رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

خطة وزير التعليم لاغتيال «القومي للامتحانات».. أساتذة بالجامعة الأمريكية ينفذون تعليمات «شوقي» لهيكلة المركز.. الأعضاء يرفضون في خطاب يرصد 31 أزمة.. ومصادر: العمل يسير بمنطق «

الدكتور طارق شوقي،
الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم


في العدد السابق فجرت «فيتو» مفاجأة من العيار الثقيل في مشروع «بنوك الأسئلة»، وكشفت أن المركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي يعمل بالفعل منذ عام 2011 على مشروع ضخم لوضع بنوك أسئلة لطلاب المرحلة الثانوية، ورغم الصعوبات التي تواجه القائمين على المشروع إلا أنهم يحاولون الخروج بمشروع يضاهي المشروعات العالمية.

المثير في الأمر هنا، أن عدم اعتراف الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، بإنجازات المركز القومي، لم يكن الفعل الوحيد الذي إتخذه تجاهه، لكنه يسعى في الوقت الحالي إلى تنفيذ سيناريو «تدمير المعهد» بحجة «التطوير».

وزير التعليم الذي يبدأ في اتخاذ خطوات جادة بالتعاون مع البنك الدولي لتنفيذ مشروع «هيكلة المركز» وصفه مسئول بالمركز – فضل عدم ذكر اسمه- بأنه ليس تطويرًا؛ ولكنه بمثابة اغتيال للمركز الذي يمثل الهيئة الوطنية الوحيدة التي تعمل في مجال الامتحانات والتقويم التربوي، ويرتكز مشروع «الهيكلة» المزعومة، الذي ينفذه «د.طارق» من خلال الدكتورة دينا برعي الأستاذة بالجامعة الأمريكية، بالاتفاق مع البنك الدولي، على تحويل المركز من مركز قومي للامتحانات والتقويم التربوي إلى مركز وطني للامتحانات والاختبارات، على أن يكون دوره مقصورًا على إعداد الامتحانات فقط، وبالفعل بدأت الوزارة في اتخاذ مجموعة من الإجراءات لتنفيذ خطة البنك الدولي، والتي تستهدف القضاء على ما تبقى من المركز، تحت زعم «إعادة الهيكلة» والهدف غير المعلن هو إلغاء البحوث وإلغاء أقسام التدريب والإعلام من المركز.

رفض الهيكلة
ورغم رفض غالبية أعضاء المركز لفكرة الهيكلة، وتأكيدهم أن ما يحتاجه المركز فقط هو الاهتمام والرعاية، إلى جانب العمل على القضاء على المعوقات التي تعيق أدائهم لعملهم من أجل تنفيذ أهدافه بالكامل، فإن هناك حالة من الإصرار على تنفيذ ما تضمنته وثائق البنك الدولي، فيما يتعلق بإعادة هيكلة المركز الذي أنشئ بموجب القرار الجمهوري رقم 462 لسنة 1990، والذي نص في مادته الأولى:«تنشأ هيئة عامة تسمى المركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي تكون لها الشخصية الاعتبارية، وتعتبر من المؤسسات العلمية في تطبيق أحكام القانون رقم 69 لسنة 1973، وتتبع وزير التعليم ويكون مقرها مدينة القاهرة».

نص المادة يؤكد أن المركز في الأساس، عبارة عن هيئة علمية، وهو ما يؤكد حجم الخطأ الذي يتم ارتكابه بالقضاء على الصفة البحثية في المركز بالهيكلة المزعومة، وما يؤكد حجم هذا الخطأ أن الهيكلة تلك في حال إتمامها ستكون مخالفة للمادة الثانية من القرار ذاته، والتي تنص على أن: «المركز يهدف إلى إجراء الدراسات والبحوث العلمية اللازمة لإعداد نظم الامتحانات وتقويمها وتطويرها، بما يساعد على تحقيق الأغراض المستهدفة من المناهج التعليمية وبناء الشخصية المتكاملة للطالب، بما يملكه من قدرات ومهارات وتهيئته للنمو والنضج والابتكار والإبداع في مختلف مجالات الثقافة والعلم والتكنولوجيا».

