رئيس التحرير
عصام كامل

مصير القوات الأمريكية فى الشرق الأوسط.. واشنطن فى مرمى النيران.. تساؤلات حول إمكانية انسحابها.. وخبراء: قرار صعب والتقليص وإعادة التموضع الأقرب

 القوات الأمريكية،
القوات الأمريكية، فيتو

تضاربت التصريحات بشأن مصير القوات الأمريكية فى الشرق الأوسط خلال الأيام الماضية، رغم احتدام الأوضاع وإرسال المدمرات العسكرية الأمريكية لأكثر من مكان داخل المنطقة بعد عملية طوفان الأقصى 7 أكتوبر الماضى.

الإجابة عن هذا السؤال ليست سهلة، لكن بعض الخبراء سلَّطوا الضوء على الإشكالية، وأولهم الدكتور معتز سلامة، الخبير والمحلل الاستراتيجى فى مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، موضحا أن الوجود العسكرى الأمريكى فى منطقة الشرق الأوسط تراجع بشكل كبير منذ فترة لا تقل عن الـ10 أو الـ15 سنة، وذلك وفقًا لاستراتيجية بدأت منذ أواخر عهد الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن، ثم اتضحت أكثر فى إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، وهى استراتيجية التوجه نحو الشرق الآسيوى، باعتبار أن الصين هى الخطر الأساسى الآن والمهدد الحقيقى للهيمنة الأمريكية فى العالم.

وتابع المحلل الاستراتيجى فى مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، بأن الوجود العسكرى الأمريكى يعرضها لهجمات وخسائر كبيرة ويشغلها عن معركتها وحربها الأساسية، وهى التنافس مع الصين وكبح جماحها فى العالم وتقليل نفوذها ومحاصرتها، مضيفا أن الإدارات الأمريكية أدركت ذلك خلال السنوات الماضية، وبعد أن كان عدد القوات الأمريكية فى العراق يتخطى عشرات الآلاف وصل إلى 3 آلاف جندى فقط.

واستطرد سلامة: “فى فترة ما، شعرت دول الخليج بالخطر الشديد من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، خصوصا بعد عقد الاتفاق النووى الإيرانى، وبالتالى كانت المعركة الأساسية لدول الخليج خلال الـ8 سنوات الماضية هو: كيف يمكن إعادة الضمانة الأمنية الأمريكية للمستوى الذى كانت عليه سابقا، أو على الأقل المستوى القادر على ردع إيران؟”، مشيرا إلى أن العديد من الظروف الإقليمية والعالمية خدمت المطلب الخليجى، ما جعل واشنطن تلتزم بنسبة من الضمانة الأمنية تجاه الخليج.

واستكمل: “الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب حاول ربط الضمانة الأمنية للخليج باعتبارات مادية بشكل أساسى، وقال هذا صراحة عندما صرح بأن الولايات المتحدة لن تقدم الضمانة الأمنية للخليج مجانا، بل مقابل المال، ولذلك أبرم عدد من الدول الخليجية العديد من الصفقات الاقتصادية والاستثمارية مع واشنطن تجاوزت مليارات الدولارات، ما أقنع الإدارة الأمريكية للمحافظة على ضماناتها الأمريكية وتواجدها فى المنطقة. مضيفا: “مع ذلك فالضمانات الأمنية التى قدمتها أمريكا لم تكن كافية، فعندما قام الحوثيون وإيران والفصائل التابعة لها بالاعتداء على السفن الخليجية، كذلك عند استهداف جماعة الحوثى لعدد من المناطق داخل السعودية بالطائرات المسيرة، ولم يكن الرد الأمريكى كافيا ورادعا.

واستطرد: “الآن الولايات المتحدة فى مرحلة انتقالية ما بين الوعود بالصفقة الكبرى للتطبيع فى المنطقة وما بين الرغبة فى إعادة تقليص وجودها والتزامها تجاه المنطقة حتى لا يشغلها هذا عن التركيز على هدفها الرئيسى المتمثل فى كبح جماح الصين والصراع والتنافس معها والحد من نفوذها حول العالم”.

وأشار معتز سلامة إلى أن انطلاق عملية طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر الماضى، واشتعال الأوضاع فى قطاع غزة، دفع الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة تكثيف وجودها العسكرى فى المنطقة إلى حد كبير، متوقعًا أن الاستراتيجية الأمريكية الكبرى هى الاتجاه نحو إعادة بناء استراتيجيتها مع الصين، لكن من غير المستبعد زيادة الوجود العسكرى الأمريكى فى الشرق الأوسط.

وفى حالة الانسحاب والحديث ما زال لـ”معتز”، فإنه سيكون مجرد مراوغة، بمعنى خروج الجنود وزيادة المستشارين العسكريين والأمنيين بملابس مدنية.

