رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

رئيس جامعة المنوفية: الاستسهال آفة البحث العلمى.. وإذا زاد الاقتباس عن 25% يعد سرقة علمية

فيتو



  • لا بد أن تشمل خطة الدولة 2030 برنامجا لربط قطاعات الدولة ببعضها
  •  أتوقع أن تحتل الجامعات المصرية هذا العام ترتيبا متقدما في أفضل 500 على مستوى العالم
  •  مصر تمتلك إمكانيات عالية لكنها تفتقر إلى التكامل
  •  لا نسجل لشخص إلا إذا جاء بشهادة تؤكد أن موضوعه خالٍ من الانتحال العلمي
  • الاستسهال موجود في البحث العلمي لأن المعلومة أصبحت متاحة


اتهامات كثيرة يواجهها البحث العلمي في الآونة الأخيرة، فقد تكرر الحديث أننا نعيش في عصر فوضى الرسائل العلمية، واتهام البعض لها بأنها أصبحت عبارة عن قص ولصق في معظمها، خاصة الكليات النظرية، لعدم إسهامها في تقديم جديد، وسطحية بعض الرسائل بها.

حاورت "فيتو" الدكتور معوض الخولي، رئيس جامعة المنوفية، حول المعايير والضوابط الواجب توافرها في الرسائل العلمية، وكيف نقضى على هذه الفوضى ونعيد ترتيب آليات البحث العلمى في مصر.. وإلى نص الحوار:


• بدايًة.. ما تقييمك للوضع الحالي للبحث العلمي في مصر؟
- نحن لدينا تخصصات نحتل فيها مراتب متقدمة في البحث العلمي، ففي "النانو تكنولوجي" نقترب من الـ 25 الأوائل على مستوى العالم، وكذلك في العلوم بصفة عامة، والكيمياء والفيزياء، والهندسة، فكل تلك التخصصات يتراوح ترتيبنا فيها في الثلاثين الأوائل، فوضع البحث العلمي في مصر جيد، وهناك بيئة جيدة، ويوجد حاليا اتجاه من وزارة التعليم العالي وأكاديمية البحث العلمي والمجلس الأعلى للجامعات والدولة بصفة عامة للارتقاء به، فاليوم أصبحت هناك جوائز كثيرة للأبحاث والنشر العلمي لشباب الباحثين، ويشكل هذا حافزا كبيرا لإيجاد مردود للبحث العلمي في مصر، وأتوقع أن تحتل الجامعات المصرية هذا العام ترتيبا متقدما في أفضل 500 جامعة على مستوى العالم.

• ذكرت في حديثك أن هناك بيئة جيدة للبحث العلمي في مصر، فهل هذه البيئة تساعد الباحث على أداء مهمته بالشكل المطلوب؟
- بالرغم من أن مصر تمتلك إمكانيات عالية جدا، لكن تفتقر هذه الإمكانيات إلى التكامل، بمعنى أنه على سبيل المثال لدينا نحو 10 جامعات حكومية في الدلتا، و3 جامعات رئيسية في القاهرة الكبرى، فإن كل تلك الجامعات تفتقد التكامل، وتفتقر وجود قاعدة بيانات حقيقية للمعامل البحثية الموجودة، فعندما يكون هناك قاعدة بيانات للمعامل، ويمكننا استبدال معمل لا يستهلك كل الوقت بمعامل نوعية داخل الجامعات الأخرى، ويحدث نوع من البعثات الداخلية للطلاب بين الجامعات وبعضها البعض، وهذا سيعظم الاستفادة من الموجود بشكل سريع بدلا من البعثات الخارجية، ودون أن نحمل الدولة تكلفة كبيرة، لكن للأسف بالرغم من وجود محاولات عديدة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي لإنشاء هذا البنك المعرفي للمعامل والتجهيزات الموجودة بها بالجامعات المصرية، فإنه لم يكتمل حتى الآن.

