رئيس التحرير
عصام كامل

هبة السويدي.. الحزن يدمي قلب أم الثوار «بروفايل»

فيتو

«أنا من أتوجه بالشكر والتحية إلى كل مصاب وإلى كل شهيد وأسرة شهيد، فأنا لم أكن سوى أداة استخدمها الله لخدمتهم فهم لهم الفضل عليّ، لأن الله أرسلهم لي فهم دليل على رضا الرحمن عليّ»، هذا ما كتبته سيدة الأعمال هبة السويدي، التي أنفقت كثيرا من مالها لعلاج مصابي ثورة 25 يناير 2011، لتنال لقب «أم الثوار».


هبة السويدي طبيبة بشرية وسيدة أعمال مصرية، متزوجة من أحمد عبد الكريم السويدي، ولها أربعة أبناء هم "محمود وإسماعيل وخديجة ويحيي"، ولدت عام 1973، لأم سعودية وأب مصري هو هلال السويدي، وتربت في السعودية، قبل أن تنتقل للعيش في مصر بعد أن تزوجت بابن عمها، وهو ما شكل نقلة نوعية في حياتها.

تمارس هبة السويدي العمل الخيري منذ 13 سنة، ليس عبر مؤسسة خيرية كما تفعل عائلتها والكثيرون، ولكن بمبادرات شخصية، ومنها مبادرة أهل مصر.

تؤكد هبة السويدي أن الفضل في ممارستها العمل الخيري يعود إلى والديها اللذين علماها الكرم والجود، وفي هذا السياق تقول «نشأت في بيت فيه أم معطاءة وأب معروف عنه عمل الخير في كل مكان من خلال مؤسسته الخيرية هلال السويدي».

عملت هبة السويدي كسيدة أعمال لفترة طويلة، وبعدما أصبحت أما قررت في وقت من الأوقات أن تتفرغ لتربية أطفالها.

كانت هبة تزور ملاجئ الأيتام وتدرس ما يحتاج إليه أي ملجأ، لتلبي تلك الطلبات، وتساعد دائمًا في تغطية مصاريف علاج المرضى المحتاجين، وفي هذا السياق تقول: «أجري دراسة للحالة المحتاجة، ثم أبدأ بعدها في أخذ الخطوات اللازمة، هم كثيرون جدًا في مصر».

لعبت هبة السويدي دورًا بارزًا وإيجابيًا في دعم الثورة المصرية، منذ قيامها في 25 يناير 2011، فكان قرارها بالوقوف بجانب المصابين باستكمال علاجهم، خاصة أنها طبيبة بشرية.

وكتبت هبة السويدي عن مساعدة مصابي الثورة «عندما قررت أن أقوم بمساعدة مصابي الثورة كان هدفي الرئيسي، قبل علاجهم من إصاباتهم، تكريمهم معنويًا، فكان لابد أن يشعروا بأنهم على رأسنا من فوق وبأننا ممتنون لهم، ولتضحيتهم، فأنت كمصاب إنسان مصري حر لك كرامة، وكان هدفي أن كل مصاب يشعر بأننا نحبه وأننا عائلة واحدة، وأنني حتى وإن اتصلوا بي في عز الليل سأجيب عليهم خصوصًا في السنة الأولى من بعد الثورة، حيث توالت الأحداث، ومن هنا نشأت بيننا علاقة ود ومحبة وعلاقة إنسانية ستستمر لباقي العمر سواء مع المصابين أو أهالي الشهداء».

لقبها الثوار والنشطاء بـ"ملاك الرحمة" و"أم الثوار" و" ماما هبة" و"الأم تريز المصرية"، ورفضت لقب "سيدة الثورة"، مرجعة الفضل لأهله.

عالجت هبة السويدى أكثر من ألف و600 مصاب، ممن تعرضوا للإصابة في ثورة 25 يناير 2011، حتى كاد كثيرون منهم أن يفقدوا حياتهم أو أعضاء من أجسادهم لولا جهود تلك السيدة، لكن هبة السويدي ترفض أن يقال عنها ذلك وتقول «أنا لم أدعي أنني قمت بتحمل كافة علاج المصابين على نفقتي الشخصية، قد أكون تحملت الجزء الأكبر، ولكن هناك كثير من الأصدقاء والأهل وناس ممن وضعوا ثقتهم بي، قاموا بالتبرع للعلاج، امتنانا منهم لما فعله هؤلاء الأبطال، فأنا أتوجه بالشكر إلى كل من ساهم في علاج المصابين سواء بمال أو زيارة أو ابتسامة».

وتقوم فكرة مساعدة هبة للمصابين على المساعدات المادية، عن طريق التبرع بتكاليف العمليات والأدوية، أو عرضهم على أطباء من أصدقائها، دون أخذ مقابل لعمل تلك العمليات للمصابين، حيث يتم التعاون مع العديد من الأطباء سواء داخل القصر العيني أو خارجه لتسهيل علاج الحالات كما تم عمل اتفاق مع القصر العيني الفرنساوي لعمل خصم 50% من ثمن علاج الحالات.

