رئيس التحرير
عصام كامل

أول وزيرة بحث علمي بمصر: لم يكن على أيامنا «بيزنس أو دروس خصوصية»

فيتو

  • >> آمال عثمان والملكة ناريمان وسكينة السادات أشهر خريجات مدرستى
  • >> مدرستنا كانت زى الجيش في الالتزام والانضباط والحزم
  • >> العملية التعليمية الآن كئيبة بسبب غياب الأنشطة
  • >> عدد الطلاب في الفصل الواحد على أيامنا لم يكن يتعدى 24
  • >> انعدام ضمير المدرس من أهم أسباب تخلف التعليم هذه الأيام
  • >> تطوير العملية التعليمية يتطلب تبني إستراتيجية لمدة 10 سنوات
  • >> 6% من أي شعب يولد بموهبة تنطفىء قبل التاسعة إذا لم يتم تنميتها
صنفت كواحدة ضمن 10 علماء مصريين من بين 909 علماء على مستوى العالم، حصلت على لقب أهم النساء المؤثرات في تاريخ مصر، هي أول وزيرة بحث علمي في مصر، والوحيدة في مجال البحث العلمي التي تم تكريمها من قبل ثلاثة رؤساء جمهورية في مصر، بداية من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1963، مرورًا بالرئيس السادات ثم الرئيس الأسبق حسني مبارك، والوحيدة في مصر التي تم منحها درجة دكتوراه في العلوم؛ بناءً على توصية اللجنة المشكلة من الجمعية الملكية بإنجلترا.

إنها الدكتورة فينيس كامل جودة التي حاورتها "فيتو" حول ذكرياتها مع أول يوم دراسة في إطار سلسلة الحوارات التي تجريها مع المشاهير بمناسبة إنطلاق العام الدراسى الجديد حول التعليم زمان والتعليم الآن
.

*بداية ما ذكرياتك مع أول يوم دراسة؟
لا أتذكر الكثير عن أول يوم لي في المدرسة، لكنني أتذكر أن ناظرة المدرسة كانت تشرف على الفصول، وتتابع سير العملية التعليمية بنفسها، ولا تتكاسل أبدًا عن أداء مهامها بداية من الإشراف على الطابور الصباحي والإذاعة المدرسية، إلى الإشراف على التزام الطالبات بالزي المدرسي ونظافتهن الشخصية.

*ما أول مدرسة إلتحقتى بها؟
تأسست في المرحلة الابتدائية بإحدى المدارس القبطية الخاصة بمنطقة الزيتون، ثم انتقلت في المرحلتين الإعدادية والبكالوريا إلى مدرسة الأميرة فريـال بمصر الجديدة، التي تم تغيير اسمها بعد نجاح ثورة 1952، لتصبح مدرسة مصر الجديدة الثانوية بنات.

*كيف كانت الأجواء الدراسية آنذاك؟
كانت الأجواء الدراسية مختلفة للغاية عن الآن، كنا نرتجف رعبا من ناظرة المدرسة التي كانت شديدة الحزم في تنفيذ سير العملية الدراسية على أكمل وجه، وكنا نحضر الطابور الصباحي ونشترك في الإذاعة المدرسية، ولا نتخلف أبدا عن ميعاد الطابور؛ خوفًا من لوم المعلمين لنا، وكان التزامنا شديدا كأننا في الجيش تمامًا.

*ماذا عن الأنشطة؟
رغم أنني درست في مدرسة حكومية لكنها كانت مميزة جدًا، فكنا نشترك في الأنشطة الرياضية والكشافة والموسيقى، والمدرسة كانت لها جوانب اجتماعية كثيرة تحببنا فيها، أما الآن فإن اقتصار المدرسة على التعليم فقط دون طرح أنشطة يجعل العملية التعليمية كئيبة جدًا، وينفر الطلبة منها.

*كم عدد طلاب الفصل آنذاك.. وهل كان هناك تكدس؟
عدد الطلاب في الفصل الواحد لم يكن يتعدى 24 طالبًا، فكان من السهل على المعلم أن يحفظ أسماءنا ويميز غياب أحدنا، وكانت المدرسة تتواصل مع أهل الطالب المتغيب للاطمئنان عليه، وشرح الدرس الذي لم يحضره، إضافة إلى تشجيع المعلمين لنا للتفوق، وكان الاحترام متبادلا بيننا؛ تقديرًا للمجهود الذي تبذله المدرسة معنا.