 

حقيقة سحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط

من ناحية أخرى، أوضحت نورهان الشيخ، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تتدخل عسكريا أو تنشر قواتها فى منطقة وانسحبت منها على الإطلاق، والاستثناء الوحيد وكان له ظروف شديدة الخصوصية هو الانسحاب من فيتنام وأفغانستان، لافتة إلى أن القوات الأمريكية فى أوروبا ما زالت متواجدة على الرغم من تفكك الاتحاد السوفييتى وانتهاء الحرب الباردة، كذلك ما زالت قواتها العسكرية فى اليابان وفى كوريا الجنوبية وغيرها من الدول، مشددة على أن واشنطن لم تنسحب إطلاقا من أى منطقة دخلت إليها.

وتابعت أستاذة العلاقات الدولية: “للأسف منطقة الشرق الأوسط أصبحت ساحة للمنافسة والصراع بين أمريكا وروسيا وبالتحديد الصين، فالرئيس الأمريكى جو بايدن قالها صراحة فى قمة جدة، إن أمريكا لن تترك فراغا تملؤه دول أخرى، وهو يقصد هنا بكين وموسكو. وبالتالى ليس هناك سحب قوات عسكرية من منطقة الشرق الأوسط بالكامل فى أى حال من الأحوال، مشددة على أنها قد تعيد تموضعها وأماكن تمركزها مثل ما حدث مع الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، عندما سحب جزءا من القوات الأمريكية فى سوريا وأعاد توزيعها فى العراق.

وعن تأثير ضغوطات الهجمات التى يتم شنها من قبل الفصائل المسلحة على قواتها فى المنطقة خصوصا بعد مقتل 3 جنود وإصابة 40 آخرين قرب الحدود السورية الأردنية خلال الأيام القليلة السابقة، قالت الشيخ: “هذه الضربات ليست جديدة، لقد حدثت فى أوقات أخرى بالفعل، والهجمات لن توجه السياسية الأمريكية، والخسائر المادية والبشرية لن تكون سببا لقيام واشنطن بانسحاب عسكرى من منطقة، هذه الناحية لا تتحكم فى السياسات الأمريكية، والدليل حجم الخسائر التى تكبدتها الولايات المتحدة فى أفغانستان لمدة 20 سنة ولم تنهِ تواجدها سوى باعتبارات أخرى”.

وبشأن الضغوطات التى تفرضها الدول المستضيفة للقوات الأمريكية والتى تطالب برحيلهم مثل العراق، أوضحت الشيخ أن بغداد عندما وقعت مع الولايات المتحدة الاتفاقية الخاصة بإنهاء الوجود الأمريكى داخل أراضيها ظهر تنظيم داعش الإرهابى، وهناك العديد من التحليلات والأدلة التى تشير إلى أن واشنطن كانت عاملا أساسيا فى ظهور التنظيم الإرهابى، وكان من ضمن أحد الأسباب هو تبرير استمرار الوجود الأمريكى، وهو ما حدث بالفعل بحجة القضاء على تنظيم داعش والإرهاب، لافتة إلى أن هذا قد يؤدى للأسف الشديد لظهور جماعات جديدة.. وتحت مظلة مكافحة الإرهاب أو غيرة تظل الولايات المتحدة فى المنطقة.

وأضافت: “من الممكن أن تقلص الولايات المتحدة من أعداد القوات العسكرية هنا أو هناك، ولكنها ستكون فى إطار إعادة التموضع والتوزيع، مثل سحبها من منطقة ونقلها لمنطقة أخرى، ولن يصل الأمر إلى الانسحاب الكلى أو إنهاء الوجود الأمريكى بشكل كامل”.

وعن تصريحات عدد من المسئولين الأمريكيين بشأن اعتزام واشنطن الانسحاب سواء من سوريا أو من العراق، أكدت الشيخ أن “الولايات المتحدة ليست جادة فى كل تصريحاتها، فقد أعلن بايدن فى وقت سابق عن سحب القوات الأمريكية بالكامل من سوريا خلال 100 يوم، وحتى الآن لم تنسحب، كان هناك إعادة تموضع، ولكن فى النهاية لم يتم الانسحاب الكلى، وأيضًا أوباما قال إنه سينسحب من العراق فى 2011 وبعد مرور 13 عاما ما زال التواجد العسكرى الأمريكى فى العراق”. مشددة على أن التصريحات الأمريكية ليس لها كامل المصداقية.

واختتمت الشيخ: “الولايات المتحدة تسمى دولة متعددة الرءوس، هناك البنتاجون وهناك الاستخبارات وهناك الكونجرس وهناك البيت الأبيض، وتصريح جهة واحدة لا يعنى أن باقى الجهات الأخرى الفاعلة فى صنع القرار توافق على ذلك القرار.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية