رئيس التحرير
عصام كامل

المصري صاحب براءة اختراع الطاقة بروسيا: 70% من الباحثين العائدين لا يجدون البيئة المناسبة بمصر

فيتو

  • لا بد من استفادة مصر من هؤلاء الذين سافروا ضمن البعثات للدراسة بالخارج
  • يجب دمج مصادر الطاقات الجديدة والمتجددة بالشبكات الكهربية لأن مصر أرض خصبة
  • لا بد من الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين بدلا من الاستعانة بالخبراء من الخارج
  • فضلت الدراسة في جامعة المنيا وسط "أهلي وعزوتي"
  • سجلت براءة تطبيق في مجال القوى الكهربائية وجودة الطاقة
  • مصر ولادة بالعلماء في جميع أنحاء العالم

أكثر من 500 عالم ومهندس مصري نووي يعيشون في مختلف دول العالم حققوا العديد من الإنجازات على مختلف مستويات الطاقة النووية لدرجة أن بعضهم أصبح يترأس مشروعات نووية ناجحة والبعض الآخر يعمل في مجال الأبحاث والتدريس الجامعي أو الشركات التي لها علاقة بالطاقة النووية.. "فيتو" حاورت الدكتور محمد علي حسن طلبة "المدرس المساعد بمركز البحوث النووية شعبة المفاعلات الذرية قسم المفاعلات بهيئة الطاقة الذرية، الملحق بـ"مفاعل مصر البحثي الثاني بأنشاص"، بعد أن تمكن الدارس المنياوي من تسجيل براءة تطبيق في مجال القوى الكهربائية وجودة الطاقة.

*في البداية حدثنا عن نشأتك؟
كنت سعيد الحظ أنني ولدت في المملكة العربية السعودية سنة 1985 والدي ووالدتي الذين كانوا يعملان في ذلك الوقت في مجال التدريس، من عائلة منياوية، التحقت بالمدرسة في سن السابعة كان هدفي الأسمى في ذلك الوقت هو رسم الفرحة على وجه والديّ، فقد كنت متفوقًا منذ صغري، وحصلت على المركز الأول على مستوى المرحلتين الابتدائية والإعدادية لدرجة أن الصحف السعودية تحدثت عن تفوقي ثم انتقلت إلى مصر لدراسة الثانوية وحصلت على مجموع 96% ثم التحقت بكلية هندسة جامعة المنيا قسم الهندسة الكهربائية والقوى كنت من ضمن الـ5 الأوائل على القسم.

*لماذا فضلت الالتحاق بجامعة المنيا بعد عودتك إلى مصر، وهل هذا يرجع إلى التنسيق أم هناك عوامل أخرى؟
لم يكن اختياري كلية الهندسة بجامعة المنيا مرتبطا بمجموع، فالمجموع لم يكون عائقا أمامي على الإطلاق، لأنه كان يؤهلني للالتحاق بمختلف كليات الهندسة على مستوى الجمهورية لكن بسبب أن والدي ووالدتي كانا يقطنان في مدينة المنيا، ووالدي من قرية صفط الخمار، تلك القرية التي تحمل جذور عائلتي الكبيرة عائلة طلبة، "العزوة والسند" كما يطلقون عليها أهل الصعيد، فكنت أفضل أن أعيش وسط عزوتي وسندي ووسط عائلتى، لذلك اخترت أن أستكمل المرحلة الجامعية في جامعة المنيا.

*حدثنا عن تأقلمك مع الصعايدة وأنت عائد من دولة السعودية في ظل وجود اختلاف في الظروف المعيشية بين السعودية ومصر؟
الفضل يرجع لوالدي الذي حاول أن يهيئ لي العيش في المنيا على نفس المستوى الذي كنت أعيشه في السعودية، ناهيك عن أن والدي كان دائما يجالس المصريين في السعودية وكنت أنا بصحبته فهذا كان سببًا قويا ساعدني على التأقلم بشكل سريع مع تغير المجتمع، لكن هذا لا يمنع أنني شعرت بصدمة فور نزولي إلى مصر بسبب الاختلاف، فالمجتمع المصري مختلف تماما عن المجتمع السعودي.

