رئيس التحرير
عصام كامل

مقرا لأسطول بحري وتحصن به طومان باي.. قصة تاريخ «مسجد الفتح»

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

التاريخ المصري الإسلامي يحفل بالغموض والمتعة والإثارة، وعند تتبع خط سير كل أثر إسلامي، تكتشف قصة كان يجب أن تحكى لتروى للأجيال القادمة، حتى يبصرون دروب التاريخ من باب الدراسة والعلم والفهم لما مضى، وما هو آت، ومن أهم الحكايات المثيرة للغرابة في العصر الإسلامي، قصة إنشاء «مسجد الفتح».


وتعود بداية المسجد إلى العصر الفاطمي، حيث زمن الحاكم بأمر الله، كان يقع على مقربة من النيل مباشرة بقرية «أم دنين» ــــ ميدان رمسيس الآن ــــ وقبل أن يتحول لمسجد كان مقرًا للأسطول البحري للدولة الفاطمية، وفيه صنعت السفن الحربية، لتكون نواة للغزوات البحرية.

بحسب خطط المقريزي، كان المسجد في نشأته الأولى يسمى بـ«المقس» قبل أن يتحول إلى الفتح، وذلك لقربه من قلعة أقيمت منذ طويل على النيل وكانت تحمل نفس الاسم، ليعيد بناء المسجد الخليفة الفاطمى الحاكم بأمر الله.

وهناك رواية أخرى يكشف عنها المقريزي عن سبب تسمية المسجد بـ«المقس»، وهي معنى محرف من كلمة «المكس» أو المكوس، أي الضرائب التي كانت تحصل مصر عليها من البضائع القادمة إليها، من خلال الميناء القديم على النيل.

ويعتبر الفتح ثانى أهم مساجد الحاكم بأمر الله، بعد مسجده الشهير في القاهرة الفاطمية، وكان يقع على النيل مباشرة، قبل أن ينحسر في مجراه الحالي، ويروى المقريزي أن الحاكم اهتم به كثيرا، وأضاف له أراض زراعية شاسعة ومحال كثيرة، واتخذ منه محطة لجولاته الغامضة التي اختفى في إحداهما للأبد.

كان المسجد قديما محاطا بحدائق النخيل، ونقطة ربط إستراتيجية بوسط القاهرة، وكان ذلك سببا في تغيير اسمه للمرة الثالثة في الدولة المملوكية، التي أطلقت عليه اسم «أولاد عنان» نسبة لضريح الشيخ محمد بن عنان، الذي دفن فيه وربما لا أحد يعرف مكانه الآن.

انتهت سيرة المسجد قبل أن يتحول لشكله وإسمه الحالي عند «طومان باى» آخر سلاطين مصر المملوكيين، الذي أقام فيه لفترة من الزمان، وتحصن به قبل هربه من جيوش السلطان العثمانى سليم الأول، التي لحقت به وأعدمته، وعلق على باب زويلة، ليتحول المسجد من وقتها إلى شكله واسمه الذي يحمله حتى الآن.
الجريدة الرسمية