اختصاصات المركز
وينص القرار على أن المركز مختص بوضع المعايير الخاصة لقياس وتقويم مختلف مستويات المعرفة والمهارات والجوانب الوجدانية للطلاب، وإعداد أنظمة الامتحانات بما في ذلك أسلوب تقدير الدرجات، إلى جانب اختصاصه بإعداد نظم الامتحانات للشهادات العامة في جميع المراحل التعليمية للتعليم قبل الجامعي، بما يتلاءم مع أهداف المناهج الدراسية وطرق التدريس والوسائل التعليمية المتبعة، وإعداد نظم امتحانات المستوى الرفيع للكشف عن قدرات الطلاب على التعليم الجامعي أو العالي ونظم اختبارات قدراتهم الخاصة.

إلى جانب ما سبق.. يتولى المركز مهمة متابعة المستوى الكيفي للامتحانات على اختلاف أنواعها ومستوياتها والتحقق من سلامتها وكفاءتها في تقييم الطلاب، وإجراء البحوث لتطوير وتحسين ورفع مستوى التقييم وأدواته للطلاب في جميع مستويات التعليم، بجانب التدريب على وضع الامتحانات وتصحيحها وإدارتها للموجهين والمعلمين والباحثين وغيرهم، وإعداد اختبارات مستوى الكفاءة الفنية والمهنية لهم لتحقيق هذا الغرض، وإبداء الرأي والمشورة، وتقديم خبرة المركز في نطاق أهدافه للجامعات والمعاهد العالية والفنية ومديريات التربية والتعليم بالمحافظات ولجميع الهيئات المهتمة بشئون التعليم بالداخل والخارج.

ووفقا لكل ما سبق.. يتضح أن قصر عمل المركز على إعداد الامتحانات والاختبارات فقط يفرغه من مضمونه في باقي الاختصاصات الأخرى التي لا يوجد جهة أو هيئة علمية مصرية تقوم بها، وهو ما يطرح تساؤلًا حول المستفيد الفعلي من تلك الهيكلة؟!.

الخطوات المتسارعة لتنفيذ «هيكلة المركز» تؤكد أن هناك هدفًا خفيًا لم تعلنه المسئولة عن الهيكلة الدكتورة دينا برعي مستشارة الوزير للتقويم التربوي، والتي دخلت في صدامات مع بعض أعضاء المركز أثناء لقاءاتها بهم، وذلك على خلفية أسلوبها في التعامل، الذي اعتبره بعض أعضاء المركز لا يليق للتعامل مع أساتذة باحثين درجاتهم العلمية تعادل درجات أعضاء هيئات التدريس في الجامعات المصرية.

في السياق.. كشف مصدر بالقومي للامتحانات أن مسئولة «الهيكلة» تتعامل مع القائمين على المركز باعتبارهم متلقين أوامر عليهم أن ينفذوها دون نقاش، حتى وإن كانوا يملكون حججًا علمية على عدم صحة الطرح المعروض من قبلها.

المصدر ذاته.. استدل بالهيكل التنظيمي للمركز، الذي يضم 5 أقسام علمية هي قسم تطوير الامتحانات، وقسم التقويم، وقسم البحوث وقسم التدريب والإعلام، وقسم العلميات والمعلومات، ويوضح أن كل قسم يمارس اختصاصه بواسطة مجلس يشكل برئاسة رئيس القسم، وعضوية جميع الأساتذة الباحثين والأساتذة الباحثين المساعدين في القسم، وخمسة من الباحثين فيه على الأكثر يتناوبون العضوية فيما بينهم دوريًا، على ألا يتجاوز عدد الباحثين في المجلس نصف أعضائه، كما يضم المجلس اثنين من الخارج من ذوي الخبرة بأعمال القسم، ويرأس كل قسم أستاذ باحث يصدر بتعيينه قرار من وزير التعليم بعد أخذ رأي مدير المركز، وذلك لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، كما تعادل وظائف أعضاء المركز وظائف أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، فمدير المركز يعادل نائب رئيس جامعة، ورئيس مجلس القسم يعادل في الجامعات وظيفة رئيس مجلس القسم، والأستاذ الباحث يعادل درجة أستاذ، والأستاذ الباحث المساعد يعادل درجة أستاذ مساعد، والباحث يعادل درجة مدرس، والباحث المساعد يعادل مدرس مساعد، وباحث معاون يعادل درجة معيد.

