رئيس التحرير
عصام كامل

فريدة النقاش: الدول الممتثلة لـصندوق النقد توغل فيها الفقر والفساد

الكاتبة اليسارية
الكاتبة اليسارية فريدة النقاش


  • تقييد الحريات ومحاصرة الأحزاب وضعف الإمكانيات.. سبب رئيسى لإخراس "الصوت الآخر"
  • الحكومة تساند الفقراء ومحدودى الدخل بالكلام فقط.. ولا تفكر في رفع مستوى الفقراء ومعدومى الدخل


الكاتبة اليسارية فريدة النقاش، أحد أبرز رموز الحركة اليسارية والنسائية في مصر، وتعتبر أول سيدة ترأس تحرير صحيفة حزبية هي «الأهالي»، كما ترأست تحرير «مجلة أدب ونقد».

وفي الحوار الذي أجرته "فيتو" معها، أكدت أن كثرة إشكاليات المعارضة على الساحة السياسية تزيد من انتشار الإرهاب، لافتة إلى أن أسباب غياب المعارضة مركبة وضعف الإمكانيات سبب رئيسي في غيابها.
وأوضحت "النقاش" أن المعارضة تتأثر دائمًا بالأجواء العامة للدولة، وأن اندماج الأحزاب السياسية يعود بنا لفكرة الحزب الواحد في الماضي، مشيرة إلى أن سياسات صندوق النقد الدولي أدت لزيادة الفقر والفساد ورفع الأسعار، وأن الحكومة تساند المواطن الفقير من خلال الخطاب فقط، لكنها ضده في السياسات، كما لفتت إلى أن السلطة تعمل حاليًا في وادٍ والأحزاب والقوى السياسية تعمل في وادٍ آخر.. وإلى نص الحوار:

* بداية.. ما الإشكاليات التي تواجه المعارضة في مصر؟
- الحركة الوطنية المصرية منذ ثورة 19 وحتى قبل ذلك الحين كانت تطالب بتأسيس الحريات في المجتمع المصري، من خلال حرية التعبير عن الرأي والتفكير وحرية التظاهر، وهي الحريات التي توافقت عليها البشرية ونصت عليها في المعاهدات والمواثيق الدولية أيضا، بما فيها مصر، وما ورد في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، لكن هذه المسيرة الطويلة لإرساء هذه المنظومة لهذه القوانين العالمية، كانت ناقصة في التطبيق، واستطاع النضال بعد ذلك الحصول على بعض الحقوق ولم تكن منحة من الأنظمة، والقوى المدنية منذ عهد عبد الناصر تطالب بالتعددية في المجتمع المصري، وخاصة أن المجتمع المتعدد يحتاج لرؤى مختلفة، لكن بقيت أيضا عملية حظر الأحزاب السياسية حتى عام 1976، عندما جاء السادات بالتعددية الحزبية، حيث كان هناك قبل ذلك تقييد في إنشاء الأحزاب السياسية ومنع الأحزاب من العمل في أوساط الجماهير وإنشاء تشكيلات لها في القرى والمراكز والمدن والتوسع وتكوين أنصار لها في الجامعات والشوارع والأحياء، وفي الوقت الذي كانت فيه هناك إشكاليات في طريق المعارضة ازداد انتشار الجماعات الإرهابية نظرًا لكونهم يدعون الدفاع عن الدين.

* لماذا تغيب المعارضة عن الساحة السياسية في الوقت الحالي؟
- تقييد الحريات العامة، ومحاصرة الأحزاب السياسية وبقاء التجربة الحزبية مقيدة، وأيضا هناك أمور خاصة بالبناء التنظيم والفكري بالأحزاب نفسها، وأيضا ضعف الإمكانيات والميزانية، ونستطيع أن نقول إن المعارضة الآن في المجتمع أكثر منها في الأحزاب السياسية، لكن غيابها أيضا يرجع لعدة أمور منها أن الارتفاع الجنوني للأسعار حول مزاج المصريين بعد أن كانوا متحمسين في 30 يونيو لإزاحة حكم الإخوان، أصبحوا الآن غير راضين عن واقعهم، وأصبحوا أيضا غير راضين عن السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة، والمعارضة الآن أصبحت فقيرة، وغير راضية عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية.

* هل كثرة الأحزاب السياسية هو سبب تراجع دور المعارضة؟
- أسباب تراجع المعارضة مركبة، والأحزاب السياسية ساندت للغاية حلف 30 يونيو، ولم تكن معارضة حينها، وكما رأينا في الانتخابات الرئاسية الأولى للرئيس السيسي كيف احتشد المصريون جميعا للسيسي وصوتوا له، وتلك هي مطالب المعارضة في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، أنها تخشى على الدولة ومستقبل البلاد، والرئيس كلما تحدث يقول انظروا إلى من حولكم من ليبيا وسوريا واليمن والعراق، والظروف السيئة التي تمر بها هذه الدول، ونحن بالطبع أفضل بكثير.

المعارضة في الوقت الحالي أعادت ترتيب أولوياتها دفاعًا عن وحدة مصر واستقلالها وتجنب حرب أهلية، وفى النهاية كثرة الأحزاب السياسية ليست سببًا في تراجع المعارضة من الساحة، خاصة أن فرنسا دولة متقدمة للغاية، وبها 400 حزب سياسي، فليست كثرة الأحزاب سبب التراجع، لكن المسيرة تفرز من يستمر ومن سيموت، ومن سيندثر مع الوقت.

