رئيس التحرير
عصام كامل

«محنة رسلان» تعيد تشكيل مراكز القوى في التيار السلفي

الشيخ محمد سعيد رسلان
الشيخ محمد سعيد رسلان القطب السلفي

انتهت أزمة منع الشيخ محمد سعيد رسلان القطب السلفي، الذي يحسبه معارضيه على التيار المدخلي، بسبب تأييد السلطة بطريقة تبدو متطرفة، بما يتعارض مع توجهات السلطة المدنية القائمة في مصر، لكن ما قبلها ليس كما بعدها، على مستوى القناعات ومنهاج التعامل مع التيارات السلفية المعارضة له، التي تسببت في إشعال أزمته مع الأوقاف.


زمن الوشايات

كانت الأزمة اندلعت فجأة، بسبب اعتراض الوزارة المفاجئ على أسلوب رسلان في الخطابة؛ مصادر لـ«فيتو» من داخل التيار الرسلاني، أكدت أن القرار خلفه بعض التيارات السلفية المعارضة لشيخهم، التي افتعلت وشايات بحقه لإبعاده عن المنبر، وتصفية المعارك القديمة معه.

في الأرشيف بين رسلان والكثير من التيارات السلفية الكثير، بسبب تحريض الدولة عليها، وتشويه منهجها، وفي القلب منها الدعوة السلفية بالإسكندرية، التي وضعها هدفًا له، فتصدت له بعنف وشراسة، لتتحول المعركة في النهاية إلى وزارة الأوقاف، التي اضطرت لتَسيط الضوء على رسلان بعدما وصل الصراع مع أعدائه إلى وسائل الإعلام.

تَحرجت الوزارة من ترك رسلان، يقيم دولته في الدعوة دون حسيب أو رقيب؛ فكان قرار إيقافه لضبط المنبر، ثم إلزامه بتوقيع إقرارا بالتزام منهج الأوقاف وتعليماتها، خاصة أن طاعة ولي الأمر، ضمن صلب منهج دعوة رسلان، التي يعادي جميع المناهج السلفية الأخرى بسببها.

تشكيل مراكز القوى

اللافت في أزمة رسلان، إعادة تشكيل مراكز قوى التيار السلفي، بعدما كانت منحصرة على المشايخ الكبار من أمثال محمد حسان ومحمد حسين يعقوب والحويني، ثم تحول الدفة بعد ثورة 30 يونيو، صوب الدعوة السلفية بالإسكندرية، التي احتلت المشهد كاملا لصالحها، رغم التراجع الكبير لها على جميع المستويات، ليس فقط في علاقتها بالدولة، لكن في تأثيرها بالرأي العام، وأسلحتها في مواجهة معارضيها، داخل التيار السلفي وخارجه، وهي الكفة التي مالت كثيرا ناحية رسلان.

جاءت الأزمة الرسلانية لتعيد تشكيل القوى، وأصبح للشيخ "سعيد" أسلحة إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الصحف والمواقع الإلكترونية والميديا، بعد أن كان الرجل ومن حوله يرفضون تماما، الظهور في الإعلام لأسباب شرعية.

وظهرت مناظرات حامية الوسيط بين المنهجين، استطاع أنصار رسلان الظهور فيها بقوة، وخطف الأضواء من رجال الدعوة السلفية، وعلى رأسهم الداعية حسين مطاوع، الذي يشكل حاليًا مركز ضغط قوى على معارضي رسلان، ويواجههم بنفس سلاح التجريح في المنهج، عبر الإعلام والسوشيال ميديا.

وكما يستخدم أنصار الدعوة السلفية، وعلى رأسهم سامح عبد الحميد، سلاح الشكاوى، لتبيين خروج المنهج الرسلاني على الدستور والقانون، لجأ مطاوع ومعه العديد من النشطاء السلفيين الموالين لرسلان، إلى نفس السلاح وإعادة التنقيب في تاريخ "عبد الحميد"، وغيره، للتأكيد على اتباعهم مناهج ضارة بالقانون والدستور، والسلام الاجتماعي في البلاد، ووجهوا رسائل تحمل هذا المعنى للإعلام والجهات المعنية.

الصوت الرسمي للسلف

الحرب السلفية المشتعلة، الرامية إلى إعادة تشكيل مراكز القوى في التيار السلفي، يقف خلفها سامح عيد، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، امتعاض الكثير من التيارات الأخرى، من استحواذ سلفية الإسكندرية على المشهد العام، وكأنهم أصبحوا لسان حال السلفية في مصر.

يرى «عيد» أن السلفية المدخلية التي يمثلها الشيخ رسلان، كانت ترفض طوال الوقت استحواذ الدعوة السلفية، وذراعها السياسي حزب النور على أي جزء من المشهد السياسي المصري، باعتبار التداخل بين الديني والسياسي ضد منهجها، لذا انتفضت ضدها، مما سبب حربًا بين الطرفين، وأدت في النهاية لما يجرى حاليا، من إعادة التكتل، وتجهيز كل طرف نفسه، لكسب المعركة، بكل الأسلحة المتاحة لذلك.

ويعبر الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن تطور السلفية المدخلية، وظهورها بشكل شرس على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي وسائل الإعلام، خلفها رغبة في احتلال المشهد السلفي، وأعاد صياغته دعويًا بمنأى عن السياسة، حتى يكونوا هم الصوت الرسمي للسلف أمام الدولة المصرية.
الجريدة الرسمية