*إذن كنت تعتمدين على شرح مدرسى المدرسة وليس مثل الآن حيث يعتمد جميع الطلاب على الدروس الخصوصية؟
ما لا شك فيه أني تلقيت دراسة جيدة تحبذ على العلم من طريقة شرح المعلمين لنا في المرحلة الثانوية، وعشقت مواد العلوم الطبيعية وتميزت بها، وحرص المعلمون على إجراء التجارب العملية؛ للوقوف على أسباب التغيرات الكيميائية، وكان أسلوب الشرح يعتمد على فهم المعلومة وليس حفظها فقط، وهذا ما دفعني إلى الالتحاق بكلية العلوم بجامعة عين شمس.

*كيف ترين ظاهرة "بيزنس التعليم" هذه الأيام؟
لم يكن على أيامنا ما يسمى الآن بـ«بيزنس التعليم أو الدروس الخصوصية»، ورغم أنني درست في مدرسة حكومية إلا أنني كنت أخرج من الحصة فاهمة الدرس كاملا، ولا أحتاج أي مساعدة أو شرح من أحد، على عكس ما يحدث الآن، ويتسابق كل ولي أمر على الحجز لأبنائه في مراكز الدروس الخصوصية؛ لمساعدته على فهم المنهج.

*ماذا عن نشاط الكشافة؟
اشتركت في فريق الكشافة، وكان لنا نشاط أسبوعي ويوم رياضي، وكانت المدرسة وسيلة جيدة لاكتساب العديد من الخبرات التي لن أنساها، كما أنني اشتركت في نشاط التمثيل خلال فترة دراستي الإعدادية، لكنني تفرغت للأنشطة الرياضية فقط خلال فترة الثانوية فمارست رياضة البينج بونج والتنس.

*هل كان للمعلمين دور في تنشئتك؟
كان للمعلمين دور مهم في تنشئتى، فالمعلمون بمدرستي الثانوية هم من حببوني في مواد العلوم الطبيعية من خلال طرق الشرح البسيطة والتجارب المعملية، ما دفعني إلى الالتحاق بكلية العلوم، وكانت المدرسة بها الاكتفاء الكامل من التعليم الجيد، وكذلك التشجيع، وكانت علاقتي بهم قائمة على الاحترام المتبادل.

*من أشهر خريجى مدرستك؟
تخرج في مدرستي الدكتورة آمال عثمان، وزيرة التضامن الاجتماعي السابقة، والملكة ناريمان، وشقيقة السادات الصغرى سكينة السادات.

*كيف ترين حال التعليم في مصر الآن؟
ما يحدث الآن في التعليم «أمية مقنعة»، فكيف يصل طالب إلى المرحلة الجامعية، وهو لا يعرف القراءة والكتابة، وإهمال تطوير المناهج، إضافة إلى التكدس في الفصول وانعدام ضمير المدرس في الشرح داخل الفصل؛ لكي يجبر الطالب على أخذ دروس خصوصية، يعتبر من أهم أسباب تخلف التعليم هذه الأيام، وكل اهتمام المدرس الآن هو كيفية تحسين دخله الشهري فقط.

*إذا.. ما السبيل لتطويره؟
تطوير العملية التعليمية في مصر يتطلب تبني إستراتيجية لمدة 10 سنوات، يتم تطوير 10% كل عام، وتشجيع رجال الأعمال على المشاركة في الإستراتيجية من خلال بناء مدارس جديدة؛ للتقليل من كثافة الفصول، وتدريب المدرسين على طرق التواصل مع الطلبة وزيادة حوافز المدرسين ورفع مرتباتهم؛ لكي يتوقفوا عن إعطاء الدروس الخصوصية، إضافة إلى تكريم المدرس والطالب المتميز وسط زملائه؛ لتشجيعهم على بذل جهد أفضل، وعودة الأنشطة المدرسية كالكشافة والرسم والطبخ والأنشطة الرياضية مرة أخرى؛ لزيادة ارتباط الطلبة بمدرستهم، ونشر برامج توعية لأولياء الأمور والطلبة؛ لمساعدتهم على تفهم قيمة المدرسة، والعزوف عن الاشتراك في الدروس الخصوصية، كما يجب على المدرسة أن تنمي موهبة الطالب منذ البداية، خصوصا في المرحلة التأسيسية، فـ6% من أي شعب في العالم يولد بموهبة خاصة به، وإذا لم يتم تنميتها قبل سن التاسعة تنطفئ وتموت.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لملحق "فيتو"
الجريدة الرسمية