رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

حسن نصر الله في بورصة «الشعبية المصرية».. حرب 2006 تمنحه لقب «أفضل شخصية عربية وإسلامية».. موقفه من يناير دفع مؤشراته للتراجع.. وزعيم حزب الله يفضل «الحياد» مع نظام «

حسن نصر الله
حسن نصر الله

"الذي نفذناه اليوم هو أولا حقنا الطبيعي ولن أدخل الآن في نقاش لا فلسفي ولا قانوني ولا سياسي حول هذا الموضوع. وثانيا هو الطريقة الوحيدة المتاحة، أولا لإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية وثانيا لتسليط الأضواء عالميا ودوليا عند أعلى مؤسسات المجتمع الدولي وفي كل وسائل الإعلام العالمي على معاناة آلاف المعتقلين اللبنانيين والفلسطينيين والعرب ـ وإن كانت حصتنا نحن اللبنانيين قليلة في الكم ولكن ليس في المعاناة ـ لكي يرى العالم مأساة عشرة آلاف معتقل وعشرة آلاف عائلة والإذلال الدائم. ما جرى اليوم وكما الذي جرى في قطاع غزة يسلط الضوء ويضع العالم كله أمام مسئوليته تجاه هذه المعاناة". (1)


ما سبق لا يتعدى كونه فقرة واحدة من خطاب مطول ألقاه، الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر، في الثانى عشر من يوليو من العام 2006، بعد ساعات قليلة من بدء حرب تموز – وفقا للتسمية الشائعة عنها في لبنان، أو حرب لبنان الثانية -حسب التسمية الإسرائيلية- والتي بدأت في 12 يوليو 2006 بين قوات من حزب الله اللبناني وقوات جيش الدفاع الإسرائيلي، واستمرت 34 يوما في مناطق مختلفة من لبنان، وتحديدا في المناطق الجنوبية والشرقية والعاصمة بيروت، وفي شمالي إسرائيل، في مناطق الجليل، الكرمل ومرج ابن عامر.

الخطوة الكبيرة التي اتخذها حزب الله، ومن قبله أمينه العام، ساهمت بقدر كبير في ارتفاع أسهم شعبية "نصر الله" في غالبية العواصم والبلدان العربية، غير أن الوضع في القاهرة كان أكثر ازدهارا، فسرعان ما وجدت سيرة ومسيرة "نصر الله" طريقها إلى وسائل الإعلام المصرية، التي صنعت صورة ناصعة البياض للأمين العام الذي أذل الكيان الصهيونى، وهو أمر ترتب عليه تزايد حالة الشغف الشعبي لمتابعة كل ما يكتب أو يقال عن الرجل.

مؤشرات "نصر الله" في البورصة الشعبية المصرية، لم تتوقف عند حد البرامج التي لا تمل ليل نهار من تكرار بطولات الرجل، وبقية عناصر "حزب الله"، فسرعان ما أصبح "نصر الله" نجم شارع، صوره بدأت تجد طريقها لجدران المنازل المصرية، التي كانت حتى سنوات قليلة لا تحتمل إلا صور "الآيات القرآنية" التي تتحدث عن الستر والرحمة والمغفرة، وبجوارها صور الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.

ومن الجدران المصرية، بدأت تنتشر صور الزعيم الشيعي على زجاج السيارات في شوارع المحروسة، وهو ما دفع إحدى منظمات المجمتمع المدنى، مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية تحديدا، لإجراء استطلاع رأى حول (الأحداث الجارية في لبنان وأهم عشرين شخصية مصرية وعربية). (2)

"ابن خلدون" الذي نفذ استطلاعه خلال الفترة من 3/8/2006 إلى 20/8/2006 على عينة من المبحوثين تم اختيارهم وفقا للأسس والمعايير الإحصائية، ونفذ المركز هذا الاستطلاع داخل خمس عشرة محافظة من محافظات الجمهورية على عينة من المبحوثين حجمها (1700) فرد يمثلون فئات مختلفة من الشعب والتي تبدأ أعمارهم من 18 سنة فأكثر.

