رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

آمنة نصير: ربط ليلة القدر بنباح الكلاب وبالعلامات المرئية بالسماء «عيب وخرافات وجهل»

فيتو

  • >> تتكرر للناس حسب موقعهم في كوكب الأرض
  • >> نحن شعب «غاوي للقيل والقال» وكثرة السؤال
  • >> لا يوجد علامات لليلة القدر.. ولا يوجد لها ميعاد ثابت
  • >> الحديث عن العلامات المرئية خرافات وجهل بأمور الدين
  • >> الحكمة هي أن يبقى الإنسان دائما بروح النشاط والعبادة

تدور حول «ليلة القدر» الكثير من الإشكاليات بشأن أسرارها، وتجلياتها؛ فقد ميَّزها الله في القرآن الكريم بقوله تعالى: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ»، إلا أن اجتهاد بعض المفكرين الإسلاميين جاء بمزاعم حول صدقها وثبوتها وفضلها عن باقي أيام شهر رمضان المبارك، وأصبحت «ليلة القدر» مثار جدل بين العلماء والمفكرين.
حاورت «فيتو» الدكتورة آمنة نصير، أستاذ الفلسفة والعقيدة الإسلامية بجامعة الأزهر، حول معاني ودلالات ليلة القدر، وما يثار من مزاعم حول عدم وجودها من الأساس، فإلى نص الحوار:

• يكثر الحديث حول علامات ليلة القدر.. فالبعض يعتبر أنها تظهر على هيئة شهاب مضيء أو عدم نباح الكلاب وخلافه، بينما يعتقد آخرون بوجود علامات معنوية غير مادية، والبعض اعتبر تلك العلامات مجرد خرافة، فما حقيقة ذلك؟

- نحن شعب «غاوي للقيل والقال» وكثرة السؤال، فالشعب المصري من طبيعته أن يُترجم كل شيء، سواء كان حلوا أو مُرا، إلى علامات وكرامات، فلا يوجد لليلة القدر أي علامات، وليست لها علاقة بنباح الكلاب؛ فنباح الكلاب يكثُر عند مناوشتها، فربط ليلة القدر بهذه العلامات السخيفة «عيب»، لأن تلك العلامات لا أصل لها، سواء في علم العقيدة أو في علم الفلك، وأي حديث عن العلامات المرئية في السماء في ليلة القدر هو أمر على سبيل الخرافات والجهل بأمور الدين، فيمكننا أن نستشعر بقلوبنا ليلة القدر، فهذا هو عمل الروح التي يجب أن أرقى بها طوال شهر رمضان بالصوم، وأدعمها بالذكر، فالروح هي أعظم دليل على أن هذه الليلة تكون ليلة القدر.

• ما سبب تسمية تلك الليلة بـ «ليلة القدر»؟
- لأنه يقدر فيها كل شيء، فتُقَدّر الأرزاق، والآجال، والأعمال، وكل ما يتعلق من أقدار المخلوقات فيها.

• هل ليلة القدر لها ميعاد ثابت أم أنها تتنقل بين ليالي رمضان بين كل عام وآخر؟
- لا يوجد لها ميعاد ثابت، فهناك حديث للرسول صلى الله عليه وسلم، قال فيه: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان»، ولم يحدد أي ليلة من لياليها، لكنه حدد الليالي التي من الممكن أن تأتي فيها ليلة القدر بأن تكون في ليلة فردية من أواخر الشهر الكريم، أي أنها يمكن أن تأتي في ليلة الحادي والعشرين أو الثالث والعشرين أو الخامس والعشرين من رمضان، أو السابع والعشرين، أو التاسع والعشرين.

• بعض العلماء والمشايخ أكدوا أن ليلة القدر لا تأتي في شهر رمضان فقط، ولكنها قد تكون في أي يوم من أيام السنة، وفقًا لرأي الإمام أبو حنيفة، والذي قال: «التمسوا ليلة القدر في أي يوم من أيام السنة»، والإمام الشافعي كذلك أكد أنها يمكن أن تأتي في أي يوم من أيام شهر رمضان، فما رأيكِ بذلك؟
- هذا اجتهاد فقهاء، واجتهاد الفقهاء وارد دائما، فقالوا إن ليلة القدر يمكن أن تأتي في أي يوم من أيام السنة، أو أي يوم من أيام شهر رمضان، حتى نبقى دائما على هذا التواصل بين العبد وربه، وهذا نوعٌ من الاجتهاد المحمود من قِبل بعض الفقهاء، فكل هذه الأمور تنشط وجدان الإنسان وهمته وتحرك ضميره، وتجعل الإنسان في حالة من الاقتراب إلى الله، سبحانه وتعالى، وتجعل العبد يدعو ربه دائما لعل دعوة في أي من أيام السنة تُقبل عند الله.

• لماذا جاء تحديد ميعاد ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان؟
- أخرها الله سبحانه وتعالى، وجعلها في العشر الأواخر حتى يُعطي حالة من الدعم والحيوية والحركة للصائم بأنه لا يفتر ولا ينصرف عن العبادة، لأن في الثلث الأخير من شهر رمضان تنتظرك أيها الصائم جائزة ليلة القدر، فيبقى المسلم في هذا الحماس، وهذا التسارع للخيرات، ويواصل لآخر شهر رمضان.

• جاء في القرآن الكريم «إنا أنزلناه في ليلة القدر»، أي إن بداية نزول القرآن الكريم على سيدنا محمد كان في ليلة بعينها، فهل هناك حكمة من عدم تحديد يوم معين لليلة القدر؟
- الحكمة هي أن يبقى الإنسان بروح النشاط والعمل الدءوب على الاستغفار والصلاة والدعاء، ويبقى بهذا الأمل في بلوغ ليلة القدر إلى آخر شهر رمضان، وأن يكون في حالة تحرك وجداني وتحرك نفسي، وحالة تحرك في الدعاء، فهذا هو الهدف من عدم تحديدها.

• من أين تنبعث أفضلية ليلة القدر على غيرها من أيام شهر رمضان المبارك؟
- الله سبحانه وتعالى له أيام يحبها، فالله يحب هذه الأيام من شهر رمضان، ومنها ليلة القدر.

• بعض المشايخ اعتبروا أن الحديث بأن ليلة القدر ليلة مستجاب فيها الدعاء وتتحقق فيها الأمنيات هو مجرد وهم، وأنها ليلة مثل باقي ليال شهر رمضان، لا تختلف عنها في شيء، ما ردك على تلك المزاعم؟
- استجابة الدعاء واردة بالتأكيد، فيقول الحديث الشريف: «إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها؛ لعله أن تصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدا»، ومن هذه الليالي ليلة القدر، لذا يستحب الدعاء فيها، فقالت السيدة عائشة للرسول صلّى الله عليه وسلم: «يا رسول الله! أرأيت إن علمت أيُّ ليلةٍ ليلةٌ القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعف عني»، فنحن بحاجة إلى أن نتعلم كلام العقيدة المحترم.

• هناك بعض المفكرين شككوا في وجود ليلة القدر من الأساس، مستشهدين بأنها تعبر عن ليلة واحدة، على الرغم من أن الكرة الأرضية مقسومة إلى نصفين، فساعات الليل هنا هي ساعات النهار في الجهة المقابلة، فما رأيك بذلك؟
- كيف يشككون فيها وقد ذكرها الله في قرآنه، فقال تعالى: «ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر».. صدق الله العظيم، فهي ليلة تظهر عندنا في ليلنا، وتظهر في الجهة المقابلة في ليلهم، فليس هناك مشكلة في ذلك، فليلة القدر تتكرر للناس حسب موقعهم في كوكب الأرض، كلٌ على حسب موقعه.



الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ «فيتو»

Advertisements
الجريدة الرسمية