رئيس التحرير
عصام كامل

محنة‭ ‬الدواء.. «‬مفيش‭ ‬علاج‮»‬.. 80 ‬ألف‭ ‬صيدلية‭ ‬مهددة‭ ‬بالإفلاس‭ ‬والغلق.. الدكتور‭ ‬عصام‭ ‬عبد‭ ‬الحميد:‭ ‬العجز‭ ‬يتراوح‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬إلى‭ ‬40‭ % ‬فى‭ ‬الأدوية‭ ‬المتاحة‭ ‬بالسوق

80 ‬ألف‭ ‬صيدلية‭
80 ‬ألف‭ ‬صيدلية‭ ‬مهددة‭ ‬بالإفلاس‭ ‬والغلق،فيتو

أزمة‭ ‬مزمنة‭ ‬يعيشها‭ ‬قطاع‭ ‬الدواء‭ ‬المصري،‭ ‬فهذا‭ ‬القطاع‭ ‬الضخم‭ ‬الحيوى‭ ‬أصبح‭ ‬يصارع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء‭. ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬الأزمة‭ ‬تصيب‭ ‬المواطن‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬بسبب‭ ‬استمرار‭ ‬نقص‭ ‬الأدوية‭ ‬بدرجة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬عشرات‭ ‬الأصناف،‭ ‬لكن‭ ‬القطاع‭ ‬نفسه‭ ‬يعيش‭ ‬محنة‭ ‬كبرى‭.‬‮ ‬
وأساس‭ ‬الأزمة‭ ‬ضَعف‭ ‬قدرة‭ ‬الصيدليات‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬أغلب‭ ‬أصناف‭ ‬الدواء‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬معاناة،‭ ‬حيث‭ ‬زادت‭ ‬التكلفة‭ ‬أضعاف‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬فى‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬وانعكس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬نقص‭ ‬الإمدادات‭ ‬بسبب‭ ‬مشكلة‭ ‬التسعير‭ ‬المختلف‭ ‬عليها‭ ‬بين‭ ‬أغلب‭ ‬الجهات‭ ‬المسئولة‭ ‬عن‭ ‬الملف‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬إصرار‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬أسعار‭ ‬الأدوية‭ ‬بشكل‭ ‬صارم‭ ‬لضمان‭ ‬حصول‭ ‬أقل‭ ‬المواطنين‭ ‬دخلا‭ ‬على‭ ‬العلاج‭ ‬الذى‭ ‬يحتاجون‭ ‬إليه،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬متضرر‭ ‬آخر‭ ‬هو‭ ‬الصيدلي‭.‬‮ ‬


وحسب‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الصيادلة‭ ‬ومسئولى‭ ‬النقابة،‭ ‬النقص‭ ‬يزداد‭ ‬وأصبح‭ ‬فى‭ ‬مستوى‭ ‬حرج،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬المرضى‭ ‬الذين‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬الدواء‭ ‬هجروا‭ ‬الصيدليات‭ ‬ولجأوا‭ ‬إلى‭ ‬قنوات‭ ‬غير‭ ‬رسمية،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬ينذر‭ ‬بمخاطر‭ ‬كارثية،‭ ‬فالسوق‭ ‬السوداء‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬لا‭ ‬رقابة‭ ‬عليها،‭ ‬وتوزع‭ ‬أدوية‭ ‬منتهية‭ ‬الصلاحية‭ ‬تحت‭ ‬الضغط‭ ‬الشديد‭ ‬للحصول‭ ‬عليها‭.‬‮ ‬


ما‭ ‬العمل،‭ ‬ولماذا‭ ‬تشتعل‭ ‬الأزمة‭ ‬رغم‭ ‬توافر‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة،‭ ‬وما‭ ‬سر‭ ‬تضارب‭ ‬الآراء‭ ‬والتوجهات،‭ ‬وما‭ ‬هى‭ ‬سيناريوهات‭ ‬الحل‭.. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يطرحه‭ ‬ملف ‬‮‬"فيتو".‬


صرخة‭ ‬أخيرة‭ ‬يوجهها‭ ‬صيادلة‭ ‬مصر‭ ‬لصانع‭ ‬القرار‭ ‬المسئول‭ ‬عن‭ ‬سوق‭ ‬الأدوية‭ ‬فى‭ ‬مصر،‭ ‬إصلاح‭ ‬الأوضاع‭ ‬أو‭ ‬الغلق‭ ‬والإفلاس،‭ ‬ذلك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تفاقمت‭ ‬أزمة‭ ‬توفير‭ ‬الأدوية‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الحالية‭ ‬بشكل‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه،‭ ‬وزادت‭ ‬سوءًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمستورد‭ ‬والمحلى‭ ‬على‭ ‬التوازى،‭ ‬إذ‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬المريض‭ ‬يستغنى‭ ‬عن‭ ‬المستورد‭ ‬ويحصل‭ ‬على‭ ‬البديل‭ ‬أو‭ ‬المثيل‭ ‬المحلى،‭ ‬أصبح‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬البديل‭ ‬أيضًا‭.‬


