رئيس التحرير
عصام كامل

يورجن كلوب.. درسٌ لمن يحبون التوحد مع الكرسي!

يورجن كلوب بلغ ذروة النجاح في تدريب ليفربول الإنجليزي، فالرجل أعاد ذلك النادى للحياة من ذاكرة النسيان، وتصدر به الدورى الإنجليزى والأوروبي، وأعاده للأضواء والتوهج بعد إنطفاء دام 17 عامًا.. ورغم ذلك أعلن توقفه عن تدريب ذلك الفريق الكبير..

 

ولا ننسى أن يورجن كلوب كان أهم أسباب نجاح وشهرة نجمنا الدولى محمد صلاح، الذي لا يزال أعداء النجاح وعواجيز الفرح من المذيعين وقدامى اللاعبين لا يفوتون فرصة للتربص به إلا وانتهزوها، لإهالة التراب على نجاح والتشكيك في حرصه على بذل أقصى الجهد مع منتخبنا الوطنى.. لشيء في نفس يعقوب.

درس في النجاح والتواضع


المهم أن النجاح العريض للألماني يورجن كلوب لم يمنعه، وهو في قمة مجده، من وقف مسيرته العظيمة مع فريق عريق يتمناه كل مدرب، ولا دفعه نجاحه وتمسك إدارة النادي به للتوحد مع الكرسي كما يحدث عندنا في كثير من المواقع والمناصب، التي لا يكتفي البعض بالتأبيد فيها فحسب بل يسعى لتوريث أولاده لمهنته سواء كان أستاذا جامعيًا مشهورًا أو قاضيًا مرموقًا أو سياسيًا مرموقًا أو حتى لاعب كرة أو فنانًا ذا شهرة عريضة..

 

وتلك آفة حارتنا بامتياز؛ لا نشبع من المناصب والمكاسب، ولسان حالنا دائمًا ما يقول: هل من مزيد، مدفوعين بثقافة بيلدة تقول بوضوح: البحر بيحب الزيادة، وليتها كانت زيادة في النجاح والترقي لكنها إبحار في الفشل والفساد!


وإن أردتم دليلًا على صدق مقولتي فائتوني مثلًا بطبيب أو لاعب كرة أو فنان مشهور، كان إبنه الذي ورثه في مهنته أكثر منه شهرة وإنجازًا وإبداعًا.. صدقونى لو حدث هذا فهذا استثناء أما القاعدة فعكس ذلك تمامًا!
 

المهم أن يورجن كلوب كشف عن أسباب رحيله قائلًا، وهذا بيت القصيد، "لا يمكنني البقاء في قمة عطائي للأبد.. ولذلك أخبرت النادي وأخبرت الجهاز التدريبي والآن أخبرت الجميع. ما زلت أظن أن هذا هو القرار الصحيح. أنا لا أتعامل مع هذه القرارات ببساطة".


يورجن كلوب لم يعتزل التدريب نهائيًا، بل حصل على إجازة معلنًا أنه لن يدرب في إنجلترا، قائلًا: "أقوم بهذه الوظيفة منذ 24 عامًا ولكي تحظى بمسيرة مثل التي حظيت بها فسيتحتم عليك بذل كل ما لديك من أجلها".


وأضاف: "شعرت بالراحة حينما اتخذت قرار الرحيل لنفسي.. المشاعر مختلطة اليوم.. لا أشعر بعواطف كبيرة الآن كما سيكون الحال في آخر يوم بالموسم".


أهم ما في كلام يورجن كلوب أنه نسب الإخفاق لنفسه ولم يقل ليس في الإمكان أحسن مما كان.. يقول: "بنينا أساسًا قويًا هنا وهذا هو أحد أسباب قدرتي على الرحيل.. حققنا 97 و94 نقطة ولم نفز بالدوري الإنجليزي ولم نفز بدوري الأبطال، لم يكن هذا بسبب تعاقد لم نقم بإبرامه، إذا أردت أن تلوم شخصًا ما فعليك توجيه اللوم لي..

 

امتلاكي لفريق قادر على فعل ذلك هو أمر استثنائي.. كوني لست المدرب في الموسم المقبل فلا يعني هذا ألا نأخذ جميع الخطوات الصحيحة الآن، سوف نقاتل من أجل كل شيء هذا الموسم"..

 

هذا درس بليغ لمن أراد النجاح والتواضع في قمة النجاح، والحرص على عمل كل شيء حتى وأنت تغادر منصبك ولا تقول "وأنا مالى.. أنا كده كده ماشي".. هذه روح إيجابية ينبغى أن نستلهمها في حياتنا، وهى روح تتوافق بالطبع مع قول نبينا الكريم: "إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها".
 

 

 * ورغم ما قيل عن رغبة البعض في توريث جمال مبارك.. وما كان يجري من ترتيبات لتوليه السلطة من بعد أبيه.. لكن إحقاقا  للحق فإن الرئيس مبارك كان ضد توريث الحكم لابنه تماما.. وهذه شهادة للتاريخ!

الجريدة الرسمية