*كيف التحقت بالبعثة الدراسية في دولة روسيا.. هل كان ترشيحًا من قبل جامعة المنيا؟
لا.. لم يكن التحاقي بالبعثة قرارًا من قبل جامعة المنيا، فقد كنت من ضمن الـ5 الأوائل ومن سوء الحظ في ذلك الوقت أن الجامعة اختارت الأول على الدفعة فقط للتعيين في عام التخرج والعام الذي يليه تم اختيار الثاني على الدفعة فقط أيضا فلم أكن موفقا في العمل بجامعة المنيا، وبالتزامن مع ذلك التوقيت، كان الدكتور "ماهر عبد الوهاب" رحمه الله، عميد المعهد العالي للهندسة والتكنولوجيا بالمنيا الجديدة، دائما ينتقي من الـ5 الأوائل لكي يعملوا بالمعهد العالي للهندسة والتكنولوجيا، ففي أول عام التحقت بالعمل داخل المعهد "معيدا"، وصلتني معلومات حول احتياج "الطاقة الذرية" لمعيدين في جميع التخصصات وبفضل الله تم اختياري من ضمن الـ 9 الأول في تخصصي هندسة القوى الكهربائية للتعيين بهيئة الطاقة الذرية معيدا، وبعد حصولي على درجة الماجستير من جامعة المنيا في نهاية 2013 وتعييني مدرسا مساعدا بهيئة الطاقة الذرية صادفني إعلان للمنح والبعثات المصرية إلى روسيا لدراسة الدكتوراه واستوفيت الأوراق المطلوبة للتقديم واجتزت المطلوب من البعثات المصرية وتمت الموافقة من وزارة التعليم العالي الروسية ثم الموافقة على الترشيح من هيئة الطاقة الذرية وذلك كان نهاية عام 2014.

*حدثنا عن مجال عملك في روسيا؟
المفاعلات البحثية وملحقاتها بصفة عامة تعتبر أحمالا في الشبكة الكهربية، ونظرا لشدة أهميتها ومجالاتها التطبيقية المختلفة، يجب العمل على تحسين جودة الطاقة لها بشكل منتظم على أن يعمل الجهد في الحدود المسموح بها دون أي انحراف وتشوهات وعدم انقطاع الطاقة عنها، ومن هنا كانت فكرة الموضوع البحثي في روسيا مع مشرفي.
كما أنني تمكنت من تسجيل براءة تطبيق في مجال القوى الكهربائية وجودة الطاقة، وتمكنت من تحقيق ذلك باستخدام تقنيات جديدة وحديثة لتطبيق دمج مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة مع الأجهزة التعويضية مع الوضع والحجم الأمثل لكلا منها، لتحسين جهد شبكات التوزيع الكهربية بشكل فعال وتقليل مفاقيد القوى الكهربية، بالإضافة إلى خفض مجموع تكاليف التشغيل للشبكة بشكل كبير مع الأخذ في الاعتبار تكاليف الصيانة والشراء والإنشاء والتشغيل لكلاهما وقد تم تطبيقها على شبكات مختلفة بأحجام مختلفة، واستطعت تسجيل براءة التطبيق الخاص بي، لدى الحكومة الروسية.

*للنجاح والغربة ضريبة.. فماذا كانت ضريبة نجاحك؟
هي كانت ضريبة صعبة فلم أكن أتخيلها إطلاقًا "عدم حضور دفن وجنازة والدي"، والدي كان هو الأمل بالنسبة لي، كان بمثابة الدافع القوي الذي يدفعك للنجاح بكل ما أوتي من قوة.. أتذكر اللحظات الأخيرة عندما كان يودعني في المطار، كان سلامه شديدا وكأنه كان يعلم أنني لن أراه بعد ذلك، وحين سألت لماذا ذلك السلام والحميمية القوية كان رده: مش عارف هنتقابل تاني ولا لا، تلقيت خبر وفاته وأنا في روسيا وكنت في غرفتي الخاصة وكان بالنسبة لي أكبر صدمة في حياتي لدرجة أن أصدقائي كانوا يطرقون باب غرفتي وأنا كنت منعدم الحركة لكي أصل إلى الباب لأفتح لهم.. صدمة وضريبة قوية أكبر من النجاح بكثير، ولولا زملائي وأصدقائي في العمل وأساتذتي ووالدتي الغالية لم أكن أتخيل أنني أتخطى تلك الصدمة وأنا في روسيا.."مات اللي بينور طريقي"

*كيف تستفيد مصر من الدكتور محمد علي؟
لا بد من قيام مصر بعمل برنامج للتعرف على المشكلات التي تواجه البلد والاستفادة من هؤلاء الذين سافروا ضمن البعثات للدراسة بالخارج على سبيل المثال يمكن الاستفادة مني في مجال الطاقة الكهربائية من حيث تحسين أداء بعض الشبكات التي تعاني مشكلات جودة الطاقة وزيادة الاستفادة من دمج مصادر الطاقات الجديدة والمتجددة بالشبكات الكهربية لأن مصر أرض خصبة لذلك، ولا بد من الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين بدلا من الاستعانة بالخبراء من الخارج لأن هؤلاء قد حصلوا على فرصة السفر بسبب تفوقهم، لكن 70% من العلماء عندما يعودون إلى مصر يجدون مستوى بيئيا واجتماعيا وإمكانيات مادية مختلفة لا تساعدهم ولا تساعد على النهوض بالبلد بل تضعف من المستوى الذي وصلوا إليه، وعلى الرغم من ذلك يوجد العديد من المتفوقين من مصر عامة والمنيا خاصة لهم العديد من إنجازات على مستوى العالم.
الجريدة الرسمية