وتعانى‭ ‬الصيدليات‭ ‬وتجد‭ ‬صعوبة‭ ‬فى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الأدوية‭ ‬وتوفيرها‭ ‬للمرضى‭ ‬حتى‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تصمد‭ ‬وتستكمل‭ ‬عملها‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تتوقف‭ ‬أو‭ ‬تغلق‭.‬


وأصبح‭ ‬الصيدلى‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬أدويته‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬توزيع‭ ‬واحدة‭ ‬يبحث‭ ‬بنفسه‭ ‬عن‭ ‬الأدوية‭ ‬فى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مصدر‭ ‬سواء‭ ‬شركات‭ ‬التوزيع‭ ‬أو‭ ‬المخازن‭ ‬أو‭ ‬شركات‭ ‬الإنتاج‭ ‬ولا‭ ‬يجد‭ ‬كل‭ ‬الأصناف‭ ‬التى‭ ‬يحتاج‭ ‬إليها‭ ‬وأصبحت‭ ‬الصيدليات‭ ‬ترفع‭ ‬شعار‭ ‬“‭ ‬مفيش‭ ‬“‭ ‬للمرضى‭ ‬المترددين‭ ‬عليها‭.‬
يقول‭ ‬الصيدلى‭ ‬على‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬مدير‭ ‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الدوائية‭ ‬إنهم‭ ‬يبذلون‭ ‬قصارى‭ ‬جهدهم‭ ‬فى‭ ‬توسيع‭ ‬دائرة‭ ‬مصادر‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الدواء‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬فى‭ ‬شركة‭ ‬واحدة‭ ‬يبحثون‭ ‬فى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬توزيع،‭ ‬وكذلك‭ ‬البحث‭ ‬فى‭ ‬المخازن‭ ‬الوسيطة‭ ‬ومخازن‭ ‬الدواء‭ ‬الصغيرة،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يختلف‭ ‬من‭ ‬صيدلية‭ ‬لأخرى‭ ‬فى‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الشركات‭ ‬لأن‭ ‬صيدليات‭ ‬الأقاليم‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬المراكز‭ ‬والنجوع‭ ‬والمدن‭.‬


من‭ ‬ناحيته،‭ ‬قال‭ ‬الدكتور‭ ‬عصام‭ ‬عبد‭ ‬الحميد،‭ ‬وكيل‭ ‬نقابة‭ ‬الصيادلة‭ ‬تحت‭ ‬الحراسة‭ ‬القضائية،‭ ‬إن‭ ‬الصيدليات‭ ‬تعانى‭ ‬من‭ ‬شح‭ ‬الأدوية،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬الصيدليات‭ ‬يقارب‭ ‬80‭ ‬ألف‭ ‬صيدلية‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬المحافظات،‭ ‬وبعض‭ ‬الأصناف‭ ‬فى‭ ‬المخازن‭ ‬تتسرب‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬الإنتاج‭ ‬وتباع‭ ‬بخصم‭ ‬صفر،‭ ‬ولا‭ ‬تكسب‭ ‬فيها‭ ‬الصيدليات‭.‬


وأوضح‭ ‬لـ”‭ ‬فيتو”‭ ‬أن‭ ‬العاملين‭ ‬بالصيدليات‭ ‬وأصحابها‭ ‬ليس‭ ‬لديهم‭ ‬وظائف‭ ‬حكومية‭ ‬ولا‭ ‬يحصلون‭ ‬على‭ ‬أى‭ ‬دعم‭ ‬مادى‭ ‬ويعمل‭ ‬فى‭ ‬الصيدليات‭ ‬وشركات‭ ‬التوزيع‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬ويؤثر‭ ‬شح‭ ‬الدواء‭ ‬فى‭ ‬اقتصاديات‭ ‬هذه‭ ‬الأسر‭.‬


وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نواقص‭ ‬الأدوية‭ ‬فى‭ ‬زيادة‭ ‬مستمرة‭ ‬ولا‭ ‬يتوفر‭ ‬منها‭ ‬أى‭ ‬مستحضر‭ ‬ودائمًا‭ ‬الصيدليات‭ ‬تشكو‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬أدوية‭ ‬تبيعها‭ ‬للمريض‭.‬
وأوضح‭ ‬أن‭ ‬الصيدليات‭ ‬ليست‭ ‬السبب‭ ‬فى‭ ‬نقص‭ ‬الأدوية،‭ ‬وتبيع‭ ‬ما‭ ‬يتوفر‭ ‬لديها‭ ‬من‭ ‬أدوية‭ ‬بروشتة،‭ ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬الدواء‭ ‬لم‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمة‭ ‬وعدم‭ ‬متابعة‭ ‬سوق‭ ‬الدواء‭ ‬تسبب‭ ‬فى‭ ‬خلق‭ ‬سوق‭ ‬سوداء‭ ‬للدواء‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬هيئة‭ ‬الدواء‭ ‬المصرية‭ ‬هى‭ ‬المنوط‭ ‬بها‭ ‬ترخيص‭ ‬الدواء‭ ‬وتوفيره‭ ‬للمريض‭ ‬والرقابة‭ ‬عليه‭.‬


من‭ ‬جانبه‭ ‬قال‭ ‬الدكتور‭ ‬ثروت‭ ‬حجاج‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬نقابة‭ ‬الصيادلة‭ ‬إن‭ ‬الأصناف‭ ‬الناقصة‭ ‬للأدوية‭ ‬فى‭ ‬تزايد‭ ‬مستمر‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدواء‭ ‬يتوفر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬4‭ ‬شركات‭ ‬التوزيع‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬السوق‭ ‬بجانب‭ ‬شركات‭ ‬منتجة‭ ‬ولديها‭ ‬مكتب‭ ‬توزيع‭ ‬لإنتاجها‭ ‬ومخازن‭ ‬الأدوية‭.‬


وتابع‭: ‬الصيدلى‭ ‬يتصل‭ ‬بالشركة‭ ‬المنتجة‭ ‬يطلب‭ ‬“طلبية”‭ ‬10‭ ‬أصناف‭ ‬ولا‭ ‬يجد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬ما‭ ‬يحتاج‭ ‬إليه،‭ ‬ثم‭ ‬يتواصل‭ ‬مع‭ ‬شركات‭ ‬التوزيع‭ ‬ولا‭ ‬يجد‭ ‬أيضًا‭ ‬ما‭ ‬يحتاج‭ ‬إليه،‭ ‬ثم‭ ‬يبحث‭ ‬فى‭ ‬المخازن‭ ‬ويحاول‭ ‬توفير‭ ‬النواقص‭ ‬بشكل‭ ‬أسرع،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬مصادر‭ ‬توزيع‭ ‬الدواء‭ ‬النواقص‭ ‬واحدة‭ ‬بين‭ ‬الجميع‭ ‬وما‭ ‬توفره‭ ‬المخازن‭ ‬من‭ ‬أدوية‭ ‬تصرفها‭ ‬دون‭ ‬خصم،‭ ‬وحال‭ ‬الطلب‭ ‬بخصم‭ ‬على‭ ‬الأدوية‭ ‬من‭ ‬المخازن‭ ‬ترفض‭ ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬شركات‭ ‬الإنتاج‭ ‬توزع‭ ‬الأدوية‭ ‬بدون‭ ‬خصومات‭.‬


وأكد‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الشركات‭ ‬تتلاعب‭ ‬على‭ ‬أصحاب‭ ‬الصيدليات‭ ‬سواء‭ ‬شركات‭ ‬الإنتاج‭ ‬أو‭ ‬التوزيع‭ ‬فى‭ ‬توفير‭ ‬الدواء،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المرضى‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬أدوية‭ ‬مطهرات‭ ‬معوية‭ ‬منذ‭ ‬بعد‭ ‬العيد‭ ‬وحتى‭ ‬الآن‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬متوفرة‭ ‬فى‭ ‬الصيدليات‭ ‬بكل‭ ‬أنواعها‭.‬


واختتم‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬الصيدليات‭ ‬تعيش‭ ‬أوضاعا‭ ‬صعبة،‭ ‬وتتحمل‭ ‬غضب‭ ‬المرضى‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬أصناف‭ ‬العلاج،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬معظم‭ ‬ألبان‭ ‬الأطفال‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬أسعارها‭ ‬تتخطى‭ ‬الـ300‭ ‬جنيها‭ ‬مطالبا‭ ‬بضرورة‭ ‬التحرك‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابى‭ ‬ومراعاة‭ ‬المريض‭ ‬لأنه‭ ‬لن‭ ‬يتحمل‭ ‬المرض‭ ‬ونقص‭ ‬الدواء‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬واحد‭.‬

الجريدة الرسمية