رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالجزائر: السوشيال ميديا أصبح منصة لاستقطاب الشباب للجماعات المتطرفة

فيتو

*المجتمع المدني يمثل القوة الناعمة في محاربة الإرهاب فكريا
* التجربة الجزائرية في محاربة الإرهاب نموذج للقضاء عليه

*حقوق الإنسان تنطبق حتى في لحظات الخطر
* الإعلام بكافة وسائله هو المؤسسة القادرة على الوقاية من الأفكار المتطرفة في الجزائر
* ندرس تطبيق مادة حقوق الإنسان في المقررات الدراسية
* نتمنى أن تحذو الدول العربية حذو البرلمان الألماني في تغريم المحتوى المتطرف على السوشيال ميديا
*لجنة عربية مشتركة لتنفيذ توصيات المجالس الوطنية لحقوق الإنسان لمحاربة الإرهاب


حاورتها: منى عبيد
حرب عالمية على الإرهاب، حذرت منها مصر قبل عقود، لينتبه العالم لها مؤخرًا، بعدما نال الإرهاب والتطرف من أعتى ديمقراطيات أوروبا، التي حاولت في حرب غير متكافئة الحفاظ على الحريات في ظل التدابير الأمنية المشددة، وهنا يأتي دور المجتمع المدني باعتباره القوة الناعمة لبلاد العالم، ليلعب دورًا محوريا في هذه الحرب، من خلال التوعية بخطورة الأفكار المتطرفة، وتقديم مقترحات عملية للمؤسسات الرسمية وصناع القرار للحل السياسي والمجتمعي.
وفى هذا الصدد كشفت السيدة فافا سيد لخضر، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالجزائر في حوار لـ«فيتو» عن العوامل والأسباب التي أدت إلى نجاح التجربة الجزائرية في حربها ضد الإرهاب، والتي عانت من براثنه على مدى عقود، إلى أن نجحت الدولة بمؤسساتها الرسمية والمجتمعية والإعلامية في القضاء عليه تمامًا مع عام ٢٠٠٥.. الحوار على النحو التالي:

*هل يمكن للدول العربية المستهدفة تطبيق التجربة الجزائرية في مواجهة الإرهاب أم أن للمجتمع الجزائري طبيعة مختلفة؟

بالطبع، فالدولة الجزائرية على غرار البلدان العربية الأخرى، ليس لديها أي خصوصية، غير أنه بفضل القرارات السياسية الرشيدة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي بادر في القضاء على الإرهاب اعتمادًا على الحلول السياسية، والتي بدأت بقانون الرحمة في عام ١٩٩٥، ومن بعده السلم المدني وصولا بالمصالحة الوطنية التي تمت في عام ٢٠٠٥، فضلا عن عدد من الإجراءات الأمنية والقانونية والتي تمثلت في قانون المصالحة القانونية، للعفو عن التائبين، إنطلاقًا من مبدأ أن ليس لهؤلاء الإرهابيين سبيل سوى الجزائر ومهما كان الأمر ففي نهاية المطاف هما مواطنون جزائريون، وهذا كله كان من أجل خلق حالة انسجام بين أطياف المجتمع ككل، مما ساهم بشكل كبير في تراجع الإرهابيين عن مسلكهم المتشدد.

*هل تعاملت الدولة الجزائرية مع الإرهابيين كلا على حد سواء أم وفقا لحجم خطورته؟
لا، تم تقسيم الإرهابيين إلى نوعين منهم من لم يرتكب أي أعمال عنف، لكنه يتبنى فكرًا متطرفًا فقط، وهؤلاء فتحت لهم أبواب العودة والتوبة دون مسائلة قانونية، أما النوع الثاني، وهو الذي ارتكب أعمال عنف وتاب، تم محاكمته بطبيعة الحال أمام القضاء، ولكن من خلال إصدار أحكام غير قاسية إنطلاقا من قيمة الرحمة، مما ساهم بشكل كبير في خلق حالة انسجام وتلاحم بين أفراد المجتمع الجزائري، بعدما وصل الأمر إلى أن الأسرة الواحدة بداخلها إرهابي وأخر ضحية للإرهاب، إلا أن الإرادة السياسية الحقيقية نجحت في استعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد.

*هل لعبت المجالس الوطنية لحقوق الإنسان دورًا في محاربة التطرف العنيف؟
بالتأكيد، حقوق الإنسان تشمل الحريات العامة والشخصية، بما في ذلك حرية المعتقد، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان في الجزائر، وكذلك المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، لعبا دورًا رئيسيًا في زرع ثقافة احترام حريات ومعتقدات الغير، فضلا عن الإنذار المبكر، ولفت انتباه مؤسسات الدولة لمؤشرات سلبية، قد تجعل الدولة عرضة لعمليات إرهابية مرة أخرى.

