رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«الاستعلامات» تنتقد «هيومان رايتس»: تقاريرها مسيسة وغير مهنية

شعار هيومن رايتس
شعار هيومن رايتس ووتش

أكدت الهيئة العامة للاستعلامات، أن مزاعم منظمة هيومان رايتس ووتش بشأن تعذيب مواطن مصري أمريكي غير حقيقية، وتعمدت نشر معلومات مغلوطة عن الواقعة.


وقالت الهيئة في بيان منذ قليل، إن منظمة هيومان رايتس ووتش، نشرت تقريرًا يوم 11 أكتوبر 2018 حول تعذيب مزعوم لمواطن مصري أمريكي يُدعى خالد حسن، تناولت فيه ادعاءات بتعرضه للتعذيب والاختفاء القسري، إضافة إلى ما ورد في التقرير من مغالطات، فإنه تعمد أيضا عدم ذكر الحقائق كاملة، بل وتجاهل تقديم عرض واف لمسار الحوار الخاص بشأن حالة المتهم "خالد حسن" بين الهيئة العامة للاستعلامات وبين المنظمة، سواء عن طريق المراسلات عبر البريد الإلكتروني، أو خلال المكالمات الهاتفية التي استغرقت وقتًا طويلًا في النقاش.

وأضافت الهيئة رغم أنها تعاملت بمهنية في الرد على تقارير منظمة هيومان رايتس ووتش السابقة حول الادعاءات بالتعذيب داخل السجون في مصر، وردت على اتصالات المنظمة في محاولة من جانبها لبناء قدر من الثقة، فإن مواصلة "هيومان" تحريف الحقائق بنشر تقاريرها متضمنة مواقف طرف بعينه دون الحرص على وجود الأطراف جميع في الموضوعات المنشورة، فضلًا عن عدم توثيق ما ورد فيها من مزاعم، يخالف القواعد المهنية في إعداد التقارير ونشرها ويضع الثقة فيها في موضع الشك العميق.

ونشير هنا إلى النقاط الرئيسية في تطور هذا الموضوع على النحو التالي:

أولًا: تبادل المراسلات
أرسلت المنظمة بريدًا إلكترونيًا لهيئة الاستعلامات، بتاريخ 23/9/2018 حول حالة المتهم "خالد حسن"، تطالب فيه بالرد على بعض الاستفسارات المتعلقة، بما زعمت أنه اختفاء قسري وتعذيب له، ووضعت ما يشبه "الإنذار" بأن الرد يجب أن يتوافر خلال يومين.
جرى في نفس اليوم اتصال هاتفي من أحد أعضاء فريق مصر في المنظمة بهيئة الاستعلامات، لمناقشة بعض الأمور الخاصة بالحالة.
بناء على هذا، قامت المنظمة بإرسال رسالة إلكترونية ثانية في 25/9/2018، تضمنت بعض التفاصيل المتناقضة، مع ما ورد في الرسالة الأولى، وتكرر نفس الإنذار بضرورة إرسال رد في نفس اليوم.

في اتصال هاتفي في نفس اليوم مع المنظمة، استفسرت الهيئة عن بعض الأشياء التي تم ذكرها في مضمون الرسالتين، منها ملابسات التحقيق مع المتهم "خالد حسن" من قبل المباحث الفيدرالية الأمريكية، وطالبت المنظمة بالحصول على المعلومات المتوافرة عن "حسن" لديها، ولكن تم تجاهل ذلك تمامًا. وتم في هذا الاتصال إبلاغ مسئول المنظمة الرفض المصري لطريقة "الإنذار" والمدد القصيرة للإجابة على الاستفسارات، مما أدى لتحديد أسبوع آخر لاستكمال الإجابات.