أزمات العمل
المصدر ذاته أكد أن المركز يضم خبرات كبيرة في مجال عملها، ولكن هناك حالة من الرفض وصم الآذان عن سماع مقترحات وشكاوى هؤلاء العلماء، لافتًا إلى أن العمل في المركز يسير بمنطق «الشاطرة تغزل برجل حمار»، في حين أن الوزارة مستعدة لإنفاق المليارات لهيكلة المركز وتفريغه من خبراته البحثية.

وقال: هناك بحوث يتوقف العمل فيها بسبب عدم وجود رزمة ورق للكتابة، وفي المقابل كان المركز عامرًا بالوجبات الساخنة التي تكلفت عشرات الآلاف خلال أيام التدريب التي عقدتها إحدى الشركات الأجنبية لأعضاء بالمركز، ومع ذلك لم يخرج التدريب عن كونه تلقين معلومات حول أمور يعمل فيها بعض من تم تدريبهم منذ أكثر من 20 عامًا.

الأصل في تعيين مدير المركز– وفقًا لقرار إنشائه- أن يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح وزير التربية والتعليم، وتكون وظيفته كما سبقت الإشارة معادلة لوظيفة نائب رئيس جامعة، ويشترط فيه أن يكون قد شغل لمدة خمس سنوات على الأقل وظيفة أستاذ في إحدى الجامعات المصرية، أو ما يعادلها من وظائف المؤسسات العلمية الخاضعة لأحكام القانون رقم 69 لسنة 1973.

ويتكون مجلس إدارة المركز برئاسة وزير التعليم أو من ينيبه، واثنين من رؤساء الجامعات المصرية، يختارهما المجلس الأعلى للجامعات لمدة عامين قابلة للتجديد، إضافة لأمين المجلس الأعلى للجامعات، ومدير المركز، ورؤساء القطاعات بوزارة التربية والتعليم، ومدير المركز القومي للبحوث التربوية والتنمية، وخمسة من ذوي الخبرة بشئون التعليم في مختلف التخصصات يختارهم وزير التعليم لمدة عامين قابلة للتجديد.

وفي محاولة لإيقاف «قطار الهيكلة»، تقدم أحد أساتذة المركز بخطاب رسمي إلى مدير المركز، كشف فيه الأزمات التي يواجهها المركز، مطالبًا بحلها، بدلًا من تنفيذ الهيكلة المزعومة، وشدد أستاذ المركز في الخطاب – الذي حصلت «فيتو» على نسخة منه- أنه إذا تم حل تلك المشكلات، فإن المركز يكون قادرًا على إدارة عملية الامتحانات والتقويم التربوي بكفاءة عالية وأن يكون قائدًا لدفة التطوير في هذا الجانب وتنفيذ كافة المهام التي توكل إليه، كما يرصد الخطاب 31 أزمة يعاني منها المركز، وعلى رأسها أن بعض أعضاء مجلس إدارة المركز لم يقوموا بزيارته ولو لمرة واحدة حتى من باب التعرف عليه، كما أن مجلس الإدارة لا ينعقد في موعده الرسمي مرة كل شهرين، إلى جانب معاناة المركز من مشكلة عقد اجتماعات مجلس الإدارة بديوان عام الوزارة بدلًا من مقر المركز، وهو ما اعتبره - صاحب الخطاب- تقليلًا من قيمة المركز في نفوس العاملين به.