*هل تضع مؤسسات الدولة الجزائرية توصيات وملاحظات المجلس الوطني لحقوق الإنسان عين الاعتبار وتضعها قيد التنفيذ؟
نعم، وإن لم تكن كلها، ولكن منذ مارس من العام الماضي وبعد تعديل الدستور الجزائري، أصبح المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مؤسسة دستورية مستقلة ماليا وإداريا، تقوم بدورين أولهما: المساهمة في دراسة المشروعات القوانين التي تقدمها الحكومة والبرلمان وكذلك البرامج، وتضع توصيات حولها، الدور الثاني هو أن المجلس يقدم ملاحظات للحكومة على القوانين القائمة إذا ما كانت تمس حقوق الإنسان، ويطالب بتعديل، ونحن لازلنا أمام تجربة وليدة نتمنى تفاعل كل مؤسسات الدولة معنا ومع ملاحظاتنا وتوصياتنا.

*كيف لعب الإعلام الجزائري دورًا توعويًا لمحاربة الأفكار المتطرفة؟
كان للإعلام دور رئيسي في مواجهة ومحاربة الأفكار المتطرفة، وتحذير الشعب الجزائري من ويلاتها، ظهر ذلك من خلال إذاعة شبابية تستخدم أساليب عصرية غير تقليدية تبث أفكارا تنويرية وتعزز ثقافة الاختلاف وتقبل الآخر، فضلا عن دور التلفزة، فهناك حصة تليفزيونية إعلامية يفسر من خلالها مجموعة من المثقفين والأدباء والمفكرين وكذلك الفقهاء، خطورة الانسياق وراء الأفكار الشاذة التي تبعد كل البعد عن الدين الإسلامي الحنيف، والذي تم استخدام آياته وتعاليمه بشكل خاطئ، وارتكبت جرائم لا إنسانية باسمه ولا تمت له بصلة، بالتالي لعبت ولا تزال تلعب المؤسسات الإعلامية الجزائرية دورا بارزا في توعية الشباب بخطورة الانجراف إلى بؤر التطرف والإرهاب، كما للمجتمع المدني أيضا دور رئيسي في هذا المضمار، من خلال وسائل توعوية متطورة كانت لها عظيم الأثر في نجاح التجربة الجزائرية في حربها المجتمعية ضد الإرهاب والتطرف.

*وماذا عن دور المؤسسات التعليمية في مواجهة الأفكار المتطرفة والوقاية من الانسياق إليها؟
بالتأكيد تلعب المؤسسات التعليمية دورًا مهمًا، فهي تأتي في المرتبة الثانية بعد الأسرة، وهناك علاقات إنسانية وطيدة بين المعلم والطالب في مختلف المراحل التعليم، والدولة الجزائرية تقوم بتدريب المعلمين واختيارهم بعناية بالغة، إذ ربما يكون بعضهم من متبني الأفكار المتطرفة وتنعكس على الطالب بطبيعة الحال وتشكل أفكاره، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان يسعى حاليًا إلى تواجده بشكل كبير داخل المؤسسات التعليمية سواء المدارس أو الجامعات للقيام بدور مكمل إلى جانب مؤسسات الدولة لتكون ثقافة حقوق الإنسان حاضرة في كل شئ.

*هل هناك مادة دراسية في الجزائر تحت مسمى حقوق الإنسان؟
للأسف لا، ولكنها خطوة في طور الدراسة مع مؤسسات الدولة، وربما يكون موافقة البرلمان الألماني في ٣٠ يونيو الماضي، على قانون يجرم كل ما يدعو للعنف والتطرف والتمييز عبر السوشيال ميديا بغرامة مالية تصل إلى ٥٠ مليون يورو، محفزًا لأن تسلك الدول العربية هذا المسلك في ظل الظروف المتوترة التي تشهدها المنطقة، ولاسيما أن السوشيال ميديا تعد ساحة واسعة لاستقطاب الشباب للانضمام للجماعات المتطرفة بكل سهولة وهو الأمر الذي يصعب على الحكومات احتوائه أو السيطرة عليه، وربما يعجل أيضا، بقرار ضم مادة حقوق الإنسان إلى المناهج الدراسية في المدارس والجامعات العربية.

*هل المجتمع المدني العربي قادر من خلال آلياته المساعدة في الحرب على الإرهاب؟
بكل تأكيد للمجتمع المدني دور هام ولاسيما أنه يمثل القوة الناعمة للدول العربية، ونحن من خلال عدد من المؤتمرات العربية والدولية وما يسفر عنها من مقترحات وتوصيات نعمل على متابعة تنفيذها من خلال لجان مشتركة على مستوى المجالس الوطنية العربية لحقوق الإنسان.

*كيف يتم تحقيق التوازن بين حقوق الإنسان والأمن لحظات الخطر؟
حقوق الإنسان لابد أن تطبق تحت أي ظرف وفي أي لحظة،ولكن بالتوازي مع تحقيق القانون الذي يراعي أيضا الاتفاقيات والمواثيق الدولية في التعامل مع المخطئين.
Advertisements
الجريدة الرسمية