رغم إرسال الهيئة ردًا مكتوبًا مفصلًا، نشرت المنظمة تقريرها المشار إليه حول حالة "خالد حسن" متجاهلة تماما هذا الرد المكتوب، بل اقتطعت منه بعض الكلمات التي أخرجتها عن سياقها الحقيقي، بما يوحى أن الهيئة لا تتجاوب معها، في دلالة واضحة على عدم المصداقية والمهنية في عرض الحقائق.
ثم أرسلت المنظمة بريدًا إلكترونيًا بعد نشر تقريرها جاء فيه: "قمنا بنشر تقريرنا عن حالة المواطن خالد حسن بالأمس، وأفردنا مساحة موسّعة لاستعراض ردكم داخل التقرير نفسه، كما قمنا برفع ردكم كاملا على صفحة منفصلة لمن أراد الاطلاع عليه"، ويخالف هذا الكلام الحقيقة بصورة كاملة، بل يحمل أهدافًا مغرضة، كما سيتضح لاحقًا.

فمن بين الفقرات التي وردت في التقرير: "أنكرت الهيئة العامة للاستعلامات، الجهة المشرفة على المراسلين الأجانب، في ردها المكتوب على هيومان رايتس ووتش، إخفاء حسن قسرا أو تعرضه للتعذيب"، وهذا الأمر يتنافى مع ما ورد في رد الهيئة التالي نصه كاملًا.

ثانيًا: رد الهيئة المكتوب
قبل نشر التقرير الأخير في 11/10/2018، أعدت الهيئة العامة للاستعلامات ردا مكتوبا أًرسلته إلى السيد/ عمرو مجدي - فريق مصر- هيومان رايتس ووتش في 2 أكتوبر 2018 هذا نصه:
"في إطار التواصل والرد على استفساركم حول بعض النقاط التي وردت في خطابكم بشأن حالة المواطن الأمريكي المصري خالد إبراهيم إسماعيل حسن، نود توضيح بعض الحقائق الخاصة بذلك:
لم يتم توفير أي دلائل قطعية لإثبات صحة المعلومات التي وردت في خطابكم حول اعتقال خالد إبراهيم إسماعيل حسن، ما بين يومي 8 يناير و3 مايو من قبل جهاز الأمن الوطني، الأمر الذي يستلزم – كما هو معلوم - أن من يصدر اتهامات خطيرة كهذه يجب أن يؤيدها بأدلة تثبت صدقها.

ورد في الخطاب الأول المؤرخ 23/9/2018 أن خالد أدعىّ أنه أمضى الفترة من 8 يناير حتى مايو بين مقرين للأمن الوطني: في المعمورة بالإسكندرية، ثم في لاظوغلي بالقاهرة، وفي الخطاب الثاني المؤرخ 25/9/2018، ورد أن خالد قضى 8 أيام في مقر الأمن الوطني في سموحة، ثم نحو شهر أو أكثر في مقر الأمن الوطني في العباسية بالقاهرة ثم عاد إلى سموحة.

تم احتجاز خالد إبراهيم إسماعيل حسن في القضية العسكرية 137 لسنة 2018 شمال القاهرة، المعروفة باسم ولاية سيناء الثانية، وهي ما زالت قيد التحقيق في النيابة العسكرية، وهو متهم بالانتماء إلى تنظيم ولاية سيناء الداعشي الإرهابي، الذي ينفذ هجمات واعتداءات بربرية بشكل منهجي ضد المدنيين والمسئولين الحكوميين، والقضاة والسائحين الأجانب ودور العبادة الإسلامية والمسيحية، هذا بالإضافة لاستهدافه المستمر للمنشآت العسكرية والأمنية وجنود وأفراد وضباط القوات المسلحة والشرطة المدنية، وهذا يضع كل من ينتمي إلى هذا التنظيم تحت طائلة القضاء العسكري وفقا للمادة 204 من الدستور المصري.
صدر أول قرار من النيابة العسكرية بحبس "خالد" احتياطيا على ذمة التحقيق، في 3 مايو 2018، في قضية متعلقة بالإرهاب، وهو إجراء قانوني لا يمثل أي انتهاك للقانون المصري.
قامت السيدة صوفيا أودونيل، نائب القنصل الأمريكي بالقاهرة، برفقة شخص من السفارة يدعى "خالد إبراهيم درويش"، بزيارة "خالد" يوم 3/9/2018 في محبسه، وكانت هذه إحدى ثلاث زيارات قام بها مسئولون بالسفارة الأمريكية للمتهم.
حضر التحقيقات مع المتهم، منذ تاريخ حبسه، 3 محامين وهم أحمد نصر علي الملاح، وهناء عبد اللطيف، وإنجي حسن، كما حضر مع خالد أثناء عرضه على النيابة للنظر في تجديد الحبس، يوم 23/9/2018، ثلاثة محامين آخرين هم: سامح النمر، وأحمد حسنين، وسيد أبو المعاطي. 