وأضاف: كما أن التقارير التي تعرض على مجلس الإدارة يتم توزيعها في أثناء جلسة الانعقاد، رغم أنه من المفترض أن يتم توزيعها قبل ذلك بوقت كاف، ومعظم الموضوعات التي تعرض على المركز خاصة بالإجازات والتعيينات دون عرض خطة منهجية للعمل سنويًا ومتابعة تنفيذها، كما لم يشهد المركز مشاركة أعضاء مجلس الإدارة في اجتماعات الأقسام لمتابعة ما يتم تنفيذه وخطط العمل التي يتم مناقشتها داخل الأقسام، إضافة إلى تناقص مخصصات الخطة الاستثمارية عامًا بعد عام وخاصة الخطة البحثية، وكذلك عدم وجود وحدة يمكنها استثمار الموارد البشرية بشكل أفضل وزيادة الموارد المالية للمركز، وعدم وجود سجل وثائقي للقرارات الإدارية لقيادات المركز، وعدم وجود توثيق لكل أعمال المركز.

وأشار أيضا إلى أنه من ضمن أزمات المركز أنه لم يتم تعيين كوادر أكاديمية منذ 16 عامًا، وأصغر أكاديمي في المركز أصبح على درجة أستاذ مساعد، رغم أنه في الأساس مركز بحثي.

تقليص خطة الموازنة وإلغاء ميزانية الأبحاث بالمركز ووجود اتجاه نحو إلغاء الأبحاث بالكامل.

المصدر ذاته كشف أن هناك حالة من الإصرار على تنفيذ هيكلة المركز دون النظر للمشكلات الفعلية وحلها، كاشفًا عن زيارة المركز اثنين من الخبراء الأجانب التابعين للبنك الدولي كل منهما كانت له زيارة منفصلة وتمت الزيارتين في يومين منفصلين، وكان الوقت المحدد للزيارة ساعة وربع الساعة وتم تخصيص 15 دقيقة فقط لكل قسم من أقسام المركز من أجل التعرف عليه ومعرفة مشكلاته وأهدافه ومنجزاته.ّ

وقال: تصر الوزارة على إعادة هيكلة المركز بالشكل المطروح رغم رفض أعضائه لذلك، وكانت أولى الخطوات بتشكيل لجنة من رؤساء الأقسام بالمركز وبعض أعضائه تم تشكيلها بقرار من مدير المركز قبل أشهر، وأصدرت اللجنة تقريرًا جاء فيه أن المركز قادر على القيام بكل الأعباء المطلوبة من الوزارة دون الحاجة إلى إعادة هيكلة، وتم رفع التقرير إلى مستشارة الوزير للتقويم التربوي الدكتورة دينا البرعي، التي رفضت بدورها ما جاء فيه، وقالت في معرض تعليقها على أوضاع المركز: " لا أريد قسمي التدريب والإعلام والتقويم".

وتساءل المصدر كيف يمكن للوزارة وهي تسعى لتطبيق نظام تعليمي جديد أن يكون مركز إعداد امتحاناته بدون قسم للتدريب؟ هل سيتم الاستمرار في الاستعانة بالشركات الأجنبية دون تدريب وإعداد كوادر جديدة؟.

ومع إصرار مستشارة الوزير على تنفيذ الهيكلة، شكل مدير المركز الدكتور رمضان محمد رمضان لجنة أخرى من رؤساء الأقسام لمناقشة مقترحات الهيكلة، أعدت تقريرًا جاء فيه نفس نتيجة التقرير السابق، وجاء فيه أيضًا أن المركز صالح لإدارة منظومة التقويم التربوي في مصر، رغم المشكلات التي يعاني منها، وتم عرض التقرير على مجلس إدارة المركز برئاسة وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتور طارق شوقي، والذي طلب بدوره مزيدًا من المناقشات على أمل رضوخ رؤساء أقسام المركز لإعادة الهيكلة.

نقلا عن العدد الورقي
Advertisements
الجريدة الرسمية