ووفقا للنتائج التي أعلنها "ابن خلدون" فقد سجل الزعيم الشيعي اللبناني، حسن نصرالله المركز الأول بنسبة 82% بين عشرين شخصية عامة مصرية وعربية وإسلامية، وجاء في المركز الثاني الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد بـ 71%، يليه القيادي الفلسطيني من حماس خالد مشعل (60%)، وجاء أسامة بن لادن في المركز الرابع بنسبة 60%، ثم مرشد الإخوان المسلمين - حينها- مهدي عاكف بنسبة 45% في المركز الخامس، ثم أمين عام الجامعة العربية – وقتها- عمرو موسى في المركز السادس (35%)، ثم القيادي الفلسطيني من فتح مروان البرغوثي بـ 31% في المركز السابع، والداعية الإسلامي عمرو خالد في المركز الثامن بنسبة 30%، في الوقت الذي احتل فيه الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك – رئيس الجمهورية وقتها، المرتبة الثانية عشرة والذي حاز على 22% من رأي العينة التي تم إجراء الاستطلاع عليها.

إذن.. احتل "نصر الله" المرتبة الأولى في استطلاع رأي داخل مصر، في الوقت الذي احتل فيه رئيس البلاد المركز الثانى عشر، وهو أمر أكد أن الهوي المصري – وقتها، كان يسير في اتجاه البحث عن بطل، ولا شيء آخر، فهو الرجل الذي استطاع إلحاق الهزيمة بـ"العدو التقليدي" للقاهرة والعرب بشكل عام، كما أنه الرجل الذي تمكن من إيجاد مكان جيد للعرب على خريطة الأخبار العالمية بتحركاته وتصريحاته النارية التي ألهبت صدور الملايين في الشوارع العربية، والتي نذكر منها قوله "أردتموها حربا مفتوحة ونحن ذاهبون إلى الحرب المفتوحة ومستعدون لها وستكون حربا على كل صعيد إلى حيفا وصدقوني إلى ما بعد حيفا وإلى ما بعد ما بعد حيفا"، ومنها أيضا قوله "نحن مغامرون... لكننا مغامرون من العام 1982 ولم نجلب لبلدنا سوى النصر والتحرير... هذه هي مغامرتنا".(3)

مرت السنوات بعد انتهاء حرب 2006، هادئة، وشعبية "نصر الله" في الداخل المصري لا تزال في المنطقة الآمنة، من الممكن أن الأحداث الداخلية في القاهرة ساهمت بشكل ضئيل في خفوت نجمه لكنه لم يأفل، حتى جاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011ـ والتي يمكن القول إنها "مفصل" مهم في تاريخ العلاقة التي تربط الشارع المصري بزعيم "حزب الله"، فحالة الانقسام التي أصبح عليها الشارع المصري بعد اندلاع الثورة، ما بين مؤيد ومبارك لها، ورافض بشكل قاطع رحيل نظام "مبارك"، طالت صورة "نصر الله" الذي زاد الأمور اشتعالا عندما خرج ليكشف عن موقفه من الثورة المصرية بقوله: ثورة مصر تختلف عن جميع الثورات السابقة لأن هذه الثورة شارك فيها كافة فئات الشعب، إلا أن العنصر الأهم والأقوى هو الشباب، وإن الثورة جاءت نتيجة إرادة الشعب وتصميمه وعزيمة وصمود هؤلاء الشباب الذين يتظاهرون ويقدمون الشهادة ويبيتون في العراء".(4)

لم يقل "نصر الله" ما سبق والتزم الصمت، لكنه خرج لينضم إلى طابور المدافعين عن "يناير" حيث قال أيضا: كافة الاتهامات التي وجهت للثورة المصرية من تبعيتها للخارج أيا كان عدوا أو صديقا لمصر ستسقط، لأن الثورة كاملة المضمون والجوهر، وانتفاضة حرية وعدالة اجتماعية وهوية وديمقراطية وانتفاضة خبز وانتفاضة سياسية، وانتفاضة ضد الظلم والفساد والجوع وقمع النظام وعلاقاته الخارجية ومواقفه الدولية.


التقلبات السياسية التي شهدها الشارع المصري بعد رحيل نظام "مبارك" يمكن القول إن جزءا منها لحق بـ"نصر الله وحزبه"، فسرعان ما جرفته أمواج الثورة بعيدا عن "بؤرة الاهتمام" وتحول لما يمكن وصفه بـ"ذكرى مبهجة" تمر على الخاطر المصري في لحظة صفاء.