فيما يخص الادعاء بالتعذيب لم يدفع أي من المحامين المذكورين بتعذيب موكلهم، كما لم يطلب خالد أو أي جهة تخصه أن يتم عرضه على الطب الشرعي، للوقوف على حقيقة الادعاءات بتعذيبه، كما لم يلاحظ مسئولو السفارة الأمريكية الذين قاموا بزيارة خالد أي علامات تعذيب عليه، وعلى حد علمنا لم تنشر أو تتواصل أي جهة رسمية أمريكية مع السلطات المصرية المعنية، بالنظر في مثل هذه الادعاءات.
فيما يتعلق بوضع بزوجة المتهم خالد، (وهي تحمل جنسية دولة بيرو) وترحيلها من مصر، لم يتضح من الخطابين أسباب الترحيل، رغم أن لديها إقامة حتى 2020، كما أنها لم تخاطب السلطات المصرية بذلك، رغم أن القانون المصري يكفل للأفراد العاديين من مواطني جمهورية مصر العربية حق اللجوء للقضاء في حال صدور قرار يضر بهم، وهو الأمر الذي ينسحب برمته على الأجانب المقيمين على الأراضي المصرية، ما يعني تساوي المصري والأجنبي في اللجوء للسلطات المختصة داخل البلاد، في حال صدور قرار إداري مجحف، وعدم قيام الزوجة باستخدام هذا الحق فإنها بذلك قد تخلت طواعية عنه، ولم تراع حتى القوانين الدولية التي تتيح للأجانب استنفاد إجراءات التقاضي داخل الدولة المتواجدين بها في حال وقوع ضرر.
 
بحسب الخطاب الأول غادرت الزوجة مصر بعد اختفاء خالد بساعات عقب اقتحام المنزل، بينما جاء في الخطاب الثاني أنه تم ترحيلها في 24 يناير، أي أن هناك فارقا زمنيا نحو 16 يومًا غير مبرر، ويكتنفه الغموض.
لم يوضح الخطاب الأول هوية الشخص الذي كان يعمل سائق ليموزين وسافر إلى سوريا، وطبيعة العلاقة مع خالد، رغم ما ذُكر حول سؤال خالد عنه من جانب المباحث الفيدرالية الأمريكية حول هذا في ديسمبر 2017 قبل سفره إلى مصر".

