رئيس التحرير
عصام كامل

للأمل وجوه أخرى!

رغم قسوة الغلاء، وبشاعة جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق أهلنا في غزة في ظل عجز عربي وتواطؤ دولى.. لكن مشهد معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام وتدفق الملايين إلى باحاته وأجنحته وصالات عرضه، ليس لشراء واقتناء الكتب فحسب بل لحضور فعاليات ثقافية مشهد يعيد الروح للحياة الثقافية في مصر. 


معرض الكتاب وهو ثاني أكبر معارض الكتب في العالم  حقق رقمين قياسيين جديدين بأكثر من 3.5 مليون زائر خلال تسعة أيام، وقرابة 700 ألف زائر في اليوم التاسع وهو ما يحمل دلائل عديدة؛ فالمصريون لديهم من الوعي ما يكفى للاطمئنان على مستقبل هذا البلد؛ بحسبان القراءة والاحتفاء بالكتاب والفعاليات الثقافية مشاعل نور تضىء الطريق للإبداع والوعي بحجم التحديات وعظمة المتغيرات التي تحيط بمصر من كل جانب.


وإذا كان المشهد الشعبي بهذا القدر من الوعي والحرص على القراءة والثقافة.. فهل يهتم الوزراء والمسئولون بالقراءة، هل يجدون وقتًا لقراءة كتب في تخصصاتهم لاستلهام النجاح من تجارب ناجحة، وتجاوز عقبات كئود لا تزال جاثمة على صدور المواطنين من غلاء وجشع تجار وجنون دولار وضعف إنتاجية وغياب الروح الجماعية ووجود حلقات مفقودة بين التعليم وسوق العمل.

 

معرض  الكتاب هذا العام حافل بمشاهد استثنائية، فثمة وجبة ثقافية متنوعة جمعت بين الثقافة والفن والأدب والشعر حرص على حضورها جمهور عريض وهو ما يجعلنا نراهن على وعي هذا  الجمهور وحرصهم على تحقيق أقصى استفادة من هذا الحدث السنوي الاستثنائي.. 

الثقافة ومعركة الوعي

لكن السؤال الذي نحتاج من وزارة الثقافة بحسبانها الراعية الرسمية لهذا المعرض أن تجيبنا عنه: كم كتابًا بيع في هذا العام.. وما نوعية الكتب التي يحرص المصريون على قراءتها؟! وإلى أي مدى تأثرت سوق الطباعة والنشر بموجات الغلاء والتضخم.. وماذا فعلت الثقافة لدعم الكتاب.. وماذا  عن مشروع مكتبة الأسرة الذي حقق في سنوات سابقة منجزات لا يمكن إنكارها وجعل الكتاب في متناول كل من يريده ويحتاجه؟!


الثقافة ينبغي أن تظل أولوية قصوى على أجندة الحكومة؛ أي حكومة، إذا أردنا كسب معركة الوعي، فالقراءة تنمى العقل وتحفز على الإبداع والإنتاج والعمل.. أما الجهل فهو بيئة خصبة للتطرف والعنف والأمراض الاجتماعية والبدنية على السواء.. 

 

الثقافة أحد أهم أدوات القوى الناعمة، والثقافة الواعية هي الضمانة الحقيقية التي تعصم المجتمع من الضعف والتشرذم وتجعل المناعة الوطنية في أعلى درجاتها نشاطًا وحيوية وقوة.. وهو ما يحتاج لدعم الكتاب وانتقاء الأفكار البناءة لصياغة الوجدان والعقل الجمعى على أسس موضوعية تحفظ الهوية في مواجهة محاولات اختطاف العقول التي تشتد وطيسها على الفضاء الإلكتروني الذي يعج بمفاهيم خاطئة لا تجد للأسف من يتصدى لها ليحمى شبابنا وأطفالنا من مخاطرها.. وما أدراك ما تلك المخاطر!

 


القراءة مشعل تنوير.. وكما يقول عبدالرحمن الشرقاوي: الكلمة نور وبعض الكلمات قبور.. وبعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري.. الكلمة فرقان بين نبي وبغي.. بالكلمة تنكشف الغمة
الكلمة نور.. ودليل تتبعه الأمة.. عيسى ما كان سوى كلمة.. أضاء الدنيا بالكلمات وعلمها للصيادين
فساروا يهدون العالم.. الكلمة  زلزلت الظالم.. الكلمة حصن الحرية.. إن الكلمة مسئولية إن الرجل هو كلمة، شرف الله هو الكلمة.

الجريدة الرسمية