رئيس التحرير
عصام كامل

موالد الأولياء «ذكر وفرحة وتجارة» (صور)

فيتو

من السادة البرهانية إلى الغنيمية، مرورًا بالرفاعية والحصافية، وانتهاءًب العزائمية تعج البحيرة بالعديد من الطرق الصوفية التي لمع نجمها مرةً أخرى بعد خفوت لسنوات كثيرة، لتعود مواكبها تنتشر بالمدن والمراكز بأعلامها ودفوفها وابتهالاتها.


مواكب الصوفية بمدن البحيرة
عادت مواكب الطريقة الرفاعية "خلفاء الشيخ إبراهيم عبادة بمدينة كوم حمادة في البحيرة" في ذكرى المولد النبوي الشريف والتي جابت أنحاء المدينة وانتشرت حلقات الذكر والإنشاد الديني، التي شارك فيها الآلاف من أهالي المدينة احتفالًا بالمولد النبوي الشريف، كما وزع الأهالي أطباق الحلوى والمشروبات على المارة بشوارع المدينة.

كما قامت مشيخة الطريقة العزمية برئاسة الشيخ علاء أبو العزائم، رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية، بتنظيم بمولد الشيخ عز الدين ماضي أبو العزائم يوم الخميس 26 أكتوبر، بمدينة إيتاى البارود بالبحيرة، حيث أقيم مجلس علم وتتبع سيرته العطرة من اقتداء أبناء الصوفية الصغار به، بالإضافة إلى حلقة الذكر والإنشاد الديني.

يؤكد محمود حسني، محاسب، أن مواكب التصوف عادت فعلا بعدد من المدن، وهي محببة للقلوب لأنها تمتزج بين الفرحة والذكر، واستوقفه أحد تلك المواكب قبل عدة أشهر، وأحبها أبناؤه كثيرًا وكانوا يرددون ابتهالاتها وطريقة دقات الدفوف في منزلهم، ويشير آخر إلى أن تلك المواكب تذكره بأيام الطفولة، حيث كان شارع الجمهورية بمدينة دمنهور يمتلىء عن آخره في اليوم السابق لشهر رمضان لترى مواكب الرؤية التي كانت تنظمها المحافظة بالتعاون مع الطرق الصوفية وكانت ذكريات لا تنسى.

أهل المبجلين
يقول القطب الصوفى عبد اللطيف أبو خزيمة، أحد مشاهير التصوف بالبحيرة، وكان ضمن لجنة ترميم الأضرحة التي تم الاعتداء عليها في التسعينيات، لـ"فيتو" إن مدينة دمنهور التي تعتبر أقدم المدن على مستوى مصر والعالم أجمع، وهي التي صدرت منها الديمقراطية للعالم وبها أول نظام للملاحة، من نقراطيس الميناء القديم في جعيف والذي كان يربط بين الشرق والغرب.

بالإضافة إلى كونها أول مركز للترجمة، وبحكم قدمها وعراقتها حيث يرجع تاريخها إلى 4240 قبل الميلاد، وكانوا يسمونها قديما "أهل المبجلين" لأسباب كثيرة، أهمها أن بها أول توحيد قبل حتى مينا، وهي تتميز عن غيرها من المدن المصرية أن بها أكثر من 55 ضريحًا لأولياء الله الصالحين، وبهذا تعتبر- بعد القاهرة- التي بها الأبطال كلهم، سيدنا الحسين والسيدة الكريمة والسيدة النفيسة وبعدها بهنا وبني حميد وأسوان تأتي دمنهور من حيث عدد الأولياء.

مشيرًا إلى أن السلفية في نهاية التسعينيات اعتدوا على أضرحة الأولياء، وتم تقديم طلب بإعادة ترميم هذه الأضرحة، وكان لي الشرف في أن أكون عضوًا في لجنة تحديد أماكن المقامات، وتم تحديدها بالتحديد الإشاري، والميزانية وضعت، ووقف المشروع لأسباب لا أعلمها، مطالبًا بإعادة ترميم المقامات التي اعتدي عليها السلفية، وهناك استغاثة نشرت بمجلة التصوف بعدد الأضرحة التي تم الاعتداء عليها، وكانت اللجنة مكونة من الشيخ مصطفى معبد أحد مفتشي الأوقاف والحاج سعد هنداوي وأحد مهندسي مجلس مدينة دمنهور وقتها وكان إخوانيًا فتم رفضه واستبداله بآخر.