ثالثًا: تفنيد الادعاءات
امتلأ تقرير المنظمة المنشور يوم الخميس 11/10/2018، بالمغالطات والمخالفات للمعايير الدولية، التي يقوم عليها بناء وصياغة مثل هذه التقارير، ويأتي في مقدمتها عدم الاعتماد على مصادر مجهولة بشكل كامل، وعرض الحقائق كما هي دون تعديل أو تحريف أو انتقاص، مع ذكر أدق التفاصيل، كذلك الموضوعية التي تتطلب تناول الموضوع من خلال ذكر جميع الآراء والحقائق من مختلف المصادر، بما في ذلك الرواية الرسمية، والبعد عن التأويل.
لم تنطبق هذه المقومات على التقرير الذي نشرته المنظمة بعنوان: "مصر: شهادة حول تعذيب مزعوم في الاحتجاز السري"، والذي تناولت فيه ما زعمت، أنه اختفاء قسري للمواطن المصري الأمريكي "خالد حسن"، وذلك للاعتبارات الآتية:
الاستناد إلى بعض المصادر وتقديمها بصورة غير واقعية، على سبيل المثال تم ذكر المدعو "محمد سلطان" كأحد المصادر المدافعة عن حقوق الإنسان، وأنه سجين سابق في مصر، وهو ما يوحي لأول وهلة إضفاء نوع من المصداقية على التقرير، لكن الحقيقة غير ذلك، حيث تم إغفال مختلف الجوانب الأخرى للمصدر، فهو منتمي لجماعة الإخوان الإرهابية ونجل القيادي الإخواني صلاح سلطان، المحكوم عليه بالسجن المؤبد في قضية "غرفة عمليات رابعة"، ويعتبر في خصومة مع النظام المصري، بما يجعل من ذكره هنا يحمل رسائل مغرضة، وإقحام لعناصر سياسية في موضوعات حقوقية قانونية. كذلك الاعتماد في رواية التعذيب المزعوم على من أسمتهم "خبراء الطب الشرعي المستقلين"، دون تحديد دقيق لهويتهم والجهة التي ينتمون إليها، وخلفياتهم السياسية، هنا نطالب بكشف هوية هؤلاء ومتى رأوا خالد ومن كان وراءهم، وهل هم تابعون للمنظمة وجنسياتهم.
فيما يتعلق بالصور والمواد الفيلمية الخاصة بالتعذيب المزعوم للمتهم خالد حسن، التي ذكرت المنظمة أنها راجعتها، تثور عدة تساؤلات من بينها: ما هي مصادر المواد التي جاء بها التقرير؟ وما مدى صحتها؟ وكيف لنا التيقن من مصداقيتها دون عرضها بشكل رسمي على جهات التحقيق المختصة.
تجاهل تقرير المنظمة نشر الرد الكامل، الذي أرسلته الهيئة العامة للاستعلامات السابق عرضه على رسالتيها، المشار إليهما سابقًا، بتاريخي 23-25 سبتمبر، واكتفى بنشر مقتطفات منها بما يدعم روايته المزعومة، ويتنافى مع المعايير المهنية في عرض الحقائق كاملة، حيث تضمن رد الهيئة عشر نقاط تناولت ردًا مفصلًا على جميع الاستفسارات حول المتهم خالد حسن.
 
يواجه خالد حسن اتهامات بالانتماء إلى تنظيم ولاية سيناء الداعشي الإرهابي، ويشكل الإرهاب تهديدًا حقيقيًا ليس للسلام والأمن والتنمية، بل للأركان الأساسية لحقوق الإنسان، لأنه ينتهك عددًا من مبادئها، أولها وأبرزها الحق في الحياة، الذي أكد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان في المادة الثالثة أن "لكلِ فرد الحق في الحياة والحرِية وفي الأمان على شخصه".
لقد ارتكب التنظيم عددًا هائلًا من الجرائم الإرهابية في شمال سيناء منذ عام 2013، من بين أكثر جرائمها وحشية مقتل 311 مصليًا في مسجد الروضة في شمال سيناء، واغتيال 3 قضاة في مايو 2015، وإسقاط الطائرة الروسية ومصرع كل راكبيها الــ 224 في أكتوبر 2015، واختطاف وإعدام السكان المدنيين هناك بعد اتهامهم بالتعاون مع السلطات، وتفجيرات الكنائس في القاهرة، والإسكندرية، وطنطا والتي خلفت مئات القتلى والجرحى في عامي 2016 وعام 2017، وقتل وترويع المدنيين المسيحيين وتخريب الممتلكات المسيحية في شمال سيناء في محاولة لتهجيرهم بالقوة، كما يقوم تنظيم ولاية سيناء بهجمات إرهابية ضد القوات المسلحة المصرية، والمنشآت العسكرية والأمنية، التي يسقط على إثرها المئات من الجنود ورجال الشرطة بين قتلى وجرحى.

فيما يخص مسألة المحاكمات العسكرية للمدنيين، فوفقًا للمادة 204 من الدستور المصري، فإن القضاء العسكري يختص دون غيره بالفصل في كافة الجرائم، المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها، ومن في حكمهم، ويجب التنويه هنا أن هذا هو الاستثناء وليس القاعدة، وله ضوابط دستورية وقانونية، فقد حددت المادة 204 من الدستور بصورة حصرية الحالات التي تسمح بمحاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري، ومن بينها ما ينطبق على حالة خالد حسن، وخصوصًا ما ورد في المادة من ارتكابه "الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشرًا على المنشآت العسكرية، أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية، أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد، أو الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشرًا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم."

