رئيس التحرير
عصام كامل

جنوب إفريقيا تنتصر لفلسطين

أمران بعثا الراحة في نفسي، في دعوى جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد الكيان الصهيوني، أولهما؛ الإجراءات العاجلة التي طالبت بها جنوب إفريقيا في دعواها، فالوقف الفوري للعدوان الوحشي على المدنيين العزل، يعد مطلبا أساسيًّا، بل وقد صار طموحا لكل المبادرات، والتحركات العربية، والدولية.

كذلك توصيل المساعدات الطبية، والغذائية، والإنسانية، بأمان، وفي سرعة لإنقاذ الفلسطينيين، أطفالا وشيوخا ونساء، من برد الشتاء القارس، وإغاثتهم من الجوع الضاري، وتضميد جراح أجسادهم، لأن جراح الأرواح لن تندمل لعقود.

 وقف مؤامرة التهجير القسري

أيضا، فإن وقف مؤامرة التهجير القسري من القطاع، بات حلما، يكاد يكون بعيد المنال. الأمر الثاني هو أن القضية غدت بمثابة العار الأبدي لإسرائيل ومن وراء إسرائيل، حتى لو لم تقضِ المحكمة اليوم بقرار لصالح مطالب جنوب إفريقيا.. وهو نصر أدبي ومعنوي للفلسطينيين ولقضيتهم العادلة، ويا للأسف، فقد جاء بيد غير عربية!

 

أكثر من 23 ألف شهيد، و59 ألف جريح، وما يقرب من 2 مليون نازح، وتهديدات بالقصف بقنبلة نووية، ومحاولات مستميتة لتهجير سكان قطاع غزة من أرضهم، واستخدام أسلحة محرمة دوليا ضد أبرياء عزل.. وماذا بعد؟!

 

المثير أن إسرائيل تحاكم أمام محكمة العدل الدولية، لأول مرة في تاريخها، بموجب اتفاقية جنيف لمنع جرائم الإبادة الجماعية، والتي أبرمت عام 1949، أي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، مباشرة؛ واستهدفت نصرة اليهود بعد مزاعم تعرضهم لمخاطر الإبادة آنذاك.

 

محكمة العدل الدولية، التي يطلق عليها أيضا اسم المحكمة العالمية، هي أعلى هيئة قانونية تابعة للأمم المتحدة، تأسست عام 1945 للتعامل مع النزاعات بين الدول. ولا ينبغي الخلط بينها وبين المحكمة الجنائية الدولية القائمة على المعاهدات، التي تتخذ أيضا من لاهاي مقرا، وتتعامل مع تهم جرائم الحرب الموجهة ضد الأفراد.

 

انتهاك التزامات معاهدة الأمم المتحدة

وتتعامل هيئة محكمة العدل الدولية المؤلفة من 15 قاضيا، والتي أضيف إليها قاض واحد من كل طرف في قضية إسرائيل، مع النزاعات الحدودية والقضايا المتزايدة التي ترفعها الدول لاتهام أخرى بانتهاك التزامات معاهدة الأمم المتحدة.

 

وتلزم اتفاقية الإبادة الجماعية جميع الدول الموقعة ليس فقط بعدم ارتكاب الإبادة الجماعية، بل وبمنعها والمعاقبة عليها. وتعرف المعاهدة الإبادة الجماعية بأنها الأفعال المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية.

 

وطلبت جنوب أفريقيا من المحكمة أن تأمر إسرائيل بتعليق عملياتها العسكرية في غزة، ووقف أي أعمال إبادة جماعية أو اتخاذ إجراءات معقولة لمنع الإبادة الجماعية، وتقديم تقارير منتظمة إلى محكمة العدل الدولية حول مثل هذه الإجراءات.

 

ومن بين ما ذكره فريق الدفاع بجنوب أفريقيا في دعوى اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية في غزة، أن إسرائيل هاجمت وقتلت الفلسطينيين في غزة برا وجوا وبحرا وارتكبت معظم صور الجرائم في اتفاقية مكافحة الإبادة الجماعية.

 

ميثاق الإبادة الجماعية

وقال أيضا: ليس من الضروري إثبات أن ما كل ما تقوم به إسرائيل في غزة يشكل خرقا لميثاق الإبادة الجماعية، لكن يكفي أن تثبت المحكمة أن بعض ما تقوم به إسرائيل يشكل خرقا لهذا الميثاق.. هذه الخروقات مفصلة في الطلب الذي تقدمت به جنوب أفريقيا بأن ما تقوم به إسرائيل يشكل خرقا للفقرة A2 من الميثاق بحسب ما صرح به الأمين العام للأمم المتحدة.

الفلسطينيون في غزة يُقصفون أينما ذهبوا وأينما لجأوا وحتى في محاولة فرارهم، كما تعرضوا للنزوح والتهجير القسري.

 

 

غزة تحولت إلى مقبرة للأطفال على حد وصف الأمم المتحدة، وفُرضت أوامر الإخلاء والتهجير من الشمال إلى الجنوب بدون تقديم أي مساعدة إنسانية مع قطع متطلبات الحياة عن قصد، بهدف تهجير الفلسطينيين وتدميرهم، وننتظر اليوم قرار المحكمة في الأدلة التى قدمتها جنوب إفريقيا لإدانة إسرائيل إيقاف جرائمها.

الجريدة الرسمية