رئيس التحرير
عصام كامل

حديث قلب

عودة الحياة للتاريخ الشفوي

الكلمة المنطوقة أو المحفوظة في الذاكرة والمنقولة شفهيا، تعتبر نمطا أصيلا ومميزا من أنماط السرد التاريخي، كوسيلة صحية لبقاء الأحداث ونقلها عبر العصور، كعنصر من عناصر الثقافة المتحركة بين العقول، ووسيلة لرسم حياة حافلة بكل تفاصيلها وأحداثها، وكمنهج يعني بالذاكرة الحية!
 

وإعتمد المسلمون الأوائل على الذاكرة أكثر من الحفظ، وبدأ التدوين الحقيقي عندما طلب رسولنا الكريم (محمد صلى الله عليه وسلم) كتابة ما يميله عليه الوحى في مكة المكرمة أو المدينة المنورة.

 

ولقد قدمت المؤرخة المصرية المعروفة الدكتورة سعاد سيد محمد إبراهيم الفجال الاستاذ المتفرغ بالمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي كتابها الثامن ضمن مؤلفاتها المتعددة والمتنوعة وكان عنوانه: عودة الحياة للتاريخ الشفوى ذاكرة التاريخ، الصادر عن دار السحاب.. 

 

وهذا ملخص سريع لأبرز صفحاته، حيث يعتبر التاريخ الشفوى أحد الروافد الهامة في التاريخ البشرى، وهذا النوع من التاريخ يعرف بأنه التاريخ المحكى أو تسجيل وحفظ وتفسير المعلومات التاريخية لأشخاص مهمين، أو أشخاص عاصروا أحداث هامة اعتمادا على خبراتهم، وعلى ما سمعوه من أحداث.. 

 

أو بمعنى أشمل التاريخ المروى والذي يعنى بدراسة الأحداث الماضية من خلال الكلام الشفهي -الكلمة المنطوقة- أو المحفوظة فى الذاكرة والمنقولة شفهيًا. فهو يعتبر نمطًا أصيلًا ومميزًا من أنماط السرد التاريخي لأنه وسيلة صحية لبقاء الأحداث التاريخية وإرسالها عبر العصور.. 

 

لكونه عنصرا من عناصر الثقافة المتحركة بين العقول، ووسيلة لرسم حياة حافلة بكل تفاصيلها وأحداثها، وربما كان من الأجدر أن نسمى هذا منهجًا يعني بالذاكرة الحية، وفي اعتقادنا أن تناول موضوع محتوى الكتاب يعتبر نقلة نوعية نستطيع الاعتناء به في تغيير مسارات وحركة التاريخ، ونتائج الحياة بما يستكمله من نواقص فى تاريخ البشرية.. 

 

ولعلنا ترى أن عرض هذا الكتاب يقدم أطروحة التاريخ الشفوى، حيث أن جميع المجتمعات تحمل في طيات تاريخها نقصا لا يمكن تجاهله، مما يستدعى البحث والتقصي والتحرى عن الموضوعات التي تمس التاريخ الشفوى للتباحث فيه وتتناقل أسراره، لنستكمل ما به من نواقص للأحداث التي مازالت في خيبة التاريخ، ويغفلها في تسجيل أحداثه وسرد حوادثه بكل الصدق والشفافية وبشكل علمى ومنهجى ليحقق نتائج إيجابية ملموسة.


فالتاريخ الشفوى نجده بكل صدق أنه أصدق من التاريخ المدون وأكثر فعالية وهدف للدور الذي يقوم به، لأنه أكثر ايصالا إلى ذهن المتلقى خاصة في السن المبكرة.

 
وبنظرة سريعة عند تناولنا للخلفية النظرية للتاريخ الشفوى عند العرب قبل الإسلام فإن له نصيبا من الأخبار التاريخية التي تتداخل فيها الحقائق بالأساطير، تداخلا من الصعب التميز بين الأمور الأشد صعوبة، لعدم وجود مدونات يرجع إليها عند المقابلة أو التمحيص أو التحقق، وكان أكثرها يدور حول أيام العرب إلى جانب أنها لا تخلو من العصبية والتعصب رغم أهميتها التاريخية.. 

 

وكان للعرب عند ظهور الإسلام نصيب من الاهتمام بالتاريخ في التراث الشفوى، خاصة عند ظهور الإسلام، بدأت عملية التدوين الحقيقي للمسلمين عندما طلب رسولنا الكريم صلى الله وسلم كتابة ما يمليه عليه الوحي في مكة أو المدينة، كما أن الأحاديث النبوية تتصل اتصالًا وثيقًا بنشأة التاريخ عند المسلمين بعد القرآن الكريم، حيث إن كلمة حديث تعنى الأصل الخبر أو الرواية الشفوية في موضوع ديني أو دنيوى، حيث إن المسلمين الأوائل اعتمدوا على الذاكرة أكثر من الحفظة. 

 

 

ولعلنا ندرك أهمية موضوع الكتاب للاستفادة منه في حياتنا المعاصرة، من خلال التأكيد على تسجيل ما يدور في حياتنا اليومية المعاصرة للأحداث، حتى يستفيد منها الأجيال القادمة مستقبلا ونقرأ ما بها من بين السطور في حياتنا الحالية، لعلها تكون معينا لنا على ما يدور حولنا من أحداث نتنبأ بها للمستقبل والحاضر كما أنها لن تعطى الفرصة لغيرنا في تسجيل تاريخنا بدلًا منا أو تزييف الحقائق من حولنا!

الجريدة الرسمية