وفي مصر ككل دولة أخرى في العالم، فإن الشعب هو المصدر الأول للسلطات، وقد تم استفتاء الشعب المصري على الدستور القائم في يناير 2014، في عملية اقتراع شهد بنزاهتها العالم، وتابعتها منظمات حقوقية مستقلة دولية وعربية، ومصرية عديدة وصوت لصالحه نحو 20 مليون ناخب بنسبة تزيد عن 98% من المشاركين في التصويت، فمن العبث التشكيك في مدى مشروعية المادة الدستورية.

والقول بأن القانون الدولي حرم بشكل قطعي محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، هو مجرد قراءة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وليس أمرًا مسلم به، فالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، لم يحرم بشكل قاطع محكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وهناك التقرير الصادر عام 2014 لمجموعة العمل الأممية المعنية بحماية حقوق الإنسان أثناء مكافحة الإرهاب، والذي ذكر أن العهد الدولي للحقوق المدنية لم يحرم مقاضاة المدنيين أمام القضاء العسكري في قضايا الإرهاب، فضلًا عن هذا، فإن القضاء العسكري المصري ملزم دستوريًا بتوفير كل ضمانات العدالة للمتهم أسوة بالقضاء المدني بما في هذا حق استئناف الأحكام الصادرة عنه.
هناك مرافقة غير منطقية فيما جاء بالتقرير حول التعذيب المزعوم للمتهم خالد، حيث أنه من الطبيعي عند وجود شبهة تعذيب اللجوء للإجراء القانوني المعني بذلك، وهو مصلحة الطب الشرعي المصري عبر طلب من محاميه للنيابة المختصة، وهو ما لم يحدث مطلقًا، والسبب الوارد في التقرير غير منطقي ولا مقنع: فكيف لمتهم ومحاموه أن يستمعوا لنصيحة مسجونين آخرين، بعدم اتخاذ إجراء قانوني من الممكن لو صح أن يبطل التحقيق مع المتهم المذكور.

وبالتالي فإن عدم استخدام المتهم حقه القانوني في طلب العرض على الطب الشرعي، هو مسئوليته وليست مسئولية السلطات المصرية، وهنا نشير إلى أن هذا الحق متاح للجميع، وقد شهدت المحاكم المصرية حالات مماثلة، لعل أشهرها ما حدث من القياديين في جماعة الإخوان: عصام العريان ومحمد البلتاجي اللذان زعما أمام المحكمة بأنهما تعرضا للاعتداء الجنسي، وعندما أحالت المحكمة الأمر للطب الشرعي للتحقق من صحته، تراجع القياديان.
تعمد التقرير ذكر بعض المصطلحات التي لم يعد لها استخدام في مصر، مثل مصطلح "اعتقال" وهو غير صحيح، ولم يعد له وجود في القانون المصري، وأنهته المحكمة الدستورية العليا منذ عام 2011، وهو ما يحمل معاني متعددة، منها عدم معرفة حقيقة التطورات الدستورية التي تشهدها مصر، وهو ما يتطلب ضرورة الإلمام الكامل بمختلف جوانب الموضوع الذي يتم الحديث عنه، كما يشير إلى القيام بعملية خلط وتضخيم في إطلاق المصطلحات بهدف محاولة إحداث قدر من التعاطف الجماهيري مع مثل هذه الحالات، والإدانة عن غير حق للسلطات المصرية.

افتقار التقرير إلى الدقة في عرضه لبعض الأحداث، فهو يدعي أن المسئولين المصريين هم من طالبوا زوجة خالد بمغادرة البلاد، في حين ورد بالخطاب الأول المرسل إلى الهيئة العامة للاستعلامات المؤرخ 23/9/2018، أن من قاموا باقتحام المنزل هم من طالبوها بالمغادرة، كما أن التقرير لم يحدد هوية المسئولين، فإذا كان متوافرًا لدى المنظمة هويتهم لماذا لا تعلن ذلك، أم أن ذكر كلمة المسئولين أصبحت شائعة الاستخدام بهدف التعميم والتضليل.