• ما المعايير والضوابط الواجب توافرها في الرسائل العلمية؟
- هناك نوعان من الرسائل العلمية؛ رسائل علمية للماجستير، ورسائل الدكتوراه، والماجستير يكون عبارة عن تدريب الطالب على أسس وقواعد البحث العلمي المختلفة، ويتعلم من خلاله التقنيات المختلفة التي تؤهله أن يكون باحثًا على أرض الواقع، وأن يُعمل فكره بشكل مختلف، وفي الدكتوراه يجب أن يبحث الطالب في موضوع مبتكر وجديد، ولا بد أن يراعي فيه الأصالة، ويأتي في النهاية في رسالته بعمل جديد ومتفرد لم يسبقه فيه أحد.

• لماذا إذا تواجه الرسائل العلمية الكثير من الاتهامات بأنها متكررة ومتشابهة ومنقولة من بعضها البعض ولا تقدم أي جديد، وأننا نعيش في عصر فوضى الرسائل العلمية؟
- هذا الحديث قد يكون صحيحًا، لأنه في الماضي لم تكن هناك قاعدة بيانات للرسائل التي تم إنتاجها، وهذا كان يعطي فرصة كبيرة جدًّا للباحثين بأنهم ينقلون من بعضهم البعض دون أن يكتشف أحد ذلك، لكن في الوقت الحاضر أصبح لدينا برنامج نسجل عليه كافة رسائل الباحثين، ولا نسجل لشخص إلا إذا جاء بشهادة تؤكد أن موضوعه خالٍ من الانتحال العلمي، سواء كان بحثًا يتقدم به للترقية أو موضوع رسالة، صحيح أن هذا البرنامج لم يكتمل بالشكل التام على كافة التخصصات، لأننا لا نستطيع حصر كافة الرسائل التي تم إنتاجها على مدى السنوات السابقة، لكن لدينا مواقع مثل "ساينس دايركت" تكشف نسبة الانتحال، وقد قرر المجلس الأعلى للجامعات أنه لو زاد الاقتباس عن 25% تعتبر هذه سرقة علمية، وبناء عليه بدأت هذه الأمور تنضبط في الوقت الحاضر، لكن لا أنفي أن هناك البعض ممن يسرقون الرسائل من تراجم أجنبية أو رسائل قديمة، لكن هذه الأمور أصبحت تحت عين الجامعات والمراكز البحثية وأصبحنا ندقق عليها بشكل كبير جدا في الآونة الأخيرة.

• هل أزمة الرسائل العلمية متواجدة بصورة أكبر في الكليات العملية أم النظرية؟
- هي موجودة بلا شك في الكليات النظرية أكثر بكثير من الكليات العملية، فالكليات العملية تنشر معظم أبحاثها في مجلات، وهذه المجلات مصنفة وموجودة على قواعد البيانات، فسهل أن نتحقق إذا كان هناك تكرار بها أم لا، لكن في الكليات النظرية والعلوم الإنسانية والاجتماعية، معظم المجلات فيها غير مصنفة، ولذلك ظهر اتجاه كبير لتطبيق ما يسمى بـ"معامل التأثير العربي" لعمل تصنيف للمجلات العربية، وبناء عليه حينما تكتمل هذه المنظومة سنكون وضعنا أيدينا بشكل كبير على هذه التخصصات، لكن سيظل هناك من يخترق النظام، ولكننا نسعى إلى تقليل السرقات العلمية بأقصى جهد.

