رئيس التحرير
عصام كامل

بسمة عطية تكتب: الطريق إلى الجنة

صورة ارشيفيه
صورة ارشيفيه


الطريق إلى الجنة ليس سهلا والوصول إليه يحتاج إلى درجة كبيرة من الإيمان.. وبالتأكيد فإن الأحزمة الناسفة التي تلتف حول أجساد الإرهابيين ليست هي الوسيلة لبلوغ الجنة، ولا أن نلقي بأيدينا قنبلة على قوم آمنين.. الطريق إلى الجنة صعب جدا وأنا أعلم علم اليقين أن الله عادل..

  فأي جنة تستحقونها بقتل الأطفال والنساء والرجال الآمنين؟!

أي جنة تحلمون بها وتودون الوصول لها بأحقر الطرق وأدنسها؟! وهل بالفعل تفعلون هذه الجرائم فقط لأنكم تودون نصرة الإسلام وأنكم لا تستهدفون المسلمين بل على حد قولكم الكفار فقط؟ 

تذكرت قول ابنتى بعد تفجير إحدى الكنائس: هل يا أمى هم يقتلون المسيحيين فقط؟ والحقيقة أنني أجبت عليها بسؤال آخر: عزيزتى ما سبب هذا السؤال؟ قالت لى بعفوية شديدة: إنهم إذا كانوا يستهدفون المسيحيين فقط فعلينا أن نبنى بجانب كل كنيسة مسجدًا يكون الباب ملاصقًا للباب، وبهذا يخشى الإرهابيون على من في المسجد.. فضحكت ضحكة عالية.

وحكيت لها قصة كنيسة القديسين في الإسكندرية، وقلت لها إن هناك حادثة شهيرة في مصر وبالتحديد في الإسكندرية قد تم تفجير الكنيسة وهى تقريبا في حضن المسجد، وإذا ذهبت إلى الإسكندرية، وحاولت أن تشاهد مشهد الشارع ستجد أن الكنيسة بالفعل في حضن المسجد، ومع ذلك قد تم تفجيرها وكانت بداية سنة مريرة وقلت لها: هل عرفتِ الإجابة؟ قالت: نعم. 

هم لا يجاهدون.. هم يريدون تدمير مصر كلها؛ مسلميها قبل مسيحييها.

تلك عفوية طفلة صغيرة عرفت اللعبة والغاية دون تعب أو مجهود.

الجماعات الإرهابية تجذب شريحة معينةه من الشباب.. هذه الشريحة تتمتع بالطاقة والطموح، وأيضا قلة الخبرة.. يحاولون إقناعهم بالفكر المتطرف والتأثير عليهم بشعارات عن الشهادة والجنة المنتظرة.. يستغلون ضعف إيمانهم وقلة خبرتهم للوصول إلى غايتهم، وهو الوصول إلى السلطة والمال حتى على جثث الأبرياء..

 يقومون بالتحريض والشحن واثارة غيرتهم على دينهم.. وهنا يقع الشاب في الفخ وينفذ كل ما يطلب منه دون تفكير! هم لا يستطيعون جذب شاب له فكر وعقل كبير هم يجذبون معدومى الدين والخبرة والعلم!

نعم أعلم أن صناعة الإرهاب صناعة خارجية.. ولكنني أيضا أعلم أن المنفذ حتما يكون من الداخل، ومن أرض الوطن، ولذا علينا أن نغير الخطاب الدينى، وأن نواجه هذا الفكر المتطرف بالفكر الدينى الصحيح.. علينا أن نغير الخطاب الدعوى لأننى أرى أن الخطاب الدعوى في وادٍ وواقع الناس في وادٍ آخر.. واقع الناس يضحك عندما يرى قسًّا بجانب شيخ يمسك كل منهم يد الآخر ويردد "الهلال والصليب.. إيد واحدة"!

علينا أن نكف عن هذا الهراء وأن نضع أنفسنا أمام الحقيقة المؤلمة.. إن هناك سوسا ينهش داخل الجسد المصرى، وهناك خونة يعيشون بيننا، وهناك شاب يضع نفسه تحت قدم ويد الإرهاب.. هناك متطرفون هنا وهناك يجب التخلص منهم ، ولن يحدث هذا سوى بالخطاب الدينى المعتدل.

هناك شباب مضحوك عليه يؤمن ويقتنع بأن باب الجنة مفتوح له، وأن الوصول إليه ملفوف في حزام ناسف، ومقتنع أيضا أن الله راض عنه وعن أفعاله، كيف لنا أن نغير هذا الفكر المؤلم وأن نصنع سلاحًا رادعًا للفكر، وهل يوجد حرب أقوى من الحرب ضد التطرف والإرهاب حرب خفية لا يوجد بها عدو واضح لا يوجد بها غريم معلوم نعلم من أين ومتى يصوب الهدف نحونا.

منذ أكثر من ثلاث سنوات روى شاب دنماركى قصته إلى الإذاعة البريطانية "بى بى سى"، وقال لهم: إنه كان حاد الطباع لا يجيد النقاش وأن طريقة تفكيره أثارت تعجب كل من يتعامل معه حتى استدعته الشرطة.. وحينما أبلغ أحد أصدقائه عن الأمر اقترح عليه أن يجاهد في باكستان!!

عندما علمت الشرطة بأمره أرسلت له مرة أخرى وأرسلته إلى منظمة تهدف إلى منع الشباب المسلمين من الانضمام إلى المنظمات الإرهابية ، وبالفعل نجحت التجربة بعد جهد في إقناعه أن هذا الفكر سيؤدي به إلى الهلاك.. هكذا تعاملت بعض المنظمات الدولية في محاربة التطرف هكذا فعلت مجتمعات لا يعيش في حضنها الأزهر الشريف!
Advertisements
الجريدة الرسمية