رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«صاحب قفشة وذاكرة حديدية».. تلاميذ «هيكل» يروون حكايات من دفتر«الأستاذ»

محمد حسنين هيكل
محمد حسنين هيكل

كان رحيله أبرز الدلائل على مكانته وتفوقه، لم يملأ أحد فراغ «الأستاذ» هكذا أعلن بوضوح الكثير من أبناء المهنة الذين تعلموا منه الكثير من أسرار بلاط صاحبة الجلالة.


وبالتزامن مع ذكرى ميلاد «الأستاذ» التي تحل اليوم، تحاور «فيتو» عددا من المقربين منه الذين عرفوا بتلاميذه، لنعرف عن قرب جانب آخر من جوانب «هيكل» لم يكن الكثير يعرفها.

وردة المعتقل
الحديث مع الكاتبة الصحفية أمينة النقاش، رئيس تحرير جريدة الأهالي، عن هيكل لم يكن بالأمر الصعب، لأنها تحمل له الود الكثير في علاقة بدأت مع انطلاق الأهالي 1978 وكان ذلك بدايتها الصحفية لكن الأهم هو أنها شاهدة على فترة اعتقاله بعد اعتقال زوجها الكاتب الصحفي الراحل صلاح عيسى في اعتقالات سبتمبر التي شملت هيكل وعيسى وكثيرين من رموز الفكر في مصر.

وفي بداية الحديث تقول «النقاش»: «كانت فترة صعبة، السادات استهدف كل معارضيه وكان زوجي صلاح عيسى مع هيكل في زنزانة واحدة، كل ما أتذكره أن زوجة الأستاذ «هدايت تيمور» كانت ترسل له كل صباح وردة له في محبسه ولم تنقطع طوال الأشهر التي قضاها هيكل في المعتقل، وكان أكل الأستاذ يأتي من الخارج من خلال زوجته التي كانت تصر على أن يتناول أفخم الأطعمة لتخفف عنه وحشة الزنازين».

وأضافت «النقاش» في حديثها عن «هيكل»: «في ثمانينيات القرن الماضي وكنت وقتها صحفية ناشئة وذهبت لتغطية ندوة للأستاذ هيكل في نقابة الصحفيين، وتحدث فيها عن مبارك ونظامه بشكل اعتبره الكثيرون تجاوز الخطوط الحمراء وبعد نشر الندوة وجدته يتصل بي من خلال الجريدة فقفزت مسرعة نحو الهاتف فإذا به يداعبني ويثني على أسلوبي الصحفي وكيف أني استطعت أن أبلور الندوة دون أن يؤخذ ضده شيء أو أخل بمضمونها».

وعلى عكس الشائع كشفت رئيس تحرير الأهالي أن «هيكل» رجل هادئ يمتلك خفة ظل لم يكن يتوقعها أحد فهو يحب الضحك ويحافظ دومًا على كبريائه وأسرته، لافتة إلى أنها بكت كثيرًا حين رحل فهو قامة لن تعوض.


فريدة الشوباشي
الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشي كانت هي الأخرى ضمن المقربين لـ«الأستاذ»، وتقول في بداية حديثها لـ«فيتو» عن لقائه بالراحل «عام 1964 حين تم اعتقال زوجي المحامي الشيوعي علي الشوباشي، وقتها توجهت إلى الأهرام لمقابلة الأستاذ لأطلب منه أن يفرج عن زوجي وكنت أصرخ حتى التفت إلي ولم يكن يعرف عني أي شيء وحين عرف طلبي قال لي «هما لسه ما أفرجوش عنهم في قرار طالع وهيطلعوا كمان أيام» وبالفعل هذا ما حدث.

وأضافت «علاقتي بالأستاذ بدأت أثناء دراستي الجامعية حيث كنت أواظب على قراءة مقاله «بصراحة» ورغم أن مصروفي كان صغيرا لكن كان شراء الجريدة أمرا حتميا، ولم أكن أنا من أشترى فقط مصر كلها كانت تفعل نفس الأمر حتى إننا كنا نعطي رشوة لباعة الجرائد لتخزين نسخ من الأهرام».

كانت «فريدة» ضمن قلة أجرت مع «هيكل» حوارًا صحفيًا، تتذكر تلك الوقائع فتقول «كنت أعمل في وكالة «مونت كارلو» آنذاك وتم تنظيم أسبوع مصري داخل الوكالة وجئت إلى القاهرة أجريت حوارات صحفية مع الرئيس مبارك وقيادات الدولة المصرية آنذاك حتى وجدته أمامي فقلت له «أنا بحلم أني أعمل حوار معاك» ووافق.

وتتابع «جلست كثيرًا أحضر لهذا الحوار، وانتابتني رهبة حين دخلت مكتبه للمرة الأولى، وأثار الحوار وقتها جدلًا واسعا بسبب رأي الأستاذ في السعودية وبدأت توصيات تأتي إلى «مونت كارلو» لاستبعادي بسبب هجوم «هيكل» على بعض الدول العربية، وفوجئت بعد ذلك باتصال منه يقول لي «أنا جنبك متخافيش» وكانت المكالمة تلك بمثابة مكافأة لي منه».

وتكمل «الأستاذ هيكل كان رجلًا عفيفًا جدًا ولا يلتفت إلى أي هجوم، ويحب الضحك كثيرًا وكان له قفشات مع كل صديق وكان يطلق عليّ اسم «الإرهابية» لأني أقول آرائي باندفاع وحدة وكنت أقول له «صح يا أستاذ» فيقول لي «طبعًا صح واحدة بتقول رأيها كده لازم يبقى صح أنت إرهابية».

عبد الله السناوي
الكاتب الصحفي عبد الله السناوي.. يلقبه البعض بـ«كاتم أسرار هيكل»، كان له هو الآخر حديث لـ«فيتو» فكانت بداية قوله «الوصول إلى القمة أمر صعب والأصعب هو أن تظل على تلك القمة، وهيكل كان ظاهرة استثنائية، وهذا الأمر لم يأت من فراغ فالجدية الصارمة التي تعامل بها في حياته كانت سر نجاحه، كان عبقريا في تنظيم الوقت وترتيب أوراقه وتدوين كل شيء باليوم والدقيقة رغم ذاكرته الحديدية وذلك ليعود إلى تلك الأوراق فيخرج قصة طازجة».

وأضاف «السناوي»: «عندما ننظر إلى تجربة محمد حسنين هيكل نجد أنفسنا أمام تجربة عريضة امتدت لنحو 70 سنة منذ 1953 عندما صاغ فلسفة الثورة لجمال عبد الناصر اعتلى القمة ولم يسقط عنها، بجانب أنه صحفي مؤثر كان صاحب رؤية إستراتيجية للأمن القومي فقد كان مستشار الأمن القومي لعبد الناصر وكان شريكًا في رسم السياسات العامة، أمر آخر ملكه هيكل وهو الإخراج السياسي فهيكل كان مخرجا سياسيا ناجحا لكن ليس معنى هذا أنه كاذب بل كان مؤمنا بالفكرة وكان الشعب يؤمن بعبد الناصر ويرى بعينه ما يتم تسويقه».

وتابع «يمكن القول هنا أن «هيكل» أثبت للجميع، أن الصحفي غير قابل للتقاعد، ولا يمكن القضاء عليه، كما أثبت أنه كان أكبر من الأهرام نفسها، بل إن عطاءه بعد خروجه من الأهرام مثل سلسلة المفاوضات السرية عن حرب فلسطين وسلسلة حرب الثلاثين عامًا كانت من أكبر إنجازاته».
Advertisements
الجريدة الرسمية