في 23 مارس 2013 ألقى الإخوان القبض على ابنها الأكبر محمود عبد الكريم، في أحداث المقطم، واحتشد المئات من أهالي شهداء ومصابي ثورة 25 يناير، لمؤازرة هبة السويدي أمام نيابة باب الخلق.

وعلقت السويدي على إلقاء القبض على ابنها قائلة: «محمود ابني مش بلطجي، محمود عرض حياته للخطر من أول الثورة وفي محمد محمود وغيرها من الأحداث علشان يساعد ينقذ أرواح المصريين، محمود بقاله سنتين ونص بيساعد المصابين وحالات إنسانية كتير، يارب يفك أسرك يا ابني ويردك لينا مردا جميلًا، إزاي تقبضوا عليه، حسبي الله ونعم الوكيل».

كتبت عنها الناشطة السياسية نوارة نجم قائلة «هبة السويدي سيدة أعمال مصرية لعبت دورًا إيجابيًا في دعم الثورة المصرية منذ اندلاعها قبل عام. وكشف الثوار والناشطون أخيرًا عن شخصية السيدة التي سموها «سيدة الثورة»، التي عالجت أكثر من ألف و600 مصاب ممن تعرضوا لبطش نظام مبارك، وكاد كثيرون منهم أن يفقدوا حياتهم أو أعضاء من أجسادهم لولا جهود تلك السيدة».

وقالت نوارة «تحية لهذه السيدة الرائعة صاحبة القلب المفعم بالخير وحب الناس. يقدر يقولنا الأخ الشاطر عالج أو حتى سمع عن معاناة مصابي الثورة ؟ عملهم إيه ربنا حارسه وصاينه هو وأبو إسماعيل اللي صرف بسفه على شوية ورق وصور ليه دعاية؟ عملوا إيه لشاب عمره 23 سنة وأخذ رصاصة في عموده الفقري وهيعيش مشلول باقي حياته على كرسي؟ وشاب فقد عينيه وبيعول أسرة وشاب استشهد وترك أرملة وأطفال أيتام؟ يقولوا لينا عملوا إيه لكل المصابين وملفاتهم؟ دي عينة بسيطة لكن هامة من مشاكل طائفة من الشعب واجب تكريمها».

لم تهتم هبة السويدي بعلاج مصابي ثورة يناير فقط، تحملت هبة أيضًا علاج 25 حالة من ليبيا، حيث قالت هبة عنهم «تينا بهم إلى هنا بالإسعاف من ليبيا، وظلو معنا 6 أشهر. وأشرفنا على علاج 15 حالة أخرى لكنها عولجت على حساب سفارة ليبيا. وأنا سعيدة بعلاقتي بهم لأنهم لا يزالون يتواصلون بي عبر فيس بوك والهاتف».

وعُرض على هبة السويدى عديد من المناصب الحكومية، لكنها رفضت كل هذه المناصب، لكي تكون قريبة أكثر من المصابين وتعمل في صمت دون الظهور في الوسائل الإعلامية.

وقد رفضت هبة السويدي أي دعاية إعلامية، وأصبحت محبوبة جدًا من طرف المصريين وغيرهم لدورها المتميز في ثورة 25 يناير المصرية.

وكانت تردد «أوصل الحب للناس، هذا هو السر الذي جعل علاقتي بالمصابين وبعائلات الشهداء طيبة جدا. نشأت ما بيننا علاقة مودة وعلاقة أسرية، إن العلاج المعنوي والتكريم المعنوي وجعلي المصاب يشعر أنني أقدر ما فعله لأجلنا نحن، بأن عرض حياته للخطر لنعيش».

كانت لهبة السويدي مبادرتها الخيرية الخاصة وهي "أهل مصر" مبادرة مصرية ترفع شعار «اختلافنا لن يكون سببًا لخلافنا» وتعمل بها هبة السويدي مع فريق عمل يتضمن رجال أعمال يريد توحيد الهدف في بناء مصر، مهما كانت الخلفية السياسية أو العقائدية.

من أهم ملفات مبادرة "أهل مصر" ملفات المصابين وأهالي الشهداء، وتقول في هذا السياق «لا يقتصر الموضوع على العلاج فقط، ولكن نريد أن نساعد المصابين على إتمام تعليمهم وعلى تشغيلهم، هناك عدد كبير ممن فقد البصر من شباب الثورة الصغار، ولهم ننجز مشاريع تجعلهم منتجين وتجعل دورهم متواصلا في المجتمع».

وأدمي حزن هبة السويدي على نجلها إسماعيل قلوب المصريين، حيث تفاجأ المصريون بنبأ وفاة إسماعيل أحمد عبد الكريم، 17 عامًا، هو الابن الثاني لها، حيث دخلت هبة لغرفة نجلها لتوقظه، لكن الفاجعة كانت باكتشافها وفاة ابنها، الذي كان يستعد لعامه الجامعي الأول.
الجريدة الرسمية