رئيس التحرير
عصام كامل

هاني خليفة مخرج التفاصيل ودراما الهمس (فيديو)

فيتو

"أن تقول كل شىء دون أن تقول شيئا، أن تغرق في الاهتمام في التفاصيل حتى تكاد التفاصيل نفسها تقاضيك في كبرى المحاكم"، هكذا نهج المخرج هانى خليفة أسلوبًا خاصًا به كما اعتاد في إخراج مسلسل "ليالى أوجينى"..


منذ الحلقات الأولى للعمل يتضح للمشاهد أنه أمام عمل فنى متكامل، من حيث القصة وأداء الممثلين والديكور والملابس والإضاءة والصورة وكافة التفاصيل الصغيرة، كل شىء يدور في فلك مخرج محترف، له مدرسة خاصة به، يهوى التجارب الصعبة ويعشق التركيز على المشاعر الإنسانية الصادقة، نظرات العيون واللحظات الصامتة عنده أهم بكثير من الكلمات، النتيجة النهائية واحدة لكل من يتابع العمل بعين المشاهد أو الناقد أو المبدع، فلن يجد أمامه إلا أن يشيد بمخرج العمل ومدرسته الخاصة.

هانى خليفة يطل على جمهوره بمسلسل "ليالى أوجينى"، العمل الفنى المختلف، الذي يدور في فترة الأربعينيات، ويتمحور حول قصص حب صعبة، يعانى أبطالها طوال الأحداث من الفروق والاختلافات والعوائق المختلفة، ولم يختر هانى في نقل تلك القصص للمشاهد الأسلوب البسيط السهل، بل لجأ لأسلوب السهل الممتنع، فكل شخصية تخلق حالة من التعاطف لدى المشاهد دون أن يكون هناك داع لأن يلجأ المخرج لفكرة الأحداث والأزمات الكثيرة لتشويق المشاهد، التعاطف هنا سيد الموقف، كل شخصية تعبر عن مشاعرها دون أن تتحدث كثيرًا، فمثلًا كاريمان "أمينة خليل" وفريد "ظافر العابدين" لم يصرح كلاهما للآخر بحبه حتى الآن لكن الحب يتضح من النظرات والكلمات والهمسات وتعبيرات الوجه، طوفان من المشاعر لا يحتاج لكلمات يتدفق وحده تارة بقوة وتارة أخرى على مهل.

هانى خليفة نجح في أن يفضح شخصيات المسلسل ويعري كل شخصية من الداخل، وتمكن من أن يخرج من كل ممثل أفضل مالديه وساعده في كل ذلك عناصر الموسيقى والديكورات والملابس وكافة التفاصيل التي تحمل روح الأربعينيات وجمال تلك الفترة، كل بطلة تتهادى على مهل بفساتينها الأنيقة وقصات الشعر الجميلة والمكياج الجميل والحقائب والأحذية، كل التفاصيل تهمس في أذن المشاهد تقول له انتبه أنت أمام عمل فنى مختلف لا يسابق باقى الأعمال بل يعزف في منطقة منفردة وحده.

الموسيقى حكاية وحدها، اختيار الأغانى يخدم كل تلك القصص، ويساعد أبطالها على تعرية كل مابداخلهم، العمل ككل يثبت أن هانى خليفة لا يعمل بمنطق الكم وإنما يكفيه أن يترك أعمال قليلة مؤثرة يتذكرها الجمهور، وهو ما كتب له.

الشخصيات في ليالى أوجينى جميعهم أبطال بفضل رؤية المخرج المبدع، كل منهم بطل حكايته الخاصة، كل منهم يأخذ المشاهد معه، ويجعله يتعايش مع ألمه ولحظات فرحه وحزنه وحيرته وانكساره، ويقدم خليفة لجمهوره كارمن بصيبص وأسماء أبو اليزيد وإنجى المقدم بشكل مختلف تمامًا، بجانب ظافر العابدين وأمينة خليل فكلاهما ظهر نضجه الفنى بوضوح.

ويحسب له أنه يخرج مسلسل يحمل طابع متفرد، لاينافس تلك الأعمال الأخرى، ينتشل المشاهد بعيدًا عن دراما العنف والبلطجة وتلك الأعمال الكوميدية السطحية التي تغرق في التفاهة والإسفاف، أو الأعمال الساذجة المنحوتة التي لاتضيف أي جديد، يعيده إلى روائح الزمن الجميل ويتركه هناك في جولة لن يمل منها.
الجريدة الرسمية