ساخرون، غراب البين يكتب: البنى آدمين مالهم سرحانين وشاردين
بعد يوم طويل من اللف والدوران والمرازية في خلق الله.. وقفت على فرع الشجرة وانكمشت بين جناحىَّ وأغمضت عينى ولأول مرة أنام وأروح في سبات عميق، ولم أصحُ إلا على صوت كلاكسات السيارات وزقزقة العصافير من حولى، حيث شروق يوم جديد، نظرت إلى أسفل الشجرة حيث المقهى لأجد عليه شوية زباين مش كتير بيصطبحوا في ساعة الاصطباحة وكل واحد فيهم باصص في اللاشيء وتايه في ملكوت ربه، وماحدش بيكلم حد..
وفي البداية صعب عليا البنى آدمين اللى واضح أنهم تعبانين وقرفانين عالصبح، وكل واحد منهم تايه في ملكوته تشعر أنهم سرحانين فى اللاشيء.. جايز في الأسعار اللى زادت زيادة عن الحد.. وجايز في التخفيضات اللى بتعلن عنها الحكومة كل يوم ولا وجود لها على أرض الواقع..
وجايز في رغيف العيش السياحى اللى أسعاره نزلت حبتين وحجمه نزل ثلاث حبات.. وجايز في مصاريف الدروس الخصوصية.. وجايز ستاتهم منكدة عليهم بسبب المصاريف والله أعلم، المهم إنى حسيت أن حال البنى آدمين أصبح يصعب عالغربان..
ولذلك كان نفسى أسيبهم فى حالهم وأتركهم لشرودهم اللذيذ، وقررت إنى لا أنعق ولا أسمعهم صوتى في صباح هذا اليوم، لكن فجأة واحد منهم رفع دماغه لفوق وشافنى وأنا بتفحص حالهم فراح واقف فجأة وأخذ يهشنى ويقول لى: غور من هنا الله يحرقك أنت كمان عالصبح.. هو احنا هنلاقيها من الستات ولا من التجار ولا من الحكومة ولا منك أنت يا غراب البين.
وهنا نفشت ريشى وأخذت أنعق بأعلى صوتى “قاق قاق” وكأننى أعاند هذا المعتوه الشارد اللى ماقدرش على مراته وجاى يتشطر علىّ أنا ياخى جاتها ستين ألف نيلة اللى عايزة تخلف بنى آدمين زيكم.. يقضون نصف يومهم فى الشرود بدلا من السعى على أرزاقهم!
