رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أزمات مستشفى قفط «التحويلي».. التعليمي سابقًا.. 75 مليون جنيه «فاتورة تجديده».. الإدارة تكتفي بـ«إحالة الحالات للمستشفيات المجاورة».. ومواطنون يكشفون رحلة المعاناة لإنقاذ

فيتو

الجهود المبذولة لتحسين القطاع الصحي في مصر، تأتي أفعال صغيرة لتفسدها، روتين قانوني، أو تقاعس موظف عن أداء عمله، أو إهمال إدارة إيجاد حلول كافية للأزمات التي تعاني منها بعض الكيانات الصحية في مصر، والنتيجة دائما تكون قريبة الشبه بـ«الحرث في البحر».


قفط التعليمي
مستشفى قفط التعليمي.. جنوب محافظة قنا، واحد من الأمثلة التي تؤكد أن القطاع الصحي المصري لا يزال في حاجة إلى بذل جهود أكبر لانتشاله من مستنقع الأزمات والمشكلات الذي ظل غارقًا فيه منذ سنوات طويلة، فالمستشفى الذي يعد أول مستشفيات الصعيد الذي تم ضمه لهيئة المستشفيات التعليمية، يعاني من أزمات عدة كان لها بالغ الأثر على المواطنين.

تاريخ طويل
أزمات «قفط التعليمي» لم تكن وليدة اللحظة، بل يمكن القول إن للمستشفى تاريخا طويلا معها، حيث سبق وأن توقف عن العمل لمدة تزيد على 7 سنوات قبل الانتهاء منه لعدة أسباب أبرزها، نقص الدعم المادي لإنهاء المبنى، حتى استطاع محافظ قنا اللواء عبد الحميد الهجان، توفير دعم من الوزارة حتى تم الانتهاء منه وافتتحه وزير الصحة الأسبق عادل العدوي في العام 2014 بتكلفة قاربت 75 مليون جنيه، ويضم المستشفى 62 سريرا، و8 أسرة للغسيل الكلوي، و8 للعناية المركزة، وشبكة غازات على أعلى مستوى، وقسم للحضانات.

عقب الافتتاح مباشرة بدأت كوارث المستشفى تطفو على السطح، وجاءت مشكلة الصرف الصحي التي كادت أن تنهي على أساسات المبنى بالكامل في مقدمة الكوارث، وبدأت المحافظة بالتنسيق مع وزارة الصحة حل الأزمة، وما إن تمكنت الجهات المعنية من السيطرة على أزمة «الصرف الصحي»، إلا وظهرت أزمة ثانية تمثلت في نقص الأطباء وعدم وجود طاقم تمريض بالعدد الكافي، وتوالت شكاوى المرضى وذويهم، وبعد ذلك بنحو عامين تحديدًا في عام 2016، فوجئ الأهالي بقرار وزير الصحة السابق الدكتور أحمد عماد الدين، بنقل تبعية المستشفى للهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية، وتفاءل الكثيرون بتحسين خِدْمات المستشفى إلى الأفضل على خلفية القرار الوزاري، غير إنه وكما يقولون «تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن»، كان قرار «نقل التبعية» بمثابة لحظة إعدام المستشفى، حيث تراجعت الخِدْمات التي يقدمها، ومنها وحدة عناية مركزة للحالات الحرجة المجهزة بـــ8 أسرة، وأصبح دور المستشفى تحويل الحالات لمستشفيات قنا أو المحافظات المجاورة.

التحويل
من جانبه قال محمود قباني، أحد أهالي مركز قفط: «المستشفى منذ صدور قرار تحويله لتعليمي أصبح وباء علينا جميعًا، ولم يعد يفيد بشيء، مستوى النظافة والأمن صفر به، ولا توجد شركة للأمن والنظافة، والبوابة مفتوحة «سداح مداح»، دون أي حراسة، وهو ما يعني أن يقوم أي شخص بارتكاب أي فعل دون أن يراه أحد، وعندما أصبت بارتفاع في درجة الحرارة وتم حجزي به اكتشفت حجم الإهمال، وفضلت استكمال العلاج في المنزل لسوء مستوى النظافة والتعقيم والخدمة بوجه عام.

في حين أشار حسن يونس، أحد أهالي مركز قفط، إلى أن المستشفى يعاني نقصا في أجهزة حضانات التنفس الصناعي، لافتًا إلى أن الأهالي يضطرون للذهاب إلى الحضانات الخاصة مرتفعة الثمن داخل وخارج المحافظة، حفاظًا على حياة الأطفال، مطالبًا بوضع حل لتلك الأزمة وتوفير بدائل لها ودعم المستشفى بحضانات جديدة.

