رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

في يوم المرأة العالمي.. 3 حكايات عن «الستات الشقيانة» (صور)

فيتو

في شوارع المحروسة وأرجائها وجوه تحمل أثر نعومة ذهبت مع ريح الماضي وحلت محلها تجاعيد تحكي قصص عنهن.. إنهن نساء تحملن الصعاب وواجهن تقلبات الحياة برضا وصبر، ولذا فإن كل منهن تستحق الاحتفاء بها في يوم المرأة العالمي، إنهن "ستات" مصر الشقيانة.


تُعد أم علاء إحدى "ستات" مصر الشقيانة.. تتحرك من منزلها في عزبة أولاد علام في الدقي كل يوم بعدما تخفت حدة شمس الظهيرة وتضعف شدتها متوجهة إلى سوق سليمان جوهر بالمنطقة ذاتها، وبالتحديد عند عم ربيع بائع النعناع، لتحصل على "حزم" النعناع الأخضر الطازج، بضاعتها الدائمة التي تتجول بها هي والمناديل والبخور في الشوارع والمقاهي بحثًا عن شار لها.. فهي مصدر رزقها الذي تعتمد عليه في حياتها الذي اعتمدت عليه في تربية أبنائها الخمسة بعد وفاة زوجها الذين تحكي عنهم والدموع تغالبها "أنا ربيت ولادي وجوزتهم.. بس بنت من بناتي اتطلقت ورجعت تاني في مسئوليتي وبقيت بصرف عليها.. هسيبها لحد غيري يصرف عليها.. لازم أكمل شغل حتى عشان خاطر ألاقي فلوس لعلاجي كمان".


ظروف عمل أم علاء كبائعة متجولة ليست باليسيرة وتحتاج إلى مجهود شابة وهي قد أوشكت على تخطي الستين تقوم به بصفة يومية، إلا أنها لا تجد بديلًا " أنا ماحدش بيصرف عليا ومش باخد حاجة من عيالي" وتكمل وهي تبكي "بتمنى بس ربنا يديني الصحة عشان أقدر أكمل وأقدر أصرف على نفسي وعلى بنتي".

تلك الرحلة اليومية المتكررة التي تخرج فيها أم علاء من بيتها بملابسها الملونة والسبح التي تطوق رقبتها، تزداد صعوبة كل يوم، فأقدامها لم تعد تحتمل "اللف" في الشوارع خاصة أنها لا تعود إلى بيتها إلا حينما تنتهي من بيع بضاعتها لكنها على الرغم من كل شيء لا يتوقف لسانها عن الدعاء، " يارب يا كريم.. ارزقنا يارب"، ومع نهاية كل يوم من أيام العمل الشاق يكون طبق من الماء الدافئ ملاذها للتخلص من آلام الأقدام وبعدها تخلد إلى النوم استعدادًا ليوم جديد من التعب.


منذ الخامسة صباحًا تخرج الحاجة نادية من منزلها ببشتيل في اتجاه الجيزة، حيث حديقة الحيوانات مقر عملها.. وأمام دورات المياه الكائنة بالقرب من بوابة رقم 4 تجلس في مكانها هذا منذ 20 عاما والضحكة لا تفارق وجهها.. ضحكة هي الملاذ التي تهرب به من أوجاع الواقع وذكريات رحلة الكفاح الطويلة التي عاشتها منذ انفصالها عن زوجها وتوليها مسئولية رعاية ابنتيها الإثنين.. رحلة كانت فيها لـ"وفاء وإيمان" نعم الأب والأم والصديقة.. وما زالت حتى اليوم.



تقول: "جوزي ما كانش متحمل مسئولية خالص.. عشان كده انفصلنا وعيالي كانوا وقتها صغيرين.. خبرتي في الدنيا ما كانتش كبيرة وعشان كده نزلت اشتغلت ولسه في شغلي ده من وقتها".

كافحت الحاجة نادية حتى ساعدت بناتها على إكمال تعليمهن ودفعتهن نحو الاستقرار والزواج، ووسط مشقة العمل لم تتوقف يومًا عن ممارسة دورها كأم حنون، "في بنت من بناتي اتطلقت.. وعايشة معايا.. ولحد دلوقتي برجع من الشغل على 7 بالليل أعمل لبنتي الأكل وأغسلها هدومها.. أنا بحبهم وهما كل حياتي.. ومش باخد منهم حاجة ومش عايزة غير سعادتهم.. وفخورة بكل حاجة عملتها عشانهم والحمد لله إنهم حاسين باللي قدمته ليهم".




في أحد شوارع حدائق القبة، تجلس الحاجة عريفة ذات الـ65 عاما في المكان ذاته كل يوم، تخرج مع الساعات الأولى من الصباح وتمكث حتى تغيب الشمس نهائيًا ويعم الظلام الأجواء، لم تغير نشاطها منذ زمن.. عاشت حياتها تبيع الخضراوات الطازجة "تسند" بما تجنيه من رزق زوجها لكى يعيشوا مع أبنائهم الخمسة حياة كريمة، لكن القدر فاجأها في منتصف رحلتها برحيل الزوج فوجدت نفسها وحيدة في مواجهة واقع قاسِ لم تعد له العدة.. 21 عاما عاشتهم دون الزوج كانت لأبنائها أب وأم، وعملت يوميًا لكي توفر كل احتياجاتهم.


أفنت السيدة عريفة حياتها وعمرها في تربية أبنائها، ساعدت ثلاثة منهم على الاستقرار والزواج، وتساعد الرابع على الزواج حاليًا وتوفر له قدر الإمكان كل ما يحتاج من مال لكي يتم مشروع زواجه على خير، أما الرابع فهو مصدر ألمها، فقد توفي شابًا إثر مرض معد فتك به، وكانت وفاته ضربة قتلت كل طاقة الكفاح والمسئولية التي كانت تدفع تلك الأم في حياتها، وقادتها للمكوث في بيتها عام كامل زاهدة الدنيا كارهة لها، ولكن متطلبات الحياة لم تتوقف، فعادت عريفة منذ عام إلى مكانها المعتاد لتستكمل رحلة كفاحها من أجل أبنائها.


Advertisements
الجريدة الرسمية