رئيس التحرير
عصام كامل

هل يشعر المواطن بانخفاض الأسعار فى الشهر الفضيل؟.. الرهان الصعب فى رمضان.. الدكتور على الإدريسى: الارتفاع سهل والانخفاض لا يحدث بين يوم وليلة والرهان على السلع الغذائية

السلع،فيتو
السلع،فيتو

كما كان متوقعا، بدأ العد التنازلى لانهيار السوق الموازية للعملة الصعبة، ومعه أصبح هناك انخفاضات ولكن بشكل طفيف فى بعض السلع، الأمر الذى يثير تساؤلات بشأن المدى الزمنى لانخفاض أسعار السلع بشكل ملموس حتى يشعر بها المواطن الذى يحيا أصعب أيامه منذ سنوات طويلة.

يقول الدكتور أحمد غريب، عضو شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية لمحافظة القاهرة، إن هناك 3 أنواع من السلع الغذائية فى السوق المصرى، يتم إنتاجها بالكامل فى مصر، وأخرى تصنع محليًا لكن مدخلات إنتاجها أو تصنيعها مستوردة، والنوع الأخير هى السلع المستوردة تمامًا من الخارج.

وأوضح أن أسعار السلع المستوردة مرشحة للانخفاض بنسب تتراوح ما بين 30 و40% أى بنفس نسبة انخفاض سعر صرف الدولار فى السوق الموازى، وينطبق نفس الأمر على السلع ذات المدخلات المستوردة مثل الأعلاف والألبان والأجبان وأنواع السمن والزيوت.

وأضاف أن المنتج المحلى كان يملك ميزة تنافسية فى الصادرات الوطنية بالخارج، مثل الموالح والبصل والثوم والبطاطس، موضحا أن أسعار هذه المنتجات ستفقد الميزة التنافسية لديها، وستبدأ فى الارتفاع عبر التصدير، أى أن هناك وجها إيجابيا كبيرا لانخفاض سعر صرف الدولار، على رأسها أن مدخلات الصناعات الغذائية أغلبها مستورد وعليه فإن كثيرًا من السلع ستنخفض، وجزء سلبى ضئيل فى ذلك، إذ يمكن أن تتأثر الصادرات المصرية من فارق العملة بين السوقين الموازى والرسمى.

وتابع: لكن الاستفادة كبيرة من تعافى الجنيه مرة أخرى، حيث يشجع ذلك الكثير من المستثمرين فى الصناعات الغذائية للتعامل مع السوق المصرى بما فى ذلك البيع بالأجل، وهو أداة من أدوات تطوير وتنمية التجارة التى يلجأ لها كثير من المصدرين فى الخارج، حتى تزيد حجم صادراتهم، وبالمقابل تزيد ثقة المصدرين بالخارج للبيع بالأجل لشركات الاستيراد المصرية.

وأشار إلى أن انخفاض سعر الصرف سينعكس على السلع المدعمة من الحكومة على البطاقات التموينية وأغلبها مستورد مثل القمح والزيت والدقيق التى ستنخفض أسعارها بما يجعل من السهولة توفيرها للمواطنين.

وقال «غريب» إن الانخفاضات الحقيقية والملموسة من المواطن، ستبدأ مع دورة لوجستية كاملة، أى بعد استقرار سعر الصرف وتوافر النقد الأجنبى لمدة 3 شهور، حينها يبدأ المواطن الشعور بالتأثير المباشر للانخفاض؛ مشيرًا إلى أن مراحل الدورة الاستيرادية هى توفير العملة، فتح الاعتماد المستندى، استيراد البضائع، الشحن، وصول البضائع إلى الموانئ المصرية، مرور البضائع بإجراءات الإفراج الصحى والبيطرى والعرض على الجهات المختصة التى تصل مدتها إلى 21 يومًا، ثم تبدأ سلاسل الإمداد بالتوزيع إلى الأسواق، ولذلك فإن متوسط عمر الدورة الاستيرادية من المورد إلى المستورد تصل إلى 3 شهور على الأقل.

أما سيد النواوى، نائب رئيس الغرفة التجارية لمحافظة القاهرة، فيقول إن أسعار السلع تراجعت تراجعًا طفيفًا فى الأسواق متأثرة بانخفاض سعر صرف الدولار فى السوق السوداء، ما عدا اللحوم التى تراجعت بنحو 30 جنيهًا تدريجيًا فى أقل من يومين بسبب قلة القوة الشرائية فضلًا عن خوف التجار من ركود اللحوم وعدم بيعها خلال فترة الصلاحية، ولذلك انخفضت أسعار اللحوم فى المجازر.

وأوضح «النواوي» أن تنظيم وانطلاق معارض أهلًا رمضان 2024 نجحت فى استقطاب المواطن، وتقليل القوة الشرائية من السوق الحر، باعتبارها منافسًا قويًا له فى الأسعار، الأمر الذى سيؤدى حتمًا إلى مزيد من الانخفاضات فى أسعار السلع، والأهم هو حصول المواطن على السلع بأسعار مخفضة مع قرب حلول شهر رمضان.

وعن الأسماك، يقول الدكتور محمد بكير، أستاذ الاستزراع السمكى بمركز البحوث الزراعية، إنه مهما انخفضت أسعار أعلاف الأسماك ومستلزمات الإنتاج لن يعود سعر السمك لأسعاره السابقة، قائلًا: “عمر السمك ما هتنزل أسعاره لأسعار زمان ويكون بـ30 جنيه، إذ لدينا محددات وتحديات فى تنمية الثروة السمكية منها تغذية الأسماك”.