في السياق ذاته قال سيد نور، أحد الأهالي: لا توجد صيانة دورية لحضانات الأطفال، وعند تعطل واحدة تتوقف عن العمل، ويتم تحويل الحالات إلى مستشفيات قنا أو مستشفيات المحافظات الأخرى، وبسبب سوء استعمال الأجهزة تتعرض للتعطل بشكل مستمر.

أما منصور أحمد ممدوح، أحد أبناء قرية البارود التابعة لمركز قفط، فقال: سبب الأزمة التي يتعرض لها مستشفى قفط المركزي وإطلاق اسم مستشفى تحويلات عليه هو «البرايفد» وعدم اهتمام الأطباء بالمستشفى والتفرغ الكامل للعيادات الخارجية والحالات التابعة لها، كما أن الأطباء في المستشفى بعد موعد العيادات الداخلية بها يتركون العمل بالمستشفى ولا يحضرون إلا باستدعاء التمريض في الحالات الخطرة، وفي ساعات العمل الليلية «المبيت» يتواجد الطبيب النوبتجي فقط لتوقيع ورقة تحويل المريض إلى قنا العام التي تكتظ بمرضى قفط وذويهم.

وأشارت سناء محمود عوض، أحد أهالي المركز، إلى أن شقيقتها تعرضت لأزمة صحية بسبب عدم وجود أطباء داخل المستشفى عندما حضرت للولادة، وفوجئت بعدم وجود أي طبيب وتم تحويلها إلى قنا العام في حالة حرجة، في حين أكد أحد سائقي سيارات الإسعاف، أن مستشفى قفط يعد من أكثر المستشفيات إرهاقًا، بسبب كثرة عدد الحالات التي يتم تحويلها منه إلى قنا العام أو غيره، مشيرًا إلى أنه ذات مرة وقع حادث بالقرب من الطريق السريع ففوجئنا بتحويل غالبية الحالات، ما تسبب في أزمة بالنسبة لنا فبعض السيارات تحركت على الطريق أكثر من 3 مرات تقريبًا في هذا الوقت.

الأجهزة الطبية
أزمات الأجهزة أكدها يحيى على، أحد أبناء المركز، بقوله: تعطل الأجهزة الدائم في المستشفى تسبب في كثير من الأزمات بالنسبة للمرضى وذويهم، وطالبنا كثيرًا بضرورة عمل صيانة دورية لكل الأجهزة وبخاصة أقسام الغسيل الكلوي، وكشف «يحيى» أنه عند قدوم أي زيارة يتم الترتيب والنظافة لتخرج المستشفى بشكل لائق، وعند انتهاء الزيارة يعود كل شيء إلى ما كان عليه، مشيرًا إلى أنه من الأفضل أن يتم إطلاق اسم مستشفى قفط التحويلي عليه بدلًا من التعليمي أو الطبي، لأنه لا يقدم شيئا سوى ورقة تحمل اسم «المريض.. وتحويله إلى قنا العام».

في السياق أكد مصدر لــ"فيتو" تحفظ على ذكر اسمه، أن التحويلات التي تتم إلى أغلب مستشفيات المحافظة تحمل كلمة «عدم وجود طبيب»، أو «عدم وجود محاليل»، أو «تعطل الأجهزة»، أو عدم وجود أكياس، لافتًا النظر إلى أن المستشفى به وحدة عناية مركزة للحالات الحرجة، تكلفت الملايين دون الاستفادة منها، وتابع: التمريض عند الدخول بأي حالة يطلب منه شراء مستلزمات طبية للمريض، إضافة إلى عدم توافر أكياس الدم بشكل دائم داخل المستشفى، ومع استمرار الأزمات، لم يجد الأهالي حلًا سوى الاستغاثة باللواء عبد الحميد الهجان، محافظ قنا، لإنقاذ مرضاهم، وكان آخرها سيدة وضعت توأم ولعدم وجود حضانات تم تحويلهم إلى قنا العام وخصص لهم سيارة مجهزة لهذا الشأن لنقلهم من قفط التعليمي "التحويلي" إلى قنا العام.

من ناحيته قال اللواء عبد الحميد الهجان، محافظ قنا: نسعى لاتخاذ إجراءات فورية واستثنائية لتذليل المعوقات التي تواجه العمل بالمستشفى التعليمي وإيجاد حلول جذرية له، وأكد أنه سيجري جَوْلات مفاجئة للمستشفى للاطمئنان على سير العمل ومستوى الخدمة الطبية المقدمة للمواطنين والانضباط الإداري، مشيرًا إلى أنه سيتم عمل تعاقدات مع عدد من الأطباء والاستشاريين والأساتذة الجامعيين في مختلف التخصصات لتطوير منظومة الخدمة الطبية المقدمة للمواطنين، بالإضافة إلى توفير الأدوية والمستلزمات الطبية كافة.

"نقلا عن العدد الورقي..."
Advertisements
الجريدة الرسمية