، أو شبكة طرق متطورة وغيرها، مشددًا على ضرورة إنجاز إصلاحات على منظومة الصحة والأجور حتى يتسنى تحقيق العدالة الصحية والاجتماعية.

وأوضح أن العدالة القانونية تتحقق بزيادة عدد القضاة، بعدما أصبح أمام القاضي أتلال من القضايا تصل إلى حد 500 دعوى، متسائلا: كيف تتحقق العدالة الناجزة بهذا الكم من القضايا أمام القاضي؟
Advertisements
الجريدة الرسمية