رئيس التحرير
عصام كامل

آداب الطريق إلى الله  (3)

التسليم، أحد أهم أسباب الوصول إلى رضا الله، جل وعلا شأنه، فالمسلم يجب عليه أن يعتقد أن الله تعالى يخلق ما يشاء ويفعل ما يريد، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، لا يظلم أحدًا من خلقه مثقال ذرة، قال تعالى: “لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ”. وقال جل وعلا: “إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ”.

 

ويشرح الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، قائلا: إن الرضا والتسليم لله له أسباب، والعبد يرضى بإرادة الله لأنه مسلم، ولأنه سلم أمره لمولاه وخالقه، فيفعل الله به ما يريد، ولأن الله عز وجل محب للعبد فلن يختار له إلا الخير، والعبد ملك لمولاه، والمالك يتصرف فيما يملك.

ويغفل البعض، جهلا أو عمدا، بفعل مشاغل الدنيا، وتشويش المتشددين والمتطرفين، عن محبة النبي، صلى الله عليه وسلم، وآل بيته، الطيبين الطاهرين، بل ويحاولون إبعاد غيرهم عن هذه الطاعة العظيمة والقربة الكبرى التي لا تعدلها طاعة ولا قربة.

محبة أهل بيت رسول الله

حيث يعتبر آل البيت، من صور التودد والتقرب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم، كما أن حب آل البيت نابع من حب النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم، وحب آل بيت النبي من أقرب القربات وأرجى الطاعات.

 

فمحبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من صميم عقيدة أهل السنة والجماعة، وهي من حقوقهم علينا، كما أن من حقهم علينا نصرتهم وإكرامهم والذب عنهم سواء الأحياء منهم والأموات.

 

قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إن محبة آل البيت ثابتة بالقرآن والسنة بل إن حب آل البيت والتقوى مرتبطان ومتكاملان، وهذه الحقيقة فهمها المصريون جيدًا؛ ولذا نراهم يحبون آل البيت حبًّا جمًّا، بل نحن نحبُّ مَن يحبُّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذا فنحن أمَّة المودَّة والرحمة.

 

ففي صحيح مسلم من حديث زيد بن الأرقم أن النبي ﷺ قال: "أَمَّا بَعْدُ؛ أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ؛ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ“، فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ ﷺ: ”وَأَهْلُ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي“. فذكر ﷺ أهل بيته ثلاث مرات مؤكدا بذلك عظم وصيته.

 

وروى البخاري في الصحيح أن أبا بكر الصديق قال: “ارقبوا مُحَمَّدًا ﷺ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ”. وقال كذلك رضي الله عنه: “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي”.

 

وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ، قَالَ: صَلَّى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ العَصْرَ، ثُمَّ خَرَجَ يَمْشِي، فَرَأَى الحَسَنَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، وَقَالَ: "بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ، لاَ شَبِيهٌ بِعَلِيٍّ"، وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ.

 

ومن الترجمة العملية لحب آل بيت رسول ﷺ في وقتنا المعاصر هو الدعاء لهم، وذكرهم مناقبهم وخصالهم الطيبة، وعقد الندوات والمحاضرات لبيان ذلك، وخدمة من هو من آل البيت بالمعروف، وإكرامهم بالهدايا والتودد إليهم بذلك، فإن النبي ﷺ كان يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة، فالصدقة محرمة عليه وعلى آل بيته.. كما يكون الحديث عنهم ومعهم باحترام وباختيار طيب الكلام.

 

 

قال الإمام الشافعي، وقد صدق:

يا آلَ بَيْتِ رسولِ الله حبكمُ.. فرضٌ من اللهِ في القرآن أنزلَهُ

كفاكم من عظيمِ الفَخْرِ أنكمُ.. من لم يصلِّ عليكم لا صلاةَ لَهُ.

الجريدة الرسمية