• هناك من يرى أن الدراسات العلمية أصبحت ملجأ لكثير من الطلاب هربا من البطالة، كما يتخذها البعض "بيزنس" للعمل بها في الدروس الخصوصية أو للتدريس في الجامعات وخلافه، مما جعل هناك استسهال فيما يقدمه بالرسالة، لأن هدفه ليس إثراء البحث العلمي، فما رأيك في ذلك؟
- فعلا هناك طلبة بحث علمي يعطون دروسا خصوصية في مراكز حول الجامعة، لكنهم ليسوا من أعضاء هيئة التدريس أو الهيئة المعاونة بالجامعة، لذلك لا يوجد للجامعة سلطان عليهم، لكن كما ذكرتِ فالجامعات في مصر تزداد يوما بعد يوم، سواء كانت جامعات أهلية أو خاصة، وبالتالي فإن أي شخص كان متفوقا ولم يحظ بالتعيين في الجامعة، ربما يلجأ إلى عمل دراسات عليا وهذا حقه المشروع، لكن ليس من حقه أن يسرق أن ينقل من الدراسات الأخرى، ويخالف ضوابط القانون، فالاستسهال موجود، لأن المعلومة أصبحت متاحة، وبنوك المعرفة موجودة أمام كل الناس، ففي ساعة واحدة على الإنترنت تحصل على معلومات لا حصر لها، لكن تظل القيمة العلمية لمن ينقل دون أن يقدم جديدًا هي قيمة ضئيلة.

• هل هناك إحصائيات توضح كم رسالة علمية يتم إنتاجها كل عام؟
- بالطبع هناك إحصائيات لدى كل جامعة من الجامعات المصرية، ففي جامعة المنوفية التي أرأسها، من سنة 2014 إلى 2017 منحنا 29 ألفًا و598 درجة دبلوم في التخصصات المختلفة في الكليات المختلفة، ومنحنا 2704 درجات ماجستير في الثلاث سنوات الأخيرة في جامعة المنوفية، و1072 دكتوراه، بإجمالي 33 ألفًا و374 رسالة علمية ما بين دبلوم وماجستير ودكتوراه، وهذا على مستوى كافة الكليات.

وعلى مستوى التخصصات؛ في كلية الطب منحنا في العام الدراسي 2014/ 2015، 407 دبلوم، 432 ماجستير، و85 دكتوراه، وفي كلية العلوم منحنا 1161 دبلوم، و277 ماجستير، و683 دكتوراه، وبالنسبة لكلية الهندسة منحنا 300 دبلوم، و102 ماجستير و18 دكتوراه في خلال عام واحد فقط، أما في كلية التجارة فمنحنا 211 دبلوم، و63 ماجستير، و9 دكتوراه، وفي كلية الآداب منحنا 139 دبلوم و42 ماجستير و39 دكتوراه، وفي الحقوق منحنا 10 ماجستير و72 دكتوراه.

ولو رصدنا عدد الرسائل على مدى السنوات، فنجد أن هناك 14 ألفا و444 رسالة علمية في عام 2014 /2015، و11 ألفا و262 رسالة في عام 2015/ 2016، ومنحنا نحو 11 ألفا و520 رسالة في 2016/ 2017، وهذا يؤكد أن الجامعات تقوم بدور كبير جدا.

• كيف نقضي على فوضى الرسائل العلمية، ونعيد ترتيب آليات البحث العلمي في مصر؟
- يجب أن نرى بعضنا البعض، فهناك جامعات، ومراكز بحثية، ووزارات ومصانع مختلفة ومزارع مختلفة، فكل تلك الهيئات إذا جلست مع بعضها البعض وعرف كل منهم ما الذي يحتاجه من الآخر، سنصل لأعلى المراتب في البحث العلمي في مصر، لكن للأسف الشديد نحن نخرج الآن بحث علمي لا تستفيد منه الصناعة، فتستورد الصناعة مواد يمكننا إنتاجها وتطويرها من البحث العلمي، والمفروض أن يكون هناك جهة تُشبك كل هذه الهيئات مع بعضها، ولا أنكر أن هناك بعض المحاولات الحثيثة من وزارة التعليم العالي وأكاديمية البحث العلمي لفعل هذا، وأصبحت تتبنى أفكارا تطبيقية حديثة، لكن تظل تلك المحاولات تحتاج إلى التوسع لتشمل كل القطر، فالجامعات يجب أن تكون مرئية من الصناعة، والإنتاج الحربي، والتخطيط، وأتمنى أن تشمل خطة الدولة 2030 برنامجا لربط كل قطاعات الدولة ببعضها.
Advertisements
الجريدة الرسمية