رئيس التحرير
عصام كامل

الفن وسنينه

مليحة تؤرق مضاجع اليهود والعتاولة يغازلون المشبوه!

نستمر في تناول مسلسلات رمضان بالقراءة والتحليل كعهدنا في المقالات السابقة منذ بداية الشهر الكريم، وسنتعرض في مقال اليوم لعملين من الأعمال المعروضة التي كثر الكلام حولها، وردود الأفعال تجاهها وشغلت المشاهدين والرأي العام، وذلك على الرغم من التباين الشديد بينهما من حيث الإمكانات الفنية والإنتاجية والنجوم المشاركين فيهما وكل شيء..


وخلصنا إلى حقيقة ليست بجديدة مفاداها أن الإنتاج الضخم والنجوم الكبار لا يصنعون بالضرورة عملًا جيدًا، ما لم تكن هناك فكرة جيدة ومبتكرة وراءها فريق متناغم متجانس، وأنه بأقل الإمكانات المتاحة والفنانين المجيدين يمكن تقديم عمل استثنائي.

 

مليحة.. معادلة نجاح الفن في خدمة الأوطان

كما توقعنا من قبل فإن مسلسل مليحة الذي استهل عرضه مع بداية النصف الثاني من رمضان حصد ومازال يحصد النجاحات المتتالية، منذ إطلالته الأولى ويجني ردود الأفعال الواسعة المحفزة داخليًا وعربيًا وعالميًا وصار Trend في كثير من وسائل التواصل الاجتماعي محليًا ودوليًا.

 
بل واقتحم مواقع السوشيال ميديا داخل الكيان الصهيوني الغاصب، الذي يخوض حرب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني الصامد البطل في غزة منذ ما يزيد عن 6 أشهر، وصار ال Trend رقم واحد على موقع X الشهير في إسرائيل، إلى الحد الذي أزعج المسؤولين بها، بعدما كشف هذا العمل العظيم الوجه الحقيقي الخادع لدولة الاحتلال التي تتشدق بأنها دولة حرية وعدل وأنها تتعرض دومًا للتشويه من قبل الإعلام العربي الذي لا يذكر حقيقة الفلسطنيين الذين يهددون المدنيين ويقتلونهم!و

 

هو ما يؤكد على الدور المفتقد بشدة منذ عقود للفن الحقيقي في خدمة القضايا المصيرية للأوطان والتعبير عنها بل وخوض الحروب الفنية والإعلامية من أجلها، وهنا تأتي قيمة وعظمة مسلسل مليحة من أول بداية التتر الرائع بصوت القديرة أصالة، وهو كليب من التراث والفلكلور الفلسطيني بعنوان أصحاب الأرض.. 

 

مصحوب بفن الترويدة الفلسطينية وبلغة المولا لا التي لا يفهمها سوي القليل جدًا من أهل فلسطين، وهي لغة تم اختراعها حتى لا يستطيع المستعمر البريطاني فهمها إبان الانتداب البريطاني عليها، ألحان حسين نازك وتوزيع أحمد ضياء وميكس ماستر أسامة الهندي، فكرة وإخراج عادل رضوان والذي يتم استعراض وعرض القضية الفلسطينية من بدايتها بشكل وثائقي بصوت الراوي الفنان القدير سامي مغاوري.


مليحة يتناول أسرة فلسطينية رحلت عن أرضها في غزة مع انتفاضة 2000 إلى السلوم ولكن بعد أحداث ليبيا تضطر للعودة مرة أخرى إلى غزة عن طريق مصر، فتواجه العديد من الصعوبات والمخاطر خاصةً عندما تفقد الأسرة أوراقهم الشخصية الثبوتية بعد وفاة الجد. 


كتبته بوعي وإبداع واضح رشا عزت الجزار رغم كونه أول أعمالها التليفزيونية بعد فيلم وحيد هو هاتولي راجل، وبطولة فريق من الفنانين المتألقين دياب في أولى بطولاته مع الجميلة دومًا ميرفت آمين وآمير المصري وحنان سليمان وأشرف زكي إضافةً إلى بعض نجوم فلسطين والأردن.. سيرين خاص في دور مليحة وديانا رحمة وأنور خليل ومروان عايش، تحت قيادة المخرج الكبير عمرو عرفة والمنتج الجريء بلال الطراوي وبدعم كامل من الشركة المتحدة.. فتحية لكل هؤلاء من القلب.

 

العتاولة بين المشبوه وملوك الجدعنة

على النقيض تمامًا من مليحة العمل المهم المتكامل الذي يحمل رسالة وقيمة بأقل الإمكانات، وبنجوم ليسوا من الصفوف الأولى، يأتي مسلسل العتاولة المعروض منذ بداية الشهر الكريم، تأليف هشام هلال وورشة كتابة محمود شكري، إخراج أحمد خالد موسى، بطولة نخبة من النجوم.. 

 

أحمد السقا، طارق لطفي، باسم سمرة، زينة، مي كساب، صلاح عبد الله، فريدة سيف النصر، نهى عابدين، ميمي جمال، هدى الأتربي، إنتاج إحدى كبريات الشركات في الوطن العربي والتي وفرت إمكانات كبيرة جدًا إنتاجيًا، ورغم كل ذلك جاء العمل مخيبًا للتوقعات بدرجة كبيرة مع أنه يحمل التيمة الشعبية مضمونة النجاح في أغلب الأحوال.. 

 

وتدور معظم أحداثه في أماكنها الطبيعية بمدينة الإسكندرية عروس المتوسط بخصوصيتها الشديدة في كل شيء، ولكن هيهات هيهات فلم تكن للمسلسل هوية خاصة أو مورال وهدف واضح، فتارة يكون قريب من مسلسل ملوك الجدعنة لمصطفى شعبان وعمرو سعد وتارة أخري تجده يغازل فيلم المشبوه للزعيم عادل إمام والراحل سعيد صالح المقتبس عن الفيلم الأمريكي Once A Thief بطولة ألان ديلون وجاك بالانس..

 

فهو عن شقيقين سنكتشف فيما بعد أنهما ليسا كذلك! مجرمين بالوراثة من ناحية الأب والأم التي تساعدهما في جرائمهما في النصب والسرقة، قبل أن يتحول كل منهما لعداء الآخر والنيل منه بشتى الطرق غير المشروعة! وتستمر الصراعات بينهما وبين عدة أشخاص أخرى في أحداث غريبة وممطوطة. 

 


ورغم كل ما سبق فإن هذا العمل يتمتع بنسبة مشاهدة عالية جدًا نظرًا لشعبية نجومه خاصةً الجبار المدهش دومًا طارق لطفي في دور خضر، والنجم أحمد السقا الذي لم يكن في أحسن حالاته رغم بذله مجهودًا كبيرًا، وكذلك زينة والممثل التقيل باسم سمرة وفاكهة أي عمل المخضرم صلاح عبد الله، مع المتطورة مي كساب والشاطرة نهى عابدين، ولكن ليس بالضرورة بكبار النجوم والإنتاج الضخم نصنع عملًا متميزًا وحقيقيًا ولا عزاء للعتاولة!

الجريدة الرسمية