الحديث عن مؤشر شعبية "نصر الله" وحزبه في القاهرة، لا يمكن الخوض فيه دون إلقاء الضوء على واحد من الأطراف الأساسية في معادلة الشعبية، والذي يمكن القول إنه لعب دورا كبيرا سواء في عمليات صعود المؤشر في الداخل المصري، أو إسقاطه بـ"فعل فاعل"، والمتمثل في جماعة الإخوان المسلمين – المصنفة إرهابية- ووفقا لمقال نشرته صحيفة "السفير" اللبنانية، منتصف أكتوبر من العام 2011، لكاتبه قاسم قصير، تحدث فيه عن طبيعة العلاقة التاريخية التي تربط الجماعة وحزب الله، تحت عنوان "حزب الله والإخوان المسلمون أين يختلفان؟ وأين يلتقيان؟"، أكد فيه أن "الملف الأكثر سخونة والتي برزت فيه الخلافات بوضوح بين حزب الله وقيادات الإخوان تمثل في موقفهما من التطورات في سوريا بعد التحركات الشعبية وإعلان الحزب دعمه للنظام برئاسة بشار الأسد، في حين أن الإخوان بكافة أطرافهم وتنظيماتهم أعلنوا وقوفهم الصريح والواضح بجانب التحركات الشعبية ونددوا بأداء النظام السوري، وقد انعكس هذا الموقف على العلاقة بين الطرفين فلم تعقد أية لقاءات مباشرة، باستثناء اللقاء الدوري بين الجماعة الإسلامية وحزب الله والذي تحول إلى لقاء شكلي ولم يعد يتطرق إلى القضايا الإستراتيجية".(5)

حديث "قصير" أكدته أيضا تصريحات لـ"نصر الله" أجرته معه وكالة معا الفلسطينية حيث قال: "الحزب ليس لديه اتصالات مع جماعة الإخوان حتى عندما كانوا في الحكم، وحزب الله حاول أن يتواصل معهم، ولكن "ربما كانت لديهم حساباتهم"، هناك شخصيات من الإخوان المسلمين كانت ولا تزال موجودة خارج مصر وعلى اتصال بالحزب، ونحن لم تكن لدينا مشكلة بأن نجري اتصالًا مع الجماعة وهذا قبل حتى تدخلنا في سوريا حتى لا يقال إن هذا سببه التدخل في سوريا.هذا قبل التدخل في سوريا.(6)

صعود جماعة الإخوان المسلمين، لم يكن أمرا مهما لـ"حزب الله"، ولم يساهم بالقدر المتوقع له في إعادة المياه إلى مجاريها بين الجماعة و"نصر الله"، وعندما رحلت الجماعة لم يكن المشهد السياسي المصري مكانا لـ"نصر الله"، كما لوحظ تراجع شعبيته بعض الشيء على مستوى الشارع المصري ( السياسي والشعبي).

بالتبعية العلاقة بين نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحزب الله ظلت في "المنطقة المحايدة"، وإن كانت شهدت في بعض الأحيان تصعيدا من جانب "نصر الله"، لكنه كان تصعيدا محسوبا، ولعل تصريحاته فيما يتعلق بـ"عاصفة الحزم" التي أعلنتها المملكة العربية السعودية حيث قال – موجها حديثه للرئيس عبد الفتاح السيسي: أود أن أوجه نداء للقيادة المصرية وللجامع الأزهر الشريف وللشعب المصري، كما منعت مصر والهند التي أصبحت باكستان، هدم قبر رسول الله نطالبكم بأن تمنعوا هدم بلد من بلاد رسول الله، وألا تكونوا شركاء فيه لتزدادوا شرفا إلى شرفكم". 


المصادر:
1-خطاب حسن نصر الله بتاريخ 12 يوليو 2006
2-مركز ابن خلدون – عملية استطلاع الرأى في مصر حول أهم القضايا في العالم العربى أغسطس 2006
3-تصريحات متداولة لـ"نصر الله" في أكثر من وسيلة إعلامية
4-تصريحات متداولة لـ"نصر الله" في أكثر من وسيلة إعلامية
5-حزب الله و"الإخوان المسلمون" أين يختلفان؟ وأين يلتقيان، قاسم قصير- جريدة السفير 18-10-2011
6-وكالة معا الفلسطينية – حوار مع حسن نصر الله – يناير 2015

Advertisements
الجريدة الرسمية