عودة الصوفية لمواجهة التطرف
مؤكدًا أن عودة الصوفية للظهور بشكل كبير هو عطش الناس للتصوف، وأصبح هناك طلبًا للمواجهة مع الطرف الرافض المتشدد قصار العقول، فأي متصوف يحمل بطاقة رقم واحد في الدفاع عن الوطن ضد أي مشكلات أو خلافات، والخوف على الوطن لأن بها تراب أهله، فعندما تكون السيدة الكريمة وسيدنا الحسين وسيدي عطية أبو الريش الذي أمر أن يأتي إلى دمنهور، موجودون في مصر ألا يجب أن يكونوا محبون مصر؟ بالتأكيد يفعلون، مشيرًا إلى أنه لا يوجد بالبحيرة مركز واحد بلا أولياء، فجميع المدن بها أولياء، نافيًا بشكل قاطع أن تكون العودة تقليدًا، وإنما إعادة ظهور، لأن الناس تحب التصوف الذي بدأ قبل حتى التفكير في إنشاء الكيانات السلفية.

التصوف والتجارة
وأوضح أن علاقة التصوف والتجارة علاقة طويلة الأمد، خاصة أنها تجارة مشروعة، فالتجارة مهنة تعلم وتوصل وتوثق بين كل الأطراف مشروطة بصدق التاجر، فتجد حوله الكثير من المجتمع، وخاصة من النساء، الذين يوقرون الرجال الصادقين، الذين لديهم خوفًا من الله، فيظهر هذا عليه في حديثه وفي معاملته، والمتصوف يفرض على نفسه للآخرين شيئا، فهناك قاعدة في التصوف "العرف عند المتصوفين فرض"، والعمل بالتجارة نفسه فتح الكثير من البلدان في ماليزيا وإندونيسيا وجزر المالديف، فهناك النقشبندية والحصافية والرفاعية والشاذلية، فلم يخل مكان فيه تجارة بالبلدان الأخرى التي أسلمت إلا وبه تاجر صوفي محب لدينه ووطنه، فالتصوف دولة يختار عضوهًا ولا يختار هو، وأهم ما فيها أنها تحب أوطانها.

طبيعة إنسانية
مؤكدًا أن مخالفات الموالد طبيعة بشرية، وهي حكمة، ولو عرف السلفية ما في الموالد لأحبوها، مؤكدًا أنه لا يدافع عن المخالفات التي تحدث عن طريق بعض الناس بالموالد، فلا يوجد مجتمع يخلو من المخالفات، وهناك الكثير من الخارجين عن اللياقة والسياق يتم العطف عليهم بتلك الموالد، ويتم استيعابهم، وهذا فرض علينا، فربما ينصلح حال بعضهم، مؤكدًا أن هذا من سنن النبي عندما عرض عليه أن يطبق عليهم الأخشبين، وحتى لو هناك جانح فيحتضن، وهناك العديد من الأمثلة، وكان هناك لص بمجرد استيعابه ووجد النصيحة لوجه الله والباب لم يغلق، فهداه الله.

التصوف يغذي الروح
ويضيف محمد عبد الكريم، متصوف، أن التصوف يغذي الروح ويبعدها عن الخلافات والمشكلات، فالمتصوف تجده سمحًا يتقبل الآخر، ولا يرفضه ويتمنى من الله له الهداية، والكثير من التجار المتصوفين بمصر كلها تعرفهم من طريقة تعاملهم، فهم يخافون الله ويقدمون إليك الحسن دائمًا، ويضيف آخر "أن على الذين يتحدثون عن مخالفات الموالد التي يسعد فيها الأطفال قبل الكبار، عليه أولًا أن يعي أنهم ليسوا من الصوفية، وأنها لا تقارن بأي شكل بالمخالفات التي تحدث في رأس السنة وغيرها من الاحتفالات التي تتم والأماكن التي تعج بالمخالفات، بل يشاركون فيها لأنها دائما ما تكون احتفالات الصفوة، أما الموالد فهي احتفالات العامة والصفوة معًا".
الجريدة الرسمية