رئيس التحرير
عصام كامل

الوزير السياسي الذي نحتاج إليه!

مع إنجاز كل استحقاق رئاسي جديد تتطلع أبصار الناس إلى تغيير الحكومة؛ رغبة في ضخ دماء جديدة ربما تحمل في جعبتها حلولًا لمشكلات قديمة متجددة مثل ارتفاع الأسعار أحيانًا بلا مبرر؛ حتى باتت تؤرق ليس الفقراء وحدهم بل أغلبية المواطنين؛ فما يرتفع سعره عندنا لا يعرف طريقه للهبوط إلا نادرًا وربما لا يعرف للتراجع سبيلًا..

 

التغيير في حد ذاته يرفع منسوب الرضا لدى المواطن الذي يعتقد أن الحكومة مسئولة عما يعانيه، سواء تسببت بقراراتها في ذلك بصورة مباشرة أو لم تكن سببًا مباشرًا فيه.


فحين استهل الناس عامهم الجديد استبشروا خيرًا لكنهم فوجئوا بارتفاعات متتالية لأسعار خدمات تمسك الحكومة بناصيتها كالاتصالات والمواصلات ناهيك عما تشهده الأسواق منذ فترة من زيادات غير مفهومة ولا مستساغة لسلع استراتيجية تنتج منها مصر ما يكفي احتياجاتها المحلية مثل السكر والأرز.

تغيير الحكومة

اعتاد الناس أن يعقب انتخابات الرئاسة تغيير الحكومة؛ والتغيير مناسبة تجعلنا نتطلع للتأكيد على ضرورة اختيار وزراء سياسيين يمتلكون القدرة على الإدارة ورسم السياسات، والأهم أنهم يمتلكون حسًا سياسيًا وأفقًا واسعًا وخبرة وثقافة ورؤية سياسية تتسق مع اتجاهات الدولة وطموحاتها، رؤية شاملة لطبيعة ومقتضيات منصب الوزير الذي ليس شرطًا أن يكون متخصصًا أو تكنوقراطيا ماهرًا في مجال وزارته.. 

 

فالوكيل الدائم للوزارة يمكنه الاضطلاع بذلك ليكفي الوزير شرور الإغراق في تفاصيل العمل الفني والإداري والأوراق والتقارير ليتفرغ للجمهور؛ يضع الخطوط العريضة لمستهدفات وزارته، ويختار معاونين أكفاء لتنفيذها ثم يراقب الأداء والإنجاز وينهض بالتقويم والمراجعة وسد الثغرات.. 

 

مدركًا بأن رضا الجمهور عن أدائه وأداء مرءوسيه هو المعيار الأهم لإثبات نجاحه أو فشله في مهمته، واعيًا بأن رفع منسوب الرضا الشعبي عن سياسات الحكومة وقراراتها هو أهم ما ينبغي أن تسعى لتحقيقه أي حكومة راشدة. 


نتمنى أن يعود الوزير السياسي مع التشكيل الجديد؛ فالعقل السياسي يملك مرونة المراجعة والوعي والقدرة على التفكير خارج الصندوق ونزاهة القرار والاختيار بشفافية، وعدالة وتقبل النقد والمحاسبة والمساءلة والتفكير السليم، وتقبل الرأي الآخر والقدرة على التغيير وعدم التشبث بالرأي.. 

 

أوالوقوع في شراك المضللين المنافقين الذين يزينون الأخطاء بمنطق كله تمام وأصحاب المصالح الذين يقفون حائلًا بينه وبين الناس، أو بينه وبين التواصل مع الرأي العام والإعلام والصحافة والجمهور، يملك ترمومتر حساسًا وبوصلة لا تخطيء، والأهم رؤية سياسية يترجمها لبرنامج عمل تنفيذي يحقق الأهداف بقوة واقتدار.


نحن نمر بمرحلة دقيقة وبالغة الصعوبة تحتاج للتدقيق في اختيار الوزراء وكل القيادات العليا بكل موقع بعناية بالغة؛ واختيار أهل الكفاءة والخبرة وليس أهل الحظوة والثقة، نحتاج لقيادات تؤمن بروح الفريق وتبني على ما سبق، لا أن تنسف القديم كله حتى لو كان صالحًا كما هو حادث وشائع في مجتمعاتنا للأسف، فلا وقت لاختراع العجلة ولا وصف الموصوف ولا أن نمشى خطوات ثبت عدم جدواها.. 

نريد حكومة ووزراء قادرين على إجابة أسئلة الوقت: ماذا سنفعل للتخلص من الديون.. وأزمة الدولار.. كيف سنتعامل مع سد النهضة والفقر المائي وانقطاع الكهرباء والتضخم وارتفاع الأسعار، وملفات التأمين الصحي الشامل والتعليم وخصوصًا الثانوية العامة والتنسيق.. وأخيرا كيف نعيد رسم البسمة على وجوه طال عبوسها؟!

الجريدة الرسمية