رئيس التحرير
عصام كامل

عرايا ملعب اليرموك

يقول الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه عن الظلم أبيات تهز كيان الإنسان السوي، فيحذرنا قائلا:
أما والله إنَّ الظُلم شؤمُ           وَلاَ زَالَ المُسِيءُ هُوَ الظَّلُومُ
إِلَى الدَّيَّانِ يَوْمَ الدِّيْنِ نَمْضِي    وعند الله تجتمعُ الخصومُ
ستعلمُ في الحساب إذا التقينا   غَدا عِنْدَ المَلِيكَ مَنِ الغَشُومِ
ستنقطع اللذاذة عن أناس      من الدنيا وتنقطع الهمومُ
لأمرٍ ما تصرّفت الليالي     لأمرٍ ما تحركت النجوم.

 

وهل هناك ظلم أكثر مما يحدث في غزة منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر! وهل نعد أنفسنا عادلين إن لاذ أغلبنا بالصمت الجبان والمتواطئ.. فى الحقيقة نحن ظالمين أيضا إن إلتزمنا الصمت وسكت أغلبنا عن الفظائع التى تطبعنا واعتدنا عليها وكأنها من طبائع الأمور وضروريات الحياة الخانعة القانعة بكل دنيىء ورخيص.


انحطاط العدو فى ملعب اليرموك

بالأمس قامت قوات العدو الجبان باختطاف أطفال ونساء وكهول عزل من وسط غزة الجريحة الوحيدة، والتى عدمت كل أشقاء الندامة من العرب والمسلمين، ولم يكتف العدو الخسيس باختطافهم بل جردهم من ملابسهم إلا فقط ما يستر العورة المغلظة وسط أجواء صقيع تشهدها المنطقة..

 

لكن يبدو أن دماء الكثير منا تجمدت وفقدت آدميتها وكرامتها، فلم تدين مؤسسة دينية أو نسوية أو حقيقية ما حدث، اللهم إلا منظمة الجهاد الإسلامى وحدها، وخرس الجميع ولم يكترثوا بتلك الجريمة المهينة، فأصبحوا مع الظالمين بالصمت المتواطىء الخائن، ورضوا بأن تهدر كرامتهم ويستباح شرفهم دون أدنى شعور بالخزي وضياع النخوة والتعايش مع الهوان!

لماذا نكتب؟


إن كانت أقلامنا ومواقعنا الصحفية ومنصات التواصل لا تكترث بحدث مثل هذا، فما هى فائدتها، وأى قيمة لها هى قيمة وهمية خادعة، وإن كان حدث تافه كمبارة لفريق كرة أو أغنية إباحية لمغنية ساقطة تستأثر بعناوين صحفنا واهتمام أغلب المتابعين المغيبين طوعا أو قسرا، فبئس القوم نحن ولنتربص مكر الله وانتقامه لأننا أصبحنا ظالمين أيضا.. 

 

فالاهتمام بأمر المستضعفين فى كل مكان وليس فقط المسلمين هو جوهر عقيدتنا وديننا، فما بالك إن كان هؤلاء المستضعفين هم أهلنا ورحمنا وجيراننا وأشقاء لنا فى العقيدة!

عرايا بكامل ملابسهم

فى واقع الأمر، كل من يريح أعصابه ويتجاهل ما يحدث من جرائم ضد الإنسانية فى غزة، هو من تعرى من كرامته وإنسانيته وتجرد من كامل قيمه، حتى وإن ارتدى أغلى الثياب، العاري ليس من جرده الأعداء الأنذال من ملابسهم لأنهم يقامونه، ويسعون لتحرير أرضهم من غيه، العاري هو من ارتضى بأن يحدث كل ذلك ولا يتأثر ولا يقاوم حتى بالكلمة، أو بالصورة وذلك أضعف الإيمان حاليا.

 


إن كل مؤسسة دينية كانت أو حقوقية أو نسوية صمتت على كل تلك الانتهاكات الحقيرة لفئة مستضعفة من فئة مجرمة، هى منظمة مارست رقص الإستربتيز حرصا على بقاء جبان أو خوفا على أموال مشبوهة أو خيانة لمبدأ لم تعرفه يوما وتاجرت به فقط لتتربح من أحط المصادر.. لك الله يا غزة.
Fotuheng@gmail.com

الجريدة الرسمية