هل تتأثر المعارضة بالأجواء العامة للدولة؟
- بالطبع تتأثر المعارضة للغاية بالأجواء العامة للدولة، ومصر بها حالة من الغضب المكتوم وعدم الرضا في ارتفاع الأسعار والسياسات الاجتماعية والاقتصادية، التي يمليها علينا صندوق النقد الدولي، وهذه السياسات أدت لزيادة الفقر وزيادة الأسعار ولم نستطع القضاء على الفساد أيضا من خلال هذه السياسات.

كيف ترين سياسات الحكومة تجاه الفقراء ومحدودي الدخل؟
- الحكومة أصبحت تساند وتؤيد الفقراء ومحدودي الدخل في الخطاب فقط، لكنها في الممارسات السياسية والاقتصادية فهي ضد الفقراء تمامًا، وهذه هي مواصفات كل البلاد التي استجابت لشروط صندوق النقد الدولي زاد فيها الفقر والبطالة والفساد.

كيف ترين مستقبل المعارضة في مصر؟
- مستقبل المعارضة مرتبط تمامًا بمستقبل الحياة السياسية، والتطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البلاد، وهذه الأحزاب التي خرجت بعد 30 يونيو معظمها سوف ينقرض ويختفى، وخاصة الأحزاب التي لا برامج لها ولا قاعدة شعبية أو اجتماعية لها أيضا، نظرًا لأن الحزب لا بد أن يكون له قاعدة شعبية واجتماعية على مستوى الجمهورية، لذلك كل المعطيات تقول إن هذه الأحزاب سوف تنقرض.

ما رأيك في الدعوة إلى دمج الأحزاب في ثلاثة أو أربعة أحزاب؟
لم أشعر بالراحة تجاه هذه الدعوة، نظرًا لأنها قد تحمل مخاطر أن نعود مرة أخرى لحزب الرئيس وحكم الحزب الواحد مرة أخرى، وهو ما عانينا منه كثيرا في الماضي، من حزب الرئيس والحكومة، والحزب الواحد الذي تحول لبؤر للفساد والرشاوى والوساطة والذي اعتمد على الحكم أكثر من الأشخاص أنفسهم، ومن المفترض أن تأتي الدعوة من الأحزاب نفسها والتي لها برامج متشابهة، ومن الممكن أن تندمج.
ولكن في النهاية فالحزب الواحد وتكرار التجربة مرة أخرى ينبئ بتكرار تجربة الفشل السابقة والعهود القديمة منذ عهد الاتحاد الاشتراكي في عهد السادات ومبارك وأيضًا في عهد عبد الناصر وكلها أمور ليست جيدة تمامًا.

بوجهة نظرك.. ما هي المعارضة الحقيقية؟
هي تلك المعارضة التي تستند إلى قاعدة اجتماعية واسعة تضم الطبقات الشرعية والطبقات الوسطى، وتستطيع أن تصوغ برامج متكاملة، لا يتم فيها إلغاء الطبقات تماما، ولكن التخلص من الفوارق بين الطبقات، وعدم تزويد الفوارق بينها.

هل ترين أن هناك معارضة حقيقية الآن على الساحة؟
ليس تعبيرا صحيحا، المعارضة الموجودة حاليا كلها حقيقية، وهى إما إلى اليسار أو اليمين أو الوسط، وكلها حقيقية؛ نظرًا لأنها تستند إلى مصالح الفئات التي تعبر عنها وفي النهاية طبيعة الظروف السياسية هي التي تحكم وجودها على الساحة السياسية.

من يقود المعارضة السياسية في الوقت الحالي؟
هناك أكثر من حزب لديه رؤى وأفكار تستطيع أن تقول إنهم قادرة على القيادة، لكن في النهاية المعارضة ليست موحدة، وليست في حزب واحد ولكن هناك أحزابًا كثيرة، ومن الممكن أن تستفيد هذه الأحزاب من بعضها، لدينا أحزاب مثل التجمع والوفد والتحالف اليسارى والتحالف الشعبي والشيوعي المصري، كل هذه قوى حزبية وسياسية لديها رؤى مختلفة وجيدة.

كيف ترين مبادرة "الصوت الآخر" التي أطلقتها جريدة "فيتو"؟
مصر بلد غني للغاية، ليس فقط في موارده ولكن أيضا في إمكانياته البشرية أيضا، مفكريه ومثقفيه، ومن الممكن أن تنطلق يوميا مبادرات خلاقة، تستطيع الاستفادة من هذه الشخصيات والتراث العلمي الكبير، والاستفادة أيضا من المعارضة، خاصة أن السلطة تعمل في وادٍ والأحزاب والقوى السياسية تعمل في وادٍ آخر، ولا بد أن يكون الجميع مع بعضها، من خلال الحوار والتفاهم، والسلطة مغرمة دائما بفكرة الحوار المجتمعي ولا يوجد حوار جاد وحقيقي، لكن في النهاية فكرة "الصوت الآخر" جيدة للغاية.
الجريدة الرسمية