رئيس التحرير
عصام كامل

حسن الشقطي يكتب: جنون إهدار الماء العذب في «السيفون»

حسن الشقطي
حسن الشقطي

انتاب كل المصريين قلق بعد ظهور سد النهضة، الذي جدد ذكريات الماضي، أيام الجفاف ثم الفيضان، الآن مخاوف انحسار منسوب المياه وعدم كفايتها لتلبية الأغراض السكنية والزراعية والصناعية، لكن الكارثة أننا نهدر المياه هدرا لا معقولا، وسنعطي مثالا حزينا للهدر بسيفون الحمامات.

حسب تقديرات بسيطة، فإن المصريين يستخدمون سيفون الحمام ٣ مرات لكل فرد، وحيث إن متوسط أفراد الأسرة الواحدة هو ٥ أفراد، أي إن للأسرة نحو 12 سحبة سيفون (بافتراض وجود طفل لا يستخدم السيفون).. وبما أن سحبة السيفون تستهلك تقريبا ١٢ لتر مياه، فإن الأسرة الواحدة تستهلك كمية 144 لتر مياه للسيفون فقط، وتشير التقديرات العالمية إلى أن تنظيف السيفون يشكل 40% من استهلاكات المنازل، وبالتالي استهلاك المنزل الواحد يقدر بنحو 360 لتر مياه يوميا.

وحيث إن مصر بها 43 مليون منزل، فإن الاستهلاك المنزلي السنوي من المياه يصل إلى 5.7 مليارات متر مكعب، منها 2.3 مليار متر مكعب تستهلك فقط لتنظيف خزانات الطرد للسيفون.

يتبقى لنا نحسب: كم تكلفة استهلاكنا من المياه من أجل تنظيف السيفون؟

في السعودية تصل تكلفة المتر المكعب المنتج من محطات التحلية إلى 7 ريالات، أي 35 جنيها، وعليه، فإن استهلاك مصر من المياه لتنظيف سيفون الحمامات يكلفنا نحو 80 مليار جنيه سنويا، رقم مهول طبعا، لكن الحمد لله الذي وهب النيل لمصر، لنحصل على هذا الماء مجانا.

طبعا كلام لا يصدقه أحد أن التكلفة الحقيقية لتنظيف السيفونات بمصر تبلغ 80 مليار جنيه بسعر تكلفة المياه المحلاة، بالطبع نحن لسنا السعودية.

من الآخر، لدينا واقع مائي جديد، يفرض علينا التفكير بأساليب مختلفة للحفاظ على الماء العذب؛ أولا: يجب أن لا يشتم من تقديراتي التفكير في رفع أسعار مياه الشرب بالمنازل من جديد، فالمواطن يئن ولن يتحمل أي زيادات جديدة.

ثانيا: يجب أن نفكر في تغيير مواصفات خزانات الطرح بالسيفونات وكمياتها من المياه كثير من الدول سبقتنا نحو اشتراط سيفونات لا تستهلك أكثر من 6 لترات مياه، ونحن أحوج ما نكون لها الآن كمواصفات قياسية جديدة يجب تطبيقها.

ثالثا: نحتاج وبشكل عاجل تأسيس محطات تحلية مياه مركزية على طول شريط البحر الأحمر ولنقل ننشئ 6 محطات مبدئيا، المحطة الواحدة تنتج نحو 100 ألف متر مكعب يوميا، هذا الإنتاج سيضخ للمنازل للاستخدامات الأخرى غير استخدام الشرب، أي تقوم الفكرة على حصر استخدامات المياه العذبة من النيل في مياه الشرب، لو افترضنا أنه سيتم ضخ نوعين من مواسير المياه لكل منزل، أحدها لمياه الشرب بسعر مرتفع، وهنا يمكن رفع هذا السعر لتقنين استهلاكه، في المقابل، سيتم ضخ مياه أخرى محلاة أو نصف محلاة لاغراض التنظيف والحمامات بأسعار متدنية.

رابعا: نحتاج للبدء سريعا في مبادرات تقليل هدر المياه، فلا تسريب ولا سيفونات كبيرة ولا رش شوارع بمياه عذبة ولا زراعات عشوائية.

بالتحديد، أنا مع "تجريم هدر الماء العذب".
الجريدة الرسمية