رئيس التحرير
عصام كامل

المسكنات.. ليست حلًا!

لا تزال عندى قناعة، وأظنها عند كثير من المصريين، أن أسعار أي سلعة إذا ارتفعت فلا تعود للانخفاض في مصر إلا في حالات نادرة؛ ورغم توفر السيولة الدولارية وتدفق النقد الأجنبي على مصر، سواءٌ من صفقة رأس الحكمة أو من صندوق النقد الدولى وأخيرا من أوروبا، إلا أن أسعار السلع الإستراتيجية على حالها لم تنخفض دون سبب مفهوم.. 

 

الأمر الذي دعا رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى للاجتماع بعدد من الوزراء ومسئولى اتحاد الغرف التجارية وعلى رأسهم أحمد الوكيل مطالبًا إياهم بسرعة الإعلان عن خفض الأسعار؛ وهو ما وعد به الوكيل مؤكدًا أن المواطن سيشعر بانخفاض تدريجي للأسعار خلال أسبوعين أو ثلاثة على الأكثر لاسيما في ظل الإفراج عن كثير من السلع من الموانئ بعد توفر الدولار.


ورغم يقيني أن خفض الأسعار ليس قرارًا تستطيع الحكومة أن تفرضه على التجار والمنتجين لاسيما بعد رفع سعر الدولار الجمركي.. لكن دعونا نتفاءل بما طالب به رئيس الوزراء مجتمع التجار وممثليهم بضرورة المسارعة بخفض الأسعار رحمة بالمواطن الغلبان، وما بشرنا به الوكيل.. إلى حين!


المدهش حقًا أن تبشرنا الحكومة على لسان وزير التموين الدكتورعلى المصيلحي بأن أزمة السكر في طريقها للانفراج، بعد قرار استيراد مليون طن من الخارج بدأت بالفعل إجراءات التعاقد على 300 ألف طن خام منها ستجد طريقها للأسواق ربما في غضون أيام..

حكومة جديدة

وهو ما يطرح سؤالًا جوهريًا: إذا كان الاستيراد أصلا هو المشكلة نظرًا لعدم توفر العملة الصعبة فكيف يكون هو الحل في الوقت نفسه.. وهل ستذهب عوائد الصفقة رأس الحكمة وقرض صندوق النقد والتمويل الأوروبي لشراء السلع وسداد الديون أم ستذهب لتشغيل المصانع وزيادة الإنتاج للوصول للاكتفاء الذاتي ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا..

 

وإذا كانت الحكومة قد اتخذت قرارًا بوقف تصدير السكر 3 اشهر أخرى (وهو بالمناسبة قرار سليم) فلماذا كان السماح بالتصدير أصلًا من البداية ونحن نعرف مسبقًا أن ذلك سيسهم في خلق أزمة تتسبب في رفع أسعار سلعة لدينا اكتفاء ذاتي منها في الأساس!


كنت أرجو لو خرجت الحكومة في مؤتمر صحفي جامع لتقول لنا كيف ستنفق مليارات صفقة رأس الحكمة وتمويلات صندوق النقد والاتحاد الأوروبي.. ثم تعلن كيف ستقضى على أزمة ارتفاع الأسعار.. وتتعهد بسد النقص في الأعلاف والسلع الاستراتيجية عن طريق التوسع الرأسي والأفقي في زراعة محاصيل مثل الذرة الشامية وفول الصويا وغيرهما من المحاصيل التي تدخل في تصنيع أعلاف الحيوانات والدواجن وكذلك القمح حتى نضمن استقرارًا دائمًا للأسواق..

 

ولا أدرى ما فائدة أكثر من 16 كلية زراعة في مصر إذا لم يجدوا حلولًا من خارج الصندوق لتوفير غذاء المصريين الذين تزداد أعدادهم في كل يوم بينما مواردهم كما هي، أو تزيد بنسب لا تتماشى مع متطلبات الزيادة السكانية.. 

 

 

صدقوني المسكنات لا تفيد في إصلاح جذري لمشكلات مستعصية.. نحن في حاجة ماسة لحكومة جديدة تضم مجموعة اقتصادية أكثر كفاءة وقدرة على وقف النزيف الاقتصادى، وتراجع العملة الوطنية وانهيار القوة الشرائية للسواد الأعظم من المصريين.. فمتى يحدث هذا التغيير الذي طال انتظاره؟!

الجريدة الرسمية