ووقعت المنظمة مرة أخرى في نفس الخطأ المتكرر، في الغالبية الساحقة من تقاريرها حول مصر، وهو الاعتماد على شهادة شفهية من تلك السيدة دون أن توفر دليلًا على صحة اتهاماتها للأمن المصري، وفي كل الأحوال، فمن حق السلطات المصرية أن ترحل خارج أراضيها من تشاء وفقا للقانون الدولي، والقوانين المحلية المنظمة لهذا الأمر، فمصر دولة ذات سيادة وهي تنظم مسألة إقامة الأجانب في أراضيها وفقا لمقتضيات أمنها القومي، في إطار المساحة التي تتيحها القوانين المنظمة لهذا، ووفقًا لهذه القوانين، كان يمكن لهذه السيدة أن توكل وهي خارج البلاد محاميًا للتظلم نيابة عنها، أمام محاكم القضاء الإداري في مصر، وهو ما لم تقم به دون أن يوضح التقرير أسباب هذا.

ورد في التقرير أن هناك أحداثًا كثيرة موثقة من قبل المنظمة، وأقوال المتهم "خالد" منها: تصويره للعملية التي أجريت على جرح في ساقه وكشفه عن تفاصيل مروعة، وتقديم شكاوى من أهله للسلطات، وإطلاع المنظمة على وثائق الزوجة، هنا نتساءل لماذا لم يعرض التقرير أي شيء من ذلك، لإضفاء المصداقية عليه، وإن لم تكن كل هذه الأشياء موجودة، فإن ذلك يدعم حقيقة أنها محض افتراءات.

أيضا هناك ادعاء تقرير المنظمة بامتلاكها أدلة "قوية جدًا"، تشير إلى اختفاء المتهم خالد حسن قسريًا لمدة أربعة أشهر، بينما اكتفى بنشر صورة لورقة مكتوبة بخط اليد، على أنها طلب تم تقديمه من عائلته للسلطات، يوم 15 فبراير من العام الجاري، وهو ما يدفع للتساؤل عما إذا كانت هذه الأدلة موجودة بالفعل، فلماذا لم يتم تقديمها للجهات المختصة للتحقيق فيها، وهو الحق المكفول للجميع، وما هو مدى قانونية ومصداقية هذه الأدلة؟ ومن الذي يحدد قوتها المزعومة من قبل المنظمة وفعاليتها في مثل هذه الأمور؟ أم أنها مجرد ادعاءات مماثلة لصورة الطلب المزعوم المشار إليه سابقًا.

ولحسم هذا الأمر في مساراته القانونية، فإننا ندعو منظمة هيومان رايتس ووتش للتقدم ببلاغ رسمي للنائب العام المصري، لاتخاذ الإجراءات القانونية حيال هذا الإدعاء وفق ما سوف يتضمنه هذا البلاغ من أدلة وقرائن، حيث أن النيابة العامة لن تتحرك وفقًا للقانون المصري، من تلقاء نفسها دون تقديم طلب رسمي مرفق بالدلائل اللازمة، التي تقول المنظمة أنها تمتلكها، ويجب التأكيد هنا أن النيابة العامة وفق دورها القانوني، تقوم بعمليات تفتيش دوري على مراكز الاحتجاز والسجون، والادعاء بوجود مراكز احتجاز بالأمن الوطني غير صحيح، وفقا لما لدينا من معلومات رسمية لأنه ببساطة مخالف للقانون، وعلى من يزعمون خلاف هذا، أن يتقدموا للنيابة العامة بما لديهم من أدلة للوقوف على حقيقة ادعاءاتهم.

أخيرًا، لم يتطرق التقرير إلى العلاقة بين المتهم خالد حسن والسائق الذي كان يعرفه في نيويورك، وتم سؤاله عنه من جانب المباحث الفيدرالية الأمريكية في ديسمبر 2017 قبل سفره إلى مصر، ونطالب المنظمة بالكشف عن هوية هذا الشخص، وما مدى علاقتهما ببعضهما، وإمكانية أن يكون لهذا الشخص صلات بالجماعات الإرهابية في سوريا، وهل له علاقة بالقضية المتهم فيها خالد حسن في مصر، وللحصول على هذه المعلومات التي تكمل الصورة الحقيقية للمتهم، يمكن للمنظمة أن تطالب السلطات الأمنية الأمريكية بالكشف عما متوافر لديها منها.
Advertisements
الجريدة الرسمية