رئيس التحرير
عصام كامل

نورهان غنيم تكتب: تجديد الخطاب الفكري بداية طريق

نورهان غنيم
نورهان غنيم

أصبحت قضية تجديد الخطاب الفكرى ضرورة مجتمعية تفرضها أهمية تحقيق الإصلاح على مختلف الأصعدة السياسية والثقافية والاجتماعية والدينية بما يواكب العصر ولا يتنكر للثوابت.

فحياتنا مليئة بالأخطاء والسلوكيات التي تؤذى مشاعرنا وتجرحنا أكثر من تلك التي ترضينا وتعجبنا، لا يكاد يوجد مجال واحد للحياة في مصر إلا وفيه عيوب. 

ولن يكون تصحيح هذه العيوب سهلا لو انطلق بدون تصور فكرى سليم. فالمشكلة المرعبة في مصر ليست سياسية ولا أمنية ولا اقتصادية وإنما فكرية، إنها في الطريقة التي نفكر بها. في الخطاب الفكرى السائد، في طريقة بناء عقول المصريينن فالتفكير ليس رفاهية وإنما ضرورة لأن الخطاب الفكرى الذي يصل إلى الناس هو الذي يحدد تصرفاتهم وسلوكياتهم. لهذا فأى إصلاح إدارى أو اقتصادى أو سياسي يعلن عنه بدون إصلاح جوهرى في الخطاب الفكرى السائد لن يكون له أثر عميقً. مصر تحتاج إلى تفكير جديد وإلى خطاب فكرى مختلف شكلًا ومضمونًا.

وهناك شروط عند تجديد الخطاب الفكري للإنسان، يأتي على رأسها البُعد عن التنابذ والتعصب، وإعمال العقل والعلم، وعدم إثارة الفتن والبلبلة، وأن يستمع الجميع لبعضهم البعض، الرئيس والمرؤوس، والغني والفقير، وصغار المسؤولين وكبارهم، والتدقيق في الأفكار ذاتها.

كما يجب أن تنطلق أفكار التجديد الفكري في جو من الصفاء، والأمان، وتجنب الخلافات، والحرص على المصلحة العامة، وألا يكون من هذه الأفكار أهداف خاصة، بل تسير جميعها في ركب خدمة الوطن والمجتمع.

كما يجب عند التعبير عن الأفكار، وعند التجديد الفكري، التعبير في لغة قويمة، وتعبيرات تبتعد عن الإسفاف اللفظي، أو التملق لمسئولين أو رؤساء، أو الخروج عن آداب اللياقة العامة والتقاليد المجتمعية المتبعة.

وعند تجديد الخطاب الفكري، يجب أن يتم ذلك وفق منظومة متعاونة من المفكّرين، حتى تخرج الأفكار المتجددة بأقل قدر من الأخطاء، حتى يسهل انتقاء ما يشوبها من شوائب، وتخرج في أقرب صورة للصورة المكتملة لأن حياة الإنسان لا تحتاج إلى كبوات، ولكن إلى السير في طريق صحيح مستقيم وبخطى سريعة، لأن العالم لن يقف لينتظرنا، بل علينا أن نسرع لنعوّض ما فاتنا، ونوازي العالم في مسيرته وتقدّمه، وعندنا من الإمكانات الفكرية ما يتيح لنا ذلك. إن الغرب لديه كل يوم مفاهيم جديدة، لأن لديه أفكارًا جديدة، ويعملون وهم يفكّرون دائمًا في التطوير، لا ينفذون ما يُملى عليهم دون إعمال العقل والتفكير.

علينا أن نبتعد عن مبدأ «ليبدأ غيري»، ولكن على كل إنسان يستطيع أن يجدّد ويطوّر أن يأخذ زمام المبادرة في إطار ما تكلمت عنه من قواعد فكرية لأزمة تساهم في رسم وتطوير الخطاب الفكري لحياتنا.

في النهاية أقول إن المطالبين بتجديد الخطاب الدينى يتانسون أنه أحد منتجات العقل والفكر ومن ثم لا يمكن تجديده أو إصلاحه أو تطويره دون تجديد في بنية العقل والفكر.

تجديد الخطاب الفكرى هو الخطوة الأولى والطريق نحو تجديد الخطاب الدينى.
Advertisements
الجريدة الرسمية