وأشار إلى أن أسعار أعلاف الأسماك بدأت فى الانخفاض البطيء، وتراجع سعر الطن من 38 ألف جنيه إلى 36 ألف جنيه، وحاليًا يباع كيلو الأعلاف بنحو 37 جنيهًا، وكيلو السمك يحتاج إلى تغذية من العلف تبلغ 1.5 كيلو، واستطعنا من خلال تطبيق البحث العلمى تقليل كمية العلف وإعطاء نفس النتيجة إلى 1.3 كيلو من أجل تخفيض تكاليف الإنتاج، حتى نصل لسعر كيلو الأسماك 60 جنيهًا.

وأوضح «بكير» أن وزنة الأسماك (2 كيلو) على رأس الحوض (أى جملة) بـ 120 جنيهًا، أى أن كيلو السمك جملة بسعر 60 جنيهًا، ويباع فى أسواق التجزئة بأسعار تبدأ من 75 جنيهًا، مردفا: لدينا مشكلة فى التسويق بالسوق المحلى، إذ إن الحلقات الوسيطة ما بين المنتج والمستهلك تحصل على هامش ربح كبير، حيث تباع الأسماك بفارق يزيد على 15 جنيهًا على الأقل مقارنة بسعر الحوض، ولذلك نطالب بعودة دور التعاونيات وتعميمها للحصول على سعر عادل للمنتج والمستهلك.

وأضاف: أقصى ما نتمناه فى الفترة المقبلة انخفاض أسعار الأسماك من 80 جنيهًا إلى 60 جنيهًا، لكن لن ترجع أسعار البلطى لأقل من ذلك، ولن يكون هناك بلطى الغلابة بسعر 25 جنيهًا، مشيرًا إلى أن أسعار الأسماك ارتفعت فى السوق المحلى بنسب عالية مع ارتفاع أسعار الدولار.

وأكد أن مصر تصدر نحو 35 ألف طن سمك سنويًا، وتستورد 10 أضعاف، أى نحو 350 ألف طن، وما نستورده من أسماك لا يوجد منه إنتاج محلى، مثل الماكريل والتونة وسمك الأستوريد والهارنج الهولندى والدنمارك الذى يستخدم فى تصنيع الرنجة المدخنة، لافتا إلى أن بعض أنواع الأسماك يتم استيرادها وتوجه لتغطية احتياجات الفنادق والمدن السياحية.

وقال «بكير» إن أسعار الأسماك شهدت قفزة كبيرة بسبب سعر صرف الدولار ومنها سعر سمك الماكريل الذى كان يباع الكيلو منه فى فترات سابقة بـ5 جنيهات والبلطى بـ15 جنيهًا، وحاليًا تخطى سعر الماكريل 115 جنيهًا، أى أصبح اليوم أغلى من البلطى قائلًا: «كنا نصدر كيلو بلطى ونستورد بثمنه 10 كيلو مستورد الآن أصبح العكس مع ارتفاع سعر صرف الدولار».

وأوضح «بكير» أن هناك طفرة غير مسبوقة فى تنمية الثروة السمكية التى أصبحت على رأس أولويات الدولة المصرية، من خلال ضخ 7 مشروعات ضخمة، منهم مشروع تنمية الـ9 بحيرات، لافتا إلى أن أسعار الأسماك ستتراجع مع الانتهاء من جميع المشروعات القومية فى قطاع الثروة السمكية، حيث من المقرر أن يصل إنتاج مصر من الأسماك إلى 3 ملايين طن فى عام 2030.

ومن جانبه يقول الدكتور على الإدريسى، خبير الاقتصاد، إن سعر صرف الدولار تراجع بما يزيد على 30% فى السوق السوداء، وانخفضت أسعار عدد من السلع، على رأسها الدواجن واللحوم والحديد والذهب، لكن المواطن يأمل فى مزيد من الانخفاضات وهذا حقه، لكن التأثير أو الانخفاض لا يتم فى يوم وليلة مثل الارتفاعات، بل يحتاج إلى وقت تدريجى حتى يصبح انخفاضا واضحًا.

وتابع: اللحوم والدواجن ستحتاج إلى فترة حتى يتم الإفراج الجمركى عن الأعلاف ودخول دورات إنتاجية جديدة بتكلفة أقل للمنتج، أى أن ذلك سيحتاج إلى فترة 40 يومًا على الأقل أى بعد انتهاء موسم رمضان.

وأضاف: نحن مقبلين بعد أيام قليلة على شهر رمضان، وسيكون هناك زيادة فى الطلب على الشراء، وعليه سترتفع الأسعار مع زيادة الطلب لاسيما أن رمضان يتميز بسلوك استهلاكى متوارث عبر الأجيال، وعليه يجب على المواطن ألا ينتظر انخفاض أسعار السلع فى رمضان، بل نتمنى أن تستقر، ثم تبدأ مرحلة الانخفاض التدريجى فى الأسعار بعد شهر رمضان.

وأثنى «الإدريسي» على قرار الحكومة بشأن تحديد الحد السعرى لـ7 سلع غذائية هي الزيت والفول والأرز والسكر والمكرونة والجبن الأبيض واللبن، مؤكدًا أن هذه خطوة مهمة جدًا لضبط الأسواق، والحفاظ على حقوق المواطن الذى تعرض لممارسات احتكارية كبيرة فى بعض السلع الرئيسية.

وأضاف أن أى تراجع فى أسعار السلع فى مصلحة المواطن، لكن القضاء على السوق السوداء بأكملها سيكون النجاح الأكبر الذى ننتظره من الحكومة، فلا يصح أن يكون هناك سعران للصرف